صادقت الحكومة على النظام التعويضي الخاص بالجمارك بما يضمن زيادات قياسية في الأجر القاعدي تصل إلى حدود 85 بالمائة، بحسب ما أعلن عنه المدير العام لهذا السلك «محمد عبدو بودربالة»، الذي أكد كذلك أن القانون الأساسي سيكون جاهزا قبل نهاية العام الجاري، متوعّدا بمحاربة صارمة لكل مظاهر الرشوة والفساد المنتشرة في القطاع رغم اعترافه بأن القضاء عليها نهائيا يبقى أمرا في غاية الصعوبة. كشف المدير العام للجمارك «محمد عبدو بودربالة» أن قضية محاربة الرشوة في السلك تبقى واحدة من أكبر الانشغالات، وعلى الرغم من نفيه بعض الأرقام المتداولة بشأن عدد العمليات التي تمّ تسجيلها بهذا الخصوص، فقد صرّح أنه «لا يُمكن بأي حال من الأحوال محاربة الرشوة بعصا سحرية..»، وأشار إلى أن القانون الأساسي للقطاع يأخذ في الحسبان هذا العامل من خلال إقرار تدابير عقابية داخلية ممثلة في تطبيق قواعد الانضباط إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى العدالة للحسم في الملفات الخطيرة. وأمام تداول بعض الأرقام التي تُشير إلى تورط 72 عونا جمركيا من مختلف الرتب في قضايا رشوة أحيلوا على العدالة، أورد «بودربالة» في حصة «ضيف التحرير» للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية، بأن عدد الحالات تراجعت العام الماضي قياسا بما كانت عليه في 2009، وتُفيد معطياته أنه من بين 170 عونا جمركيا يشتبه في تعاطيهم رشوة، برّأت لجنة الانضباط الداخلية 109 منهم، فيما أحيل البقية على العدالة. إلى ذلك أكد المتحدث أنه من بين 150 قضية رشوة مسجلة في 2009، تمت إحالة 10 أعوان فقط على الجهات القضائية، فيما تمّ تقديم 14 حالة على العدالة من مجموع 166 قضية رشوة مسجلة في العام 2010، معترفا في سياق حديثه بتهريب تسعة حاويات من «ميناء الجزائر» في الفترة الأخيرة «وقد تمت العملية بالتواطؤ مع أعون الجمارك أو من طرف أصحاب الحاويات أنفسهم»، مضيفا أن مصالح الأمن تمكنت من تحديد الأماكن التي هُرّبت إليها الحاويات وقدمت جميع المتورطين إلى العدالة. وفي رسالة واضحة بهدف طمأنة أعوان وعمال هذا السلك، أفاد «محمد عبدو بودربالة» أن الوزير الأول وقّع على المرسوم الخاص بنظام التعويضات الجديد للجمارك وأرسل للنشر في الجريدة الرسمية في 3 أفريل، معلنا أن الزيادات المرتقبة في رواتب أعوان الجمارك ستصل إلى 85 بالمائة من الأجر القاعدي، على أن يتم تطبيق الزيادات بأثر رجعي ابتداء من جانفي 2008، وأبرز أن المرسوم اشتمل تعويضات بنسبة 40 بالمائة عن المخاطر، وبنفس النسبة للأعوان الذين يتشغلون على مدار الساعة، بالإضافة إلى تخصيص منحة بنسبة 10 بالمائة للبحث العلمي. وعند حديثه عن القانون الأساسي الجديد للجمارك أكد أنه سيوفر للإدارة الجمركية الوسائل اللازمة لاتخاذ مزيد من الإجراءات التأديبية بطريقة أكثر وضوحا وتحديدا للتدخل، في حال ثبوت تورط أي عون في أعمال فساد أو مخالفات، وأوضح في هذا الخصوص أن العقوبات أصبحت محددة ومعرفة أكثر، مشيرا إلى أن «القانون قد منح الأولوية لإدارة الجمارك لتمكينها من معالجة هذه الحالات داخل المؤسسة، قبل مناشدة القضاء». كما أشار ذات المسؤول إلى أن القانون الجديد خلق منصبين جديدين في سلك الجمارك، هي مراقب العمليات الجمركية، الذي يُعتبر بمثابة أعلى رتبة في سلك المراقب الجهوي العام، الذي توكل له مهام التنسيق والإشراف على متابعة العمليات الجمركية عبر الشريط الحدودي الممتد على مسافة 6 آلاف كيلومتر، بالتنسيق مع رجال الدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي، كما ذكر أن الإدارة العامة للجمارك خلقت 23 منصبا دخل الخدمة 10 منهم في كل من تلمسان، وعنابة إلى جانب تبسة وبشار. وقال ضيف القناة الإذاعية الثالثة إن مشروع القانون المتواجد حاليا على طاولة الحكومة، والذي سيطبق بعد مصادقة البرلمان عليه نهاية السنة الجارية، يتضمن العديد من الامتيازات لأعوان الجمارك فيما يخص تحديد المهام وسلم الرتب وكذا الترقيات، والهدف منه هو «توفير الحماية المادية للأعوان، وتحسين أدائهم بما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني». وبرّر «بودربالة» اعتماد رتب جديدة في سلك الجمارك «من أجل إعطاء دفع جديد في الجهاز وتشجيع الإدارة وجعلها أكثر جاذبية للترقية»، ولفت إلى أن «هذه هي المرة الأولى التي يكون لدى الجمارك قانونها الخاص بالمقارنة مع قانون 199 لأنه أكثر وضوحا ويحدد المهام والتدرج قي المناصب العليا»، وتابع «إنه يعيد النظر في التصنيفات والرتب المهنية، ويرسم بكل دقة الحقوق والواجبات لجميع عمال وموظفي إدارة الجمارك، كما سيتضمن أيضا إجراءات لحماية الموظف أثناء تأديته مهامه».