أصبحت ظاهرة احتراق العدادات الكهربائية بدون سبب ظاهر بالبليدة، تثير قلق وخوف المواطنين والسلطات المعنية على حد سواء، وذلك لما تخلفه من آثار وخيمة على صحة وأمن المواطنين، ولعل ما يعكس خطر هذه الظاهرة التي تفاقمت هذه الأيام مع الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، والاستهلاك المتزايد للطاقة الكهربائية، هو الأرقام التي قدمتها كل من مديرية الحماية المدينة، والخسائر التي تتكبدها مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز للوسط. احتراق 157 عدادا منذ بداية 2012 وفي هذا السياق أشارت معطيات مديرية الحماية المدنية، أنه تم تسجيل خلال السداسي الأول من هذه السنة 2012 احتراق 157 عدادا كهربائيا، في أكثر من 15 حادث سجل عبر مختلف بلديات الولاية، لا سيما منها ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وعرفت الظاهرة استنادا لذات المصدر تناميا متزايدا من سنة إلى أخرى، حيث ارتفعت حصيلة حرائق هذه المعدات من 275 عدادا متلفا في 2009 إلى 327 عدادا في 2010، و 334 عدادا في 2011 مما يعني إتلاف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أكثر من 1000 عداد كهربائي، فيما تم إنقاذ 60 عدادا آخر، هلع و إغماءات في صفوف المواطنين وكثيرا ما تثير هذه الحوادث هلع وإغماءات في صفوف المواطنين، لا سيما منهم كبار السن والأطفال الذين غالبا ما يجدون أنفسهم محاصرين، بين ألسنة النيران والدخان الكثيف، الناجم عن احتراق العدادات، في انتظار تدخل أعوان الحماية المدنية لتسوية الوضع وإسعاف المتضررين، كما أنه غالبا ما تلحق أضرار جسيمة بممتلكات المواطنين القاطنين بالطابق الأرضي للعمارات، باعتبار أن هذه المعدات مجمعة في خزائن محاذية لشققهم، يضاف إلى ذلك الإزعاج الذي يصاحب فترة الانتظار لتصليح العطب، وإرجاع التيار الكهربائي لقاطني العمارة أوالحي، وطالما شكلت أحياء “جيلالي بونعامة” بمدينة البليدة، و”أول ماي” بأولاديعيش وأحياء أخرى بالأربعاء وبوقرة وبوفاريك ذات الكثافة السكانية العالية، مسرحا لمثل هذه الحوادث التي أضحت استنادا لمصالح مديرية الحماية المدنية، تمثل نقاطا سوداء على مستوى الولاية، بالنظر لتكرار بها في كل مرة، الحوادث تكثر بين 18:00 ومنتصف الليل هذا وتكثر هذه الحوادث بين السادسة مساء ومنتصف الليل، حيث يزداد تدخل أعوان الحماية المدنية لإخماد مثل هذه الحرائق، حسب ما أكدته هذه الهيئة مما يعطي تفسيرين أساسين أحدهما الاستعمال المفرط للطاقة الكهربائية في أوقات الذروة، أو التحايل على مؤسسة سونلغاز بسرقة الكهرباء، باعتبار أن أعوان هذه المؤسسة يكونون خارج الدوام، وهو ما ذهبت إليه مصالح مؤسسة سونلغاز، حيث اعتبرت هذا التوقيت كمؤشر لعمليات سرقة التيار الكهربائي، التي تكون من بين الأسباب المؤدية لتنامي ظاهرة احتراق العدادات الكهربائية، باعتبار أن أعوانها لا يكون في وقت الدوام لمراقبة المواطنين، مما يسمح ل”عديمي الضمير” بسرقة هذه الطاقة والتموين بها بصورة مجانية، ونفت في ذات السياق مصالح سونلغاز أن يكون أمر تجميع العدادات الكهربائية في مكان واحد، وراء اندلاع الشرارات الكهربائية، باعتبار كما جاء على لسان المكلف بالاتصال على مستوى هذه المؤسسة قسنطيني مروان، أنها “موضوعة بصورة مدروسة ووفق قوانين السلامة الأمنية”، مبررا هذا الإجراء ب”تسهيل أداء أعوان المؤسسة الذين لا طالما كانوا يصطدمون في السابق بأمر غلق الخزائن المخصصة لذلك من طرف المواطنين”، كما أرجع ذات المتحدث أسباب هذه الظاهرة إلى جملة من العوامل، منها “تسربات المياه” للعدادات الموضوعة هي الأخرى بخزائن بالقرب من قنوات الماء، مما يزيد من خطر اندلاع شرارة كهربائية قد تتلف كامل العدادات الكهربائية، بالإضافة إلى عامل “التدخل الفردي” للمواطن لإصلاح أي عطب كهربائي أو تقني، و”التثبيت غير الصحيح” للكوابل الكهربائية دون الاكتراث بالعواقب التي قد تنجم عن ذلك إلى جانب “سوء التهوية”. الخردوات تزاحم العدادات الكهربائية ويتجلى هذا العامل في سوء استعمال بعض المواطنين للخزائن المخصصة للعدادات الكهربائية، وبالقيام بتعبئتها بمختلف الخردوات والوسائل التي قد لا يبالي المواطن بخطرها، حيث يضع قارورات الغاز وعتاد التصليح الإسمنت، وشتى الأدوات التي قد تضيق بها شقته لتكون الخزينة المخصصة للعدادات الكهربائية ملجأها الوحيد، وفي هذا السياق ذكر قسنطيني أنه وبالرغم من تنبيه المواطنين مرارا لخطورة وأعقاب هذا التصرف، واللجوء إلى أكثر من ذلك بغلقها عن طريق قفل حديدي، “إلا أن المواطن لا يكترث للأمر بل يلجأ لتكسيرها والعبث بها”، وتأسف ذات المتحدث للتنامي الخطير لهذه الظاهرة، التي تكبد المؤسسة خسائر مالية معتبرة، داعيا المواطنين إلى التحلي بروح المسؤولية والمواطنة. 2 مليون دينار قيمة الخسائر منذ بداية السنة هذا وأكد نفس المتحدث في هذا الصدد، أن فاتورة خسائر مؤسسة سونلغاز، خلال السداسي الأول من السنة الجارية عن هذه الحوادث قد قاربت المليوني (2) دج، لتثقل بذلك كاهل المؤسسة التي تحصي كذلك أكثر من مليار (1) دج، كمستحقات عند مختلف زبائنها، إلى جانب تزايد في نسبة سرقة الكهرباء قدرت ب07ر41 بالمائة، وبالإضافة إلى خسائر السنة الفارطة التي تقارب ال3 ملايين دج، يظهر حجم خطورة الظاهرة التي ما فتأت تزيد من سنة إلى أخرى، ومهما تكن أسباب ظاهرة احتراق عدادات الكهرباء بالبليدة، يبقى المواطن مدعو في كل الحالات إلى التحلي بروح المواطنة والمسؤولية، حيال تصرفات قد تؤدي به إلى الهلاك وتهدد أمنه وسلامته. فتيحة. ع * شارك: * Email * Print