يقع ضريح ايمدغاسن الذي يعد أحد أقدم المعالم البربرية في شمال إفريقيا على مستوى الطريق البلدي الرابط بين منطقة بومية و الطريق المؤدي إلى باتنة و قسنطينة.و قد بني الضريح في القرن الرابع قبل الميلاد على شرف الملك مدغيس أحد أقدم أسلاف القبائل البربرية. يقبع الضريح على سطح أسطواني قطره 59 م مزين بستين عمود دوري يعلوها إفريز. و يضم الضريح ثلاثة أبواب منقوشة على الحجر و غرفة لوضع الجثث لا يوجد فيها هياكل بشرية أو تحف لها علاقة بالموضوع. و يعتقد أن هذه الأشياء قد تعرضت للسرقة عبر الزمن. وعلى مر السنين شهد المعلم تدهورا كبيرا وحتى الأعمدة المعززة للمبنى بشكل مؤقت تعرضت للتآكل بسبب الأمطار. وتسببت الظروف المناخية و السرقة في إلحاق أضرار جسيمة بالمعلم على غرار التصدعات وانهيار أجزاء من القبة والجدران مما أدى إلى تسرب مياه الأمطار داخل المبنى. و حسب مدير الثقافة لولاية باتنة الذي اتصلت به وأج فإن أشغال الترميم كانت مبرمجة لبداية 2012. و بعين المكان لا تلاحظ أية أشغال تدل على انطلاق عملية الترميم بحيث يبدو و أن المكان خالي ما عدا سياج بسيط أقيم حول الموقع لحمايته و لوحة معدنية إعلامية تشير إلى وجود الضريح. و استنادا إلى المختصين فقد كان يوجد حول الضريح الملكي حوالي عشرة أضرحة بربرية أخرى مدفونة في محيط يمتد على مساحة 500 متر. و في سنة 2012 تم تصنيف الضريح من بين 100 معلم الأكثر عرضة للخطر من قبل الصندوق العالمي للمعالم. و في سنة 2006 باشرت مديرية العمران و البناء لولاية باتنة عملية ترميم باستعمال آلات الهدم مما ألحق أضرارا خطيرة بالضريح خاصة على مستوى الهيكل و القبة. و أشار مدير ديوان تسيير و استغلال الممتلكات الثقافية عبد الوهاب زكاغ إلى أن الديوان تكفل بملف الترميم خلال 2012 بحيث قام بإعداد دراسة تمهيدية لعملية ترميم الضريح بالموازاة مع دراسة لحماية الموقع. و أمام نقص الخبرة الجزائرية اقترح مدير الديوان إطلاق (عملية مختلطة) لوضع حد لعمليات الترميم السطحية و العشوائية. و أعربت جمعية "أصدقاء ايمدغاسن أو ميدغاسن عن ارتياحها لوضع الموقع تحت وصاية وزارة الثقافة داعية ديوان تسيير و استغلال الممتلكات الثقافية إلى الإسراع في عمليات الترميم. وفي الوقت الذي تختفي عدة معالم تاريخية هامة منها الضريح الملكي إيمدغاسن شيئا فشيئا من الذاكرة الجماعية يتجند المجتمع المدني بباتنة للحفاظ و إنقاذ أحد أقدم المواقع البربرية بشمال إفريقيا من النسيان. في هذا الصدد رئيس جمعية "أصدقاء ميدغاسن" عز الدين غرفي أن الجمعية تعمل منذ عدة سنوات على "الحفاظ على هذا المعلم و إبراز أهميته التاريخية و الأنتبولوجية و كل التراث الخاص بمنطقة الأوراس". وتنظم هذا الجمعية سنويا ما يعرف ب"الزيارة" إلى هذا المعلم بتوجيه دعوة للمجتمع المدني بالمنطقة والسلطات العمومية المحلية و مختصون و كذا إطارات من وزارة الثقافة من أجل دراسة وضعية هذا المعلم المصنف تراثا وطنيا. كما تعد هذه الزيارة فرصة بالنسبة لعلماء الآثار و الأنتروبولوجيا والمؤرخين لتنظيم ندوات حول المواقع التاريخية النوميدية و حول غنى المنطقة التي تضم أيضا مواقع أثرية رومانية حسب رئيس الجمعية الذي يعد أيضا ناشرا و مدافعا شرسا عن ثقافة و تراث منطقة الأوراس. و تنظم نفس الجمعية منذ سنة 2010 "الماراطون الدولي لميدغاسن" الذي يعتبر حدثا رياضيا بموافقة الاتحادية الجزائرية لألعاب القوى علما أن الماراطون ينطلق من وسط مدينة باتنة إلى غاية الضريح الملكي. و موازاة مع هذا الماراطون تنظم الجمعية أياما دراسية و معارض مثل "أنظار حول التراث الثقافي و الأثري لمنطقة الأوراس" الذي يعد بمثابة تظاهرة جمعت في سنة 2012 أكثر من 130 صورة التقطها أطفال من المنطقة. و في نفس السنة نشرت الجمعية كتيب من 16 صفحة بعنوان "ضريح ايمدغاسن" يضم كل المعلومات حول آثار و تاريخ الضريح يوزع على كل المشاركين في الماراطون. كما يقترح الموقع الالكتروني للمراطون الدولي لميدغاسن تقديم معلومات تسمح باكتشاف المنطقة و ثرواتها الطبيعية و الأثرية.