بين الأذان والإقامة وبعدها الأذان من أعظم الشّعائر، حيث يُذكرُ فيه اللّه تعالى بالتّوحيد، ويُشهد لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالرّسالة، ويُنشر ذلك على رؤوس النّاس بالصّوت الرّفيع إلى المدى البعيد ويُدعى عباد اللّه لإقامة ذكر اللّه، وقد ورد من حديث «سهل بن سعد» رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال "ثنتان لا تردّان أو قلّما تردّان؛ الدعاء عند النّداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً"، وورد من حديث «أنسٍ» رضي الله عنه أنّه عليه الصلاة والسلام قال "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة"، وروي عن «عبد اللّه بن عمرو بن العاص» "أنّ رجلاً قال؛ يا رسول اللّه إنّ المؤذّنين يفضلوننا، قال؛ قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسلْ تُعْطَه"، وورد أيضاً استجابة الدعاء بعد الإقامة، وهو حديث «سهل بن سعد» رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم "ساعتان تفتح فيهما أبواب السّماء؛ عند حضور الصّلاة وعند الصّفّ في سبيل اللّه". حال السجود كان السجود مظنّة إجابة لأنّ في مظهره يتمثّل كمال العبوديّة والتّذلُّل والخضوع للّه تعالى، حيث يضع العبد أكرم ما فيه وهو جبهته ووجهه على الأرض، وهي موطئُ الأقدام، تعظيما لربّه تبارك وتعالى، ومع كمال التّذلل والتّعظيم، يزداد القرب والمكانة من ربّ العزّة، فيكون ذاك مظنَّة عود اللّه تعالى على عبده بالرّحمة والمغفرة والقبول، ولهذا قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم "إنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجدا، فأمّا الركوع فعظّموا فيه الرّبّ عزّ وجلّ، وأمّا السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يستجاب لكم"، وروى «أبو هريرة» أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال "أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء"، ولا فرق في ذلك بين سجود الفرض وسجود النّفل كما قال العلماء، إلا ما قاله البعض من أنّه لا يستحب الزّيادة على "سبحان ربّي الأعلى". بعد الصّلاة المفروضة قال الفقهاء إنَّ ما بعد الصّلاة المفروضة موطن من مواطن إجابة الدعاء، وقد روي من حديث «مسلم بن الحارث» رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه أسر إليه فقال "إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل؛ اللَّهُمَّ أجرني من النّار، سبع مرَّات، فإنّك إذا قلت ذلك ثمّ متَّ من ليلتك، كتب لك جوار منها، وإذا صلّيت الصبح فقل كذلك، فإنّك إن متّ في يومك كتب لك جوار منها"، وورد ما يدل على أنّ الدعاء بعد الصّلوات المكتوبة أسمع من غيرها، وهو ما روي من حديث «أبي أمامة» رضي الله عنه أنّه قال "قيل؛ يا رسول اللّه، أيُّ الدعاء أسمع؟ قال؛ جوف اللّيل الآخر ودبر الصّلوات المكتوبات"، وعن «مجاهد» قال "إنَّ الصّلوات جعلت في خير الأوقات، فعليكم بالدعاء خلف الصّلوات"، كما روي عن «العرباض بن سارية» رضي الله عنه"من صلّى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة، ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة".