لو دققت في الصورة المنشورة جيدا، فلن تحتاج إلى كثير من الوقت لتجد فيها ما يجعلها الأكثر إثارة للفضول والاهتمام بين كل الصور المحيّرة التي وصلت إلى "ناسا" الفضائية الأميركية من المريخ، إلى درجة أن صحيفة "الواشنطن بوست" لم تتجاهلها، وهي المعروفة بجديتها ورصانتها وبعدها عن التهييج الإعلامي الشعبوي، وللاختصار: في وسط الصورة "شيء" يشبه الملعقة الطافية على سطح الكوكب الأحمر بوضوح ظاهر من ظلها على الأديم الصخري، لذلك احتار بأمرها الإعلام في العالم كله تقريبا. الصورة التقطتها مركبة "كيوريوسيتي" المتجولة منذ هبطت في منتصف 2012 على سطح المريخ، لتبحث عن آثار للحياة فيه، والتقطت قبلها صورا بالعشرات لصخور محيّرة أثارت أشكالها الفضول، منها ما يشبه العقرب أو الفيل أو الضفدع والهرم، حتى والرئيس الأميركي باراك أوباما، لكن هذه "الملعقة" شيء آخر تماما، على حد ما كتب نقلا عن "ناسا" التي ذكرت أن التقاطها تم يوم السبت الماضي، وبثت وحدها في بعض علماء الوكالة "حمية" التحدي لمعرفة لغزها الغامض. وأول من لاحظ "الملعقة الطائرة" في الصورة، كان عدد من الناشطين في موقع حوارات علمية، معروف في الإنترنت باسم UnmannedSpaceflight وذكر أن التقاطها تم بكاميرا Mastcam مثبتة في "كيوريوسيتي" ودعا من يحيرهم لغزها إلى التأمل فيها والخروج بما يلبي الفضول من المعلومات الصخرية بشأنها، خصوصا الإجابة عن سؤال مهم: ما الذي جعل هذا "الشيء" الشبيه بملعقة يبدو طافيا ومرتفعا سنتيمترات عن أديم المريخ؟ هل هي ظاهرة علمية أم أن "الملعقة" طافية حقيقة؟ إنها ظاهرة يطلقون عليها اسم Pareidolia اللاتيني، ويستعين بها الإنسان لتشبيه ما يبدو غامضا لديه بمألوف اعتاده، بحيث يريح نفسه من عناء العيش مع الغموض والمجهول، وهي علمية تجعل البعض يرى في تجمعات الغيوم أو الصخور، أو حتى الأشجار البعيدة وظلال الأشياء، أشكالا يزعم بأنها تشبه حيوانات أو أشخاصا يعرفهم، فقط كي لا يشغل باله بها، إلا أن هذه "الملعقة المريخية الطافية" خرجت بعض الشيء عن ظاهرة "الباريدوليا"، بسبب الظل الذي تركته على الأديم المريخي. والتفسير المنطقي والعلمي الوحيد لارتفاع هيكل "الملعقة" بحيث تبدو طافية، ليس أن مريخيا استخدمها قبل أن تنقرض الحياة فجأة على الكوكب الأحمر بكارثة سريعة منذ ملايين السنين، ثم تحجرت عبر الزمن، بل لأن طرفها إلى اليمين ملتصق بصخرة، فيما هيكلها ممتد من نقطة الالتصاق ومرتفع سنتيمترات قليلة عن الأديم المريخي، لذلك يبدو لها ظل واضح، وإن لم يكن هذا التفسير منطقيا، كما ورد في مواقع كثيرة أتت على ذكرها، فما علينا إلا انتظار البت العلمي الحاسم بشأنها من "ناسا" وعلمائها. كذلك نلاحظ ما أجمعت عليه مواقع علمية عدة، منها "ديسكفري" الشهيرة، إلى جانب موقع الحوارات الذي لاحظ "الملعقة"، وهو أنها موجودة في منطقة صخورها مرتفعة عن الأديم المريخي ومغطاة أقسام منها برمال قللت كثيرا من ارتفاعها، إلا أنها لم تغط الملعقة نفسها أو قسما كبيرا منها كما في معظم الصخور، ولو حدث ذلك في يوم ما والتقطت "كيوريوستي" صورة ثانية لها لما ظهرت "طافية" بالمرة، بل جزء من صخرة مريخية لا مثير فيها على الإطلاق. المصدر: العربية.نت