قال مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات، الفرنسي إريك دنيسي، إن التدخل المباشر للجيش الفرنسي في الأراضي المالية سيكلف الخزينة الفرنسية ميزانية مرتفعة في ظل الأزمة المالية الحادة التي تمر بها، إلى جانب تهديده لحياة المجندين الفرنسيين الذين سيخوضون الحرب في مالي ضد الجماعات المتطرفة. كما أكد إريك دنيسي، في حوار أجراه مع الموقع الإخباري “الجزائر الوطنية". أن فرنسا قررت التدخل عسكريا في مالي بحكم اتفاقيات الدفاع والتدخل عند الطلب التي تجمع بين الدولتين، رغم أن “فرنسا تمر اليوم بأزمة اقتصادية حادة وإمكانياتها العسكرية لم تكن منخفضة بهذا الشكل من قبل" يضيف دنيسي، مبررا موقف باريس بالقول “نحن لن نتخلى عن شركائنا" وأن التدخل جاء لحماية القانون الدولي الذي يتعرض للخرق، والشعوب المعرضة للخطر من طرف الجماعات الإسلامية بدول الساحل التي باتت تهدد السيادة المالية. وبخصوص الانعكاسات المباشرة للتدخل في مالي على الجزائر، أوضح المتحدث أن التهديد يكمن في كون كل الحدود الجزائرية ماعدا الحدود مع المغرب الأقصى تعيش في جو من الفوضى وعدم الاستقرار الأمني. ورفض دينيسي في هذا السياق ردا على سؤال للموقع حول إمكانية مواجهة الجزائر بمفردها هذا التهديد على حدودها، ما وصفه موقع “الجزائر الوطنية" بالعقيدة الجديدة للتدخل في شؤون الدول المستقلة دون تحديدها العواقب على الدول المجاورة، مؤكدا أن “هذا الكلام عار من الصحة وسخيف وأوروبا ليس لديها هذه السياسة، الدول الإسكندنافية ودول شرق أوروبا ترفض مثل هذه المقاربة"، مضيفا أن “الجزائر تعتبر اليوم مثالا للاستقرار في المنطقة ونأمل في أن يستمر هذا لأن أطرافا أجنبية لم تفقد الأمل في انطلاق ربيع عربي بها". وأشار دينيسي إلى وجود اختلاف في الرؤى بين الجزائروفرنسا حول الطريقة الأفضل لمعالجة هذه الأزمة، وهو ما تعكسه الإستراتيجية المقترحة من قبل الدبلوماسية الجزائرية التي تدافع عن أولوية خيار الحل السياسي السلمي للأزمة في مالي، مشيرا إلى التعاون الذي تبديه الجزائر في الوقوف الحالي ضد الإرهاب. وعلى هذا الأساس تتدخل فرنسا في غرب إفريقيا “لمحاربة الإرهاب ولنتمكن من حماية مواطنينا". وعن أسباب توسع انتشار الجماعات الإسلامية الجهادية بدول الساحل، أوضح إريك دنيسي أن الوضع في ليبيا بعد تدخل قوات حلف شمال الأطلسي عقب ما يعرف بالثورات العربية التي هزت شمال إفريقيا ومست قوى الاستقرار الأمني في تونس وليبيا ومصر، واختفاء ملايين الأسلحة ساهم في خلق ميدان أمام جميع الجهاديين الذين التحقوا أو كونوا جماعات إرهابية مما جعل من الساحل مناخا جديدا للتنظيمات الإسلامية المحاربة والمجرمين والمهربين.