على الرغم من التقارير الخاصة بقطاع التربية المتتالية التي تعرض سنويا أمام المجلس الشعبي الولائي، والتي دائما تؤكد على أن حياة التلميذ تتقدم يوما بعد يوم نحو التحسن وأن التلميذ لم يبق أمامه إلا التحصيل العلمي والاهتمام بدراسته إلا أن ما يعيشه العديد من تلاميذ القرى والمدن البعيدة على عاصمة الولاية يؤكد مما لايدع مجالا للشك أن هذا التحسن وإن لم يكن على الورق فقط فهو يعنى بأبناء المدن الكبرى والأقرب من عاصمة الولاية. وإلا فكيف نفسر وجود اعتماد بعض المؤسسات التربوية بهذه الولاية المعروفة ببرودة طقسها، للوجبات البادرة، على الرغم من تدعيم الدولة لوجبات غذائية ساخنة للتلاميذ ومكتملة غذائيا، والتي من شأنها أن تحد من الفوارق الاجتماعية بين التلاميذ وتحفزهم على الدراسة. فعلى الرغم من أننا في عز فصل الشتاء إلا أن هذه المؤسسات التربوية وخاصة الابتدائية منها ماتزال تعتمد على وجبات باردة كالجبن والبيض، كحال المدرسة الابتدائية ولد يحيى محمد ببلدية الشهبونية مركز، التي أخبرنا بعض من يعرفون حالها أنها لاتزال تتعامل مع الوجبات الباردة في عز فصل الشتاء، لانعدام العمال بها، حيث يقوم المعلمون بإعداد وتقديم هذه الوجبات منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، بسبب رفض البلدية تخصيص طاقم من خمسة أفراد للاعتناء بتحضير وجبات ساخنة للتلاميذ، واكتفت بمنحهم عاملا واحدا والذي يعتبر غير كافٍ نظير عدد التلاميذ الفائق. الحال نفسه وربما أكثر الذي يعيشه تلاميذ المدرسة الابتدائية ''سلاني حسين'' المدشنة بداية الدخول المدرسي الجاري ببلدية بني سليمان فمازال التلاميذ، محرومين من هذه الوجبات لحد الساعة ساخنة كانت أو باردة. أما ببلدية الزبيرية التابعة إداريا لدائرة سغوان فقد أكد أولياء التلاميذ المتمدرسين بهذه المتوسطة الجديدة على أن الإطعام مفقود تماما بهذه المتوسطة، لأسباب واهية كانعدام التجهيز، وعلى الرغم من محاولة إدارة هذه المؤسسة إيجاد حل للمشكل كإعداد ونقل وجبات النصف الداخلي من المؤسسة القديمة إلى تلامذة المؤسسة الجديدة إلا أن هذه المحاولة فشلت بسبب المخاطر المحدقة لبعد المسافة مابين المؤسستين، وببلدية وامري بغرب المدية يبقى تلاميذ مدرسة قرية سيدي يوم بنحو6 كلم عن المنطقة الحضرية يتزودون بوجبات باردة في أغلب الحالات من مطعم مدرسة مجاورة لعدم وظيفية مطعم الأولى . أما بمدارس عين بوسيف، فمعاناة المتمدرسين ببعض المؤسسات التربوية وصل إلى حد انعدام الماء الشروب بسبب عدم ربط شبكة هذه المؤسسات بالماء الشروب كحال المدرسة الابتدائية زين الطيب الجديدة بالحي الغربي مابات يحتم تزويد هذه المؤسسة بالماء بواسطة صهريج يستعمل للنظافة والطهي والشرب، والأغرب من ذلك أن هذه المؤسسة تنعدم بها الكهرباء بالمآخذ على الرغم من اتصالات المدير المتكررة بالبلدية من أجل توفير هذه الخدمة، باعتبار أن المدارس تخضع للصيانة والمتابعة من طرف البلدية، فيما تبقى مدرسة عين أحمد التي تبعد بحوالي 3 كلم عن مقر البلدية، معزولة عن العالم الخارجي لافتقارها إلى طريق على مسافة 300متر، الأمر الذي يحرم تلامذتها من الوجبات الساخنة ومن التدفئة لصعوبة إيصال مادة المازوت إلى هذه المدرسة، كما لاحظ محدثنا غياب الفحوصات والمراقبة الصحية المقدمة من وحدة الصحة المدرسية الكائن مقرها بإحدى المؤسسات التربوية بالمنطقة الحضرية، بسبب عدم إقدام السلطات المحلية على شق وإنجاز طريق على مسافة 300متر. نفس الشيء بإكمالية سغوان، فلا يخفى على أي أحد يستعمل الطريق الوطني رقم 64 أ وجود العشرات من التلاميذ ذكورا وبناتا وهم يسترئفون أصحاب المركبات لنقلهم من الإكمالية إلى مساكنهم بحرملة التي تبعد عن الإكمالية بأكثر من 10 كيلومترات، والغريب في الأمر أن بلدية ثلاثة الدواير توجد بها إكمالية هي أقرب إلى سكنات هؤلاء التلاميذ، غير أن بيروقراطية وتعنتئ المسؤولين حالت دون تسجيل التلاميذ بهذه المؤسسة ومن ثمة تم توجيههم إلى عاصمة الدائرة لمزاولة الدراسة، هذه الدراسة التي تحولت إلى هاجس يؤرق التلاميذ وأولياءهم معا، خاصة في فصل الشتاء وفي ظل قصر النهار وانعدام حافلة النقل التي غالبا ماتكون خارج الخدمة، ووجود بنات تفوق أعمارهن ال14 سنة. وأمام تعنت السلطات المحلية الممثلة في البلدية أحيانا وإهمال ولامبالاة من مدراء هذه المدارس في أحيان أخرى يبق الآلاف من أبناء الأرياف والمدن النائية يقطعون آلاف الأمتار مشيا على الأقدام وتحت درجة حرارة أقرب منها إلى التجمد، في قاعات دراسة أشبه بالثلاجات، متناولين وجبات لاتسمن ولاتغني من جوع.