مخاوف من "لعب تحت الطاولة" بعد تعطل الحوار الوطني التونسي تركت اللقاءات الثنائية خارج حدود تونس بين راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم وزعيم حركة نداء تونس المعارضة الباجي قايد السبسي، انطباعا داخل الأوساط السياسية بأن هناك صفقة تطبخ خلف الستار بين هذين الحزبين البارزين لاقتسام السلطة. وزادت من حدة التأويلات تصريحات كاتب الدولة للهجرة والقيادي بحركة النهضة حسين الجزيري الذي كشف أن حركة نداء تونس تسعى لإبرام صفقة مع النهضة، في حين ما زال الحوار معلّقا منذ ثلاثة أسابيع ولم يفض إلى توافق لاختيار رئيس حكومة جديد. ولدرء الشكوك سارعت حركتا النهضة ونداء تونس إلى نفي ما جاء على لسان الجزيري الذي تدارك الأمر، فنفى وجود أي صفقة بين الحزبين اللذين تظهرهما استطلاعات الرأي على أنهما أقوى حزبين سياسيين. لكن الأمر لم يمر مرور الكرام، فهناك أحزاب معارضة لم تستسغ اللقاء الذي دار مؤخرا في الجزائر بإشراف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وجمع للمرة الثانية خلال بضعة أشهر الغنوشي والسبسي اللذين فاجأ التونسيين قبل ذلك بلقائهما في العاصمة الفرنسية باريس في أوت الماضي. ويقول القيادي بحزب التيار الشعبي اليساري المعارض محسن النابتي إن الزيارات المتتالية للغنوشي والسبسي إلى فرنساوالجزائر "توحي بأن حركة النهضة مستعدة لإبرام صفقة مع نداء تونس لاقتسام كعكة السلطة". لكنه أكد أن أي صفقة ستبرم تحت الطاولة خارج إطار الحوار الوطني ستزيد من حالة الاحتقان في البلاد، مضيفا أن صفقة سياسية من هذا النوع "ستسدد ضربة قاصمة لحركة النهضة كفاعل في المشهد السياسي". في المقابل، ينفي القيادي بحركة نداء تونس لزهر العكرمي أن تكون لقاءات السبسي والغنوشي الثنائية خارج البلاد تندرج في إطار تسوية لعقد صفقة سياسية، موجها نقدا لاذعا للجزيري بسبب ما اعتبرها تصريحات "غير مسؤولة". ويقول العكرمي إن حركته "لا ترغب في إبرام أي صفقة من الصفقات"، مؤكدا أنها حريصة على تفعيل خريطة الطريق وإنجاح الحوار للتوافق مع بقية القوى السياسية حول اختيار شخصية محايدة تترأس الحكومة الجديدة. من ناحية أخرى، يؤكد القيادي بحركة النهضة العجمي الوريمي أنه لا توجد هناك أي صفقة ثنائية بين حركته ونداء تونس خارج إطار الحوار، مشددا أن النهضة "لا تنتهج سياسة تقوم على الصفقات وإنما على أساس المبادئ". وتعقيبا على تصريحات الجزيري يقول الوريمي إن "السبسي لم يطلب شيئا لنفسه أو لحزبه، وكل اللقاءات التي جمعتنا معه لم ندخل في تفاصيل مسائل تتجاوز الحوار، وكان حديثه دائما يدور حول مصلحة تونس وكيفية تسوية الأزمة". ويضيف أن المشهد السياسي التونسي لم يبلغ بعد مرحلة الاستقطاب الثنائي بين حزبين كبيرين، مؤكدا أن التعددية الحزبية بعد الثورة تسود المشهد السياسي إلى درجة الانفلات، في إشارة إلى وجود أكثر من 150 حزبا. ويرى المحلل والخبير القانوني في العلاقات الدولية عبد المجدي العبدلي أن اللقاءات بين حركتي النهضة ونداء تونس خارج البلاد "تعكس أشياء تدور تحت الطاولة لعقد صفقة، رغم أنه لا يوجد ما يدعمها ماديا".