- ما يحدث في سوريا سيفرز أمورا ستكون في مستوى طموحات العرب - لا دين للإرهاب والإسلام حضاري أساءت إليه ممارسات غريبة عنه - أكره النهايات السعيدة ومسلسلاتي تتيح للعقل أن يعمل ويشارك ويحلل هو واحد ممن أثارت أعماله جدلا واسعا لجرأتها، كان أهمها "باب الحديد" الذي طرح "نكسة الخامس جوان 1967" أين خسرت سوريا الجولان، ومسلسل "دعاة على أبواب جهنم" الذي تطرق إلى "الإرهاب والتطرف" باسم الدين وكيفية التفجيرات التي تمت بعمان ولندن والدخول في عوالم أمراء الجماعات التابعة ل"القاعدة". كما أبدع في إخراج "الحوت"، و"كوم الحجر" و"بوابة القدس" وأعمال أخرى.. هو المخرج السوري وعضو نقابة الفنانين السوريين رضوان شاهين الذي يتحدث ل "البلاد" في هذا الحوار، عن موقع الدراما السورية اليوم على خلفية الحرب الدائرة، وتقسيمه للسينما الجزائرية إلى وطنية و"فراكوفونية"، وتخطيها أعمال سينمائية عربية كثيرة، وكان النفس والحس الوطني يميزها. كما يؤكد أن موقفه مما يحدث في بلده كفيلة أعماله بترجمته ترجمة واضحة. - ألا تعتقد أن هناك نوعا من الانكسار بالنسبة للفنان السوري على خلفية ما يحدث في هذا البلد حاليا؟ لا أعتقد ذلك.. فعلى الفنان أن يكون مرآة لوطنه ومجتمعه، والأحداث الجارية ستجعله يحمل هما أكبر من همه، حمل رسالته الفنية التي بدونها يصبح الفن كالجسد بلا روح، ومع هذا فالانكسار الوحيد الذي يمكن أن يشعر به الفنان، هو كمية دم أبناء الوطن المراق نتيجة تداعيات وتوافقات دولية بالمنطقة، فنحن في الوطن العربي للأسف الشديد، ننفذ سياسات خارجية ولا نصنع سياسات وفقا لمصالحنا الوطنية وأقولها وبحرقة "الشعب وحده هو من يدفع ثمن الفاتورة الباهظة التكاليف". - هل ما يحدث في سوريا يفتح الباب للانتماء والانصهار مع دراما عربية أخرى؟ سأخبرك بأمر ما.. أنا من المنادين باندماج الدراما العربية فيما بينها، وأن تحمل هاجس المواطن العربي من المشرق إلى المغرب.. لأن هذا الشئ هو مطلب ضروري وملح لتزاوج الفنون العربية والانصهار فيما بينها لتكوين نواة فن عربي يحمل هاجس وهم ومتطلبات المواطن العربي.. طبعا أنا هنا أتكلم عن فن حقيقي يحمل في طياته بذور الوعي ورفع مستوى التذوق لدى المواطن العربي، وليس عن فن استهلاكي تعودنا عليه في مجمل الأعمال المشتركة.. وأرى أن الوطن العربي الذي مزقته الحروب والسياسات والحدود الاصطناعية وبذور التخلف الاجتماعي؛ سينهض بوجود النخب الفكرية العربية، إذ ترأب الصدع المحيط بمجتمعنا وستساهم يشكل فعال في بناء الإنسان العربي الذي ينتظره استحقاقات وتحديات كبيرة، وأنا ضد تصنيف المخرج وفقا لجنسيته؛ فيكفي القول "مخرج عربي" لأنني عملت بعدة دول عربية وقدمت مسلسلات بسوريا ومصر ولبنان والأردن، وأتمنى أن يكون لي مساهمة درامية في بلد المليون شهيد الجزائر. - هل صحيح أن "أسهم الفنان السوري" سقطت حتى بات يشتغل بالدراما الخليجية؟ لا.. لست معك في هذا الطرح.. كما أنني لا أحب تقسيم الدراما العربية إلى مناطق ضيقة ؛ فالدراما الخليجية هي جزء من الدراما العربية، وكما هي الدراما الجزائرية والمغاربية، وبالعودة لسؤالك؛ أقول لك إن هناك العديد من الفنانين السوريين كانوا يعملون بالدراما الخليجية قبل الأحداث التي تشهدها سوريا حاليا، كما أن الدراما الخليجية هي في طور نشأتها، وأرى بتصوري أن ما ينقص الدراما الخليجية هو المواضيع والنصوص؛ فالمواضيع الخليجية لم ترق لهموم المواطن الخليجي فأغلب الأعمال تركز على القشور دون الدخول بالعمق، وأغلب الكتاب الخليجيين متأثرون بالدراما الهندية؛ وهذا لا ينطبق على كل الأعمال الخليجية، لأن هناك أعمالا قدمت هموم وهواجس المواطن الخليجي، ولكن رغم قلتها إلا أنها بداية مضيئة لواقع درامي خليجي جديد وأن تصبح جزءا من دراما عربية متكاملة. - يقال إنك مثير للجدل.. فكيف تختار مواضيع أعمالك؟ أريد أن أنوه بأنني من المخرجين الذين يختارون مواضيعهم بدقة، وما قدمته إلى غاية يومنا هذا خير مثال على ما أقول؛ فأغلبها تمس هموم ووجدان المواطن. كما أنها تحمل في طياتها رغبة التمرد والتغيير لواقع أفضل مع ترك لعقل المشاهد المساحة الكافية لرفض هذا الواقع المفروض، لأنني أؤمن بأن العمل الفني يجب أن يكون مرآة وانعكاسا للواقع، وأميل لأعمال النضال والمقاومة وربما العودة للتاريخ القريب أيام الثورات وحركات التحرر العربي؛ هي المواضيع الملحة التي يجب أن يعرفها الجيل الحالي وأن يشعر بمفخرة ما قدمه أسلافه من تضحيات ونضال ضد المستعمر. ولعل مسلسلي "كوم الحجر" و"الحوت" دارت أحداثهما أثناء الانتداب الفرنسي، وكذلك يتكلم "بوابة القدس" عن المؤامرات التي حيكت ضد الشعب الفلسطيني، ومسلسل "الغالبون2" يطرح موضوع المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي أثناء اجتياحه لبنان خلال حقبة الثمانينات والتسعينيات. وأنا مع أي موضوع يسلط الضوء على النضال العربي بكافة أشكاله. - ماهو الحل في نظرك لإخراج سوريا من مأساتها؟ أتصور أن هناك أيقونة سحرية يجب أن تكون نبراسا لكل مواطن وأن تكون متجذرة داخله -يصمت قليلا ? ويواصل.. الحب.. نعم إن حب الوطن والأرض يجب أن يكون متأصلا داخل الإنسان السوري والعربي بشكل عام لأن حب الوطن والخوف عليه، يصنع المعجزات.. وعندما نجتمع على حب الوطن ومصلحته والسهر على سلامته نساهم في تخطي الصعوبات والتحديات ويجب أن يكون ولاؤنا المطلق لترابه وأن نضع في حسباتنا أنه لايوجد شئ أغلى من الدم العربي والتراب العربي.. فعندما يجتمع حب الوطن بقلب كل السوريين وبكافة أطيافه ومكوناته؛ سيهزم السياسات التي فرقت بين أبناء الوطن الواحد. - هل تحمل في جعبتك عملا دراميا ينذر بأمل مشرق على سوريا، أم أن أعمالك ستكون باللون الأسود؟ في الواقع.. أنا أؤمن بأن الأمل ممكن أن يولد من رحم المستحيل إذا كانت هناك رغبة حقيقية وإرادة خالصة، وأعتبر نفسي من المخرجين الذين لا يحبون النهايات السعيدة؛ بل النهايات المفتوحة التي تتيح للعقل أن يعمل ويشارك ويحلل.. أحيانا عندما نبرز الواقع الأليم والظلم والاستبداد وبأن الشر متأصل بالنفوس كما أنني ضد البكائيات بالدراما والدمعة عزيزة جدا يجب أن تنفر من العين ولكن يجب أن لا تسيل على الخد، وأن تكون هي مفتاح لتغيير واقع وليس البكاء عليه، لذا لست من دعاة نظرية التطهير بالدراما التي نادى بها "أرسطو"؛ بل مع عملية إشغال الفكر التي نادى بها "بريخت" ويجب علينا جميعا أن نغير الواقع الأليم بغد مشرق ومستقبل باهر. - مسلسل "دعاة على أبواب جهنم" كان عملا جريئا وصنع ضجة لأنه عكس جزءا من واقع مرير يعيشه المجتمع العربي، وتطرقت فيه إلى "التطرف".. فهل ننتظر منك عملا جريئا آخر عن "العنف" في سوريا؟ هذا المسلسل كان تجربة فنية وتعاونا بين كل فناني الوطن العربي من سورياوالجزائر والمغرب ومصر وفلسطين والأردن ولبنان والإمارات والعراق والكويت.. وكان الأخ الجزائري عبد الباسط بن خليفة أحد أيقونات هذا العمل الذي يدين التطرف والإرهاب وأنا ضدهما أيا كان مصدرهما أو هدفهما، فالإرهاب ليس له دين أو مذهب، وهناك فرق كبير بين العنف لأجل العنف، وبين مقاومة المحتل؛ فمقاومة الاحتلال هو حق مشروع لكل الشعوب وكل الديانات السماوية التي شرعته، وأنا مع ما شرعته الديانات ولست مع ما شرعه البشر، والإسلام دين حضاري أساء إليه البعض بممارسات لا تمت للإسلام بصلة والأحداث التي تجري بسوريا بالمنطقة ستفرز أحداثا غنية بأطروحاتها ومواضيعها، وأرجو أن تكون في مستوى طموحات الشعب العربي. - ماهو جديدك لشهر رمضان.. وهل من أعمال مشتركة؟ هناك عدة مشاريع هي بطور الدراسة لم أستقر بشكل نهائي على إحداها، ولكن الأيام القادمة بإذن الله ستوضح الصورة بشكل أكبر. - ما رأيك في السينمائية الجزائرية حتى لا نقول الدراما لأنها لا تصلكم كما يقال؟ أنا أفرق بين السينما الجزائرية الوطنية وبين السينما الفرانكفونية التي استهلكت بعض المبدعين المغاربيين.. إن السينما الجزائرية عربية وبامتياز وتخطت أعمال سينمائية عربية كثيرة، وكان النفس والحس الوطني جليا في أطروحاتها، أنا لا أنسى فيلم "الأفيون والعصا" للمخرج أحمد راشدي، وحضرته عدة مرات عندما عرض بحلب وكنت صغيرا.. كذلك فيلم "رياح الأوراس" للمخرج لخضر حامينا، وفيلم المخرج الإيطالي "بونتكورفو" عن ثورة الجزائر وعمل أستاذي يوسف شاهين "جميلة بوحيرد".. إن السينما الجزائرية عودتنا على الأعمال المهمة التي تحمل قضايا وطنية ملحة وأتمنى أن أساهم بشئ فيها. أما عن الدراما؛ فهناك تقصير من الجميع بعدم وصولها للفضائيات المختلفة، وأتعجب كيف أن الدراما التركية تصلنا والجزائرية بعيدة عنا.. يجب أن تأخذ الدراما الجزائرية موقعا متميزا بالدراما العربية، وأنا مع تسويق العمل الجزائري بالوطن العربي ولو اقتضى الأمر دبلجتها في البداية حتى يتعود الشعب العربي على مفردات اللهجة الجزائرية لأن بوصولها للمواطن العربي ستفتح مجالات عديدة وتعرف عن المجتمع الجزائري وعاداته وهمومه وفلكلوره الذي يجب أن لا يكون بعيدا عن المواطن العربي بالدول الأخرى.. وسأشجع الجزائر في المونديال "يضحك". - إذن تهوى كرة القدم وتشجيع الفرق؟ كنت ألعب كرة القدم.. ولعبت في صفوف نادي الإتحاد الحلبي "حلب الأهلي سابقا"، وكنت ألعب بمركز حراسة المرمى، وأنا من مشجعي نادي "تشيلسي" منذ زمن بعيد.. من السبعينيات.. أما عن الجزائر فهي مفخرة الرياضة العربية، فمن ينسى رابح ماجر ولخضر بلومي.. ولولا تواطؤ ألمانيا والنمسا كان ممكنا أن تقدم نتائج كبيرة تكون مفخرة لكل عربي وأتمنى للمنتخب الأخضر كل التوفيق في هذا الاستحقاق العالمي وهذا ليس ببعيد المنال عنهم. بيبليوغرافيا رضوان شاهين.. مخرج سينمائي سوري حاصل على بكالوريوس إخراج سينمائي من المعهد العالي للسينما عام 1982 مشروع التخرج "الغصون الزائفة" اشترك في مهرجان أوبرهاوزن بألمانيا الغربية عام 1983 ومن أعماله مسلسل القلب "أربع حلقات" عام 1995، "مجلس الرحمة"، فيلم تلفزيوني" عام 1996، مسلسل "صهيل الألم" عام 1997، مسلسل "باب الحديد" عام 1998، مسلسل "أنا وأربع بنات" عام 2005. تم تكليفه بعمل فيلم تسجيلي عن الجامع الأموي في مدينة حلب وذلك لعرضه بافتتاحية "مهرجان حلب عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2006"، مسلسل "دعاة على أبواب جهنم" عام 2006 الذي حاز على ذهبية مهرجان تونس. مسلسل "كوم الحجر" عام 2007، مسلسل "الحوت" عام 2008، مسلسل "عشان ماليش غيرك" عام 2009، ومسلسل "بوابة القدس" عام 2011، بالإضافة إلى مسلسل "الغالبون، الجزء الثاني" عام 2012.