مخرج موريتاني: هناك توجه حقيقي لتقديم الوجه الحقيقي للإسلام تحضر المأساة السورية في مهرجان كان السينمائي مع عرض خاص قدم سهرة أمس خارج المسابقة الرسمية لفيلم "ماء الفضة" الوثائقي للمخرج السوري أسامة محمد، وهو عمل مؤثر يؤرخ بواسطة الصور والمقاطع المنشورة على الأنترنت لهذه المأساة الدائرة في ظل لا مبالاة المجتمع الدولي. والتقطت معظم مشاهد هذا الفيلم شابة كردية من مدينة حمص تدعى وئام بدرخان، أرادت أن تنقل يوميات مدينتها التي ظلت على مدى ثلاثة أعوام تحت نيران قوات الرئيس بشار الأسد بوتيرة يومية دون انقطاع. ونفذ الإخراج أسامة محمد الذي لجأ إلى فرنسا في العام 2011، وذلك بعدما تواصلت معه الشابة المصورة، وصارت تزوده بالمقاطع المؤثرة والعنيفة أولاً بأول من مدينة حمص، التي أطلق عليها اسم "عاصمة الثورة السورية" منذ انطلاق الاحتجاجات في هذا البلد في مارس من العام 2011. كما يضم الفيلم مقاطع التقطها ناشطون معارضون بغية توثيق ما يجري في بلدهم بعيداً عن عدسات الإعلام. وقال المخرج في بيان صحافي إن هذا العمل شكل لديه بحثاً طويلاً وشاقاً وأتاح له فهم ما يجري في بلده. وسبق أن شارك أسامة محمد في مهرجان كان بفيلم نجوم النهار في العام 1988، وفيلم تضحيات في العام 2002، وفاز عن الأول بجائزة "أسبوع المخرجين"، والثاني بجائزة "نظرة خاصة". ومن المشاهد الظاهرة في الفيلم تظاهرة حاشدة، يهتف فيها المشاركون "حرية"، قبل أن تطلق عليهم قوات الأمن الرصاص الحي لتفريقهم. ثم يبدو شاب وهو يصرخ بعبارات معادية للنظام ودموعه في عينيه فوق جثة والده. ويشكل هذا الفيلم رسالة من أسامة محمد المقيم في منفاه في باريس وتذكيرا للعالم بما يجري في بلده، حيث قضى 150 ألف شخص على الأقل في ثلاث سنوات. يذكر أنه في الأيام الأخيرة، غادرت وئام بدرخان مدينة حمص مع خروج المقاتلين المعارضين الذين أخلوا مناطقهم في المدينة القديمة بموجب اتفاق بينهم وبين قوات النظام، قضى بإخراجهم آمنين بعد عامين من الحصار المطبق والجوع والقصف اليومي العنيف. من ناحية أخرى، أشاد نقاد ونجوم مهرجان "كان" السينمائي بشجاعة المخرج الموريتاني، عبد الرحمن سيساكو، الذي يتناول في فيلمه موضوع التطرف الديني الذي يجتاح دول الساحل الإفريقي، ويقدم مدينة "تمبكتو"، المعروفة بتاريخها الثقافي وانفتاحها على العالم فنيا وثقافيا، ضحية للعنف الذي تمارسه القاعدة في المدن والقرى الإفريقية التي قامت بغزوها وأعلنتها دولا إسلامية تحكمها بقوة السلاح والسوط وبفتاوى بعيدة عن تقاليد وأعراف القارة السمراء. وفي الفيلم، يواجه إمام جامع تمبكتو، الذي يمثل الإسلام المعتدل، التطرف ببدء حوار مع مجموعة تمثل القاعدة حول مفاهيم الإسلام، وفتاوى زواج القاصرات بالقوة، ومنع الموسيقى، وتحريم عمل المرأة وغيرها. وفي تحدٍّ لعناصر القاعدة، يقيم شباب القرية مباراة لكرة القدم ولكن دون كرة، ويجرون وراء كرة افتراضية، وتتعالى صيحاتهم دون أن نرى أي كرة في الملعب. ويضع الموقف الغريب عناصر القاعدة في حيرة، فيتركون الشباب يلهون بالكرة الافتراضية. وفي مؤتمره الصحافي، لم يخف المخرج سيساكو قلقه من أن التطرف يتوسع، ومحاربته مسؤولية دولية. وعن اختيار فيلمه في المسابقة قال لا توجد أي أسباب سياسية أو توجهات متطرفة ضد الإسلام أو المسلمين لاختيار الفيلم للعرض في المسابقة الرسمية، مشيرا إلى أن هناك توجها حقيقيا من أجل تقديم الوجه الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف والقبول بالآخر.