تواجه حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، هاجس تسجيل أعلى مستوى لعجز الميزانية السنة المقبلة، حيث رفعت الحكومة حجم الموازنة ب15 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية لتبلغ حاجز 112.12 مليار دولار، ويحدث هذا في ظل مخاوف متجددة من انكماش في أسعار الطاقة العالمية، حيث يقبع متوسط صادرات النفط الذي حددت الحكومة على أساسه مستويات النمو المتوقعة عند 100 دولار للبرميل على مرمى حجر فقط من متوسط سعر النفط لسنة 2014 التي توقعتها هيئات بنكية دولية ب102 دولار مما يدفع إلى التساؤل حول نجاعة تقديرات الحكومة لتطورات والتحولات التي تعرفها سوق الطاقة العالمية كما يبدو أن توقعات مكاتب الدراسات في وول ستريت بانخفاض سعر البرميل إلى 95 دولارا عام 2015 لم تؤثر على قرار الحكومة برفع نطاق السعر المحتمل لبرميل النفط إلى 100 دولار بعد أن كان التوازن خلال المخطط الخماسي الأول 2005-2009 لا يتعدى 70 دولارا للبرميل، مما يعرض الاقتصاد الوطني في حالة صدق التوقعات إلى صدمة حقيقية ستؤدي إلى أكبر نسبة عجز تسجلها الميزانية منذ سنوات وحسب ما كشفت عنه وثيقة قانون المالية للعام القادم التي ستعرض على البرلمان لمناقشتها مطلع سبتمبر القادم، فإن الحكومة تتوقع عجزا في الموازنة يصل إلى 22 بالمائة من الناتج المحلي الخام أي ما مقداره 52.8 ملايين دولار من 240 مليار دولار تتوقعها الحكومة للناتج المحلي الخام للسنة القادمة ومعلوم منذ العام 2008 أن تحديد الميزانية يبنى على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط عند 37 دولار، في حين يذهب الفارق بين السعر المرجعي والسعر الحقيقي إلى صندوق ضبط الإيرادات المستحدث منذ عام 2001 فإذا كانت إيرادات الميزانية المتوقعة للسنة المقبلة تصل إلى ما يعادل 58.12 مليار دولار، منها 21.37 مليار دولار جباية بترولية. و30.59 مليار دولار جباية عادية، فإن مستوى العجز سيكون قياسيا، خاصة أن توقعات النفقات تقدر 106.6 مليار دولار وهو ما يشكل نصف إيرادات الميزانية مما يؤدي إلى عجز في الميزانية ومن ثم عجز في الخزينة يفوق ال4004.6 مليار دينار أو ما يعادل 49.69 مليار دولار في أحسن الحالات وما من شك أن هذا العجز القياسي المتوقع سيؤدي إلى اقتطاع الحكومة قيمة معتبرة من صندوق ضبط الإيرادات الذي يحوي حوالي 80 مليار دولار لتمويل المشاريع التنموية ودفع فاتورات الاستيراد، في الوقت الذي تتوقع فيه الأرقام الرسمية أن يبلغ مستوى صندوق ضبط الإيرادات 33.6 % من الناتج الوطني الخام ومهما كانت نتائج التدابير التي يحملها القانون القادم فإن السنة المالية القادمة ستعرف لا شك جملة من الاهتزازات سترهن آمال الحكومة الحالية في بلوغ نسبة نمو ب7 في المائة وإنشاء 600 ألف منصب عمل كما ستطفو دعوات "شد الحزام" مرة أخرى على السطح.