فتحت مصالح الأمن المكلفة بمكافحة الإرهاب تحقيقات موسعة حول الهيكل التنظيمي لشبكات تجنيد الشباب للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بعد تلقيها شكاوى ونماذج من رسائل إلكترونية تلقاها بعض المواطنين من ولايات مختلفة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الجهادية، وأخرى وصلتهم عن طريق حساباتهم في البريد الإلكتروني. شرعت المصالح الأمنية في حملة واسعة لتوقيف عناصر في خلايا الدعم والإسناد الذين لهم صلة بالجماعات الإسلامية المتشددة في ليبيا وسورياوالعراق والذين تعتقد السلطات بأنهم يشكلون النواة الفعلية لتنظيم "جند الخلافة" الذي تأسس على أنقاض إحدى الكتائب الإرهابية التابعة "لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وقالت مصادر على صلة بالملف إن السلطات نجحت منذ بدء الحملة الأخيرة التي استهدفت سحق تنظيم "جند الخلافة" المرتبط بÇداعش" في توقيف أكثر من 400 شخص غالبيتهم رهن التوقيف المؤقت في انتظار استكمال التحقيق القضائي حول صلتهم بالتنظيمين المذكورين. وتركز التحقيقات التي تقوم بها أجهزة الأمن حول "الصلة" بين قيادة تنظيم "الدولة الإسلامية" وبين ما أصبح يعرف بالفروع المغاربية لهذا التنظيم الإرهابي ومنها مجموعة "جند الخلافة" التي أعلنت وزارة الدفاع مقتل معظم قادتها والمنتسبين إليها خلال شهر ديسمبر الماضي بعد إعلان القضاء على زعيمها عبد المالك قوري. وأكد مصدر أمني مطلع أن قوات الأمن لاحقت وأوقفت واستجوبت أشخاصا عبروا عن تأييدهم تنظيم الدولة، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد تلقي شكاوى من مواطنين في عدة ولايات. لكن المصدر نفى وجود أي معتقلين على خلفية الانتماء الفعلي إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، مشددا على وجود من يحمل أفكاره ويروج لها من خلال المحادثات والرسائل الإلكترونية عن طريق الإنترنت ولكن ليس كتنظيم. وكانت وزارتا الدفاع الوطني والداخلية والجماعات المحلية قد استحدثت لجنة أمنية مشتركة متخصصة في مكافحة "الإرهاب الإلكتروني" وتعقب "المنتديات الجهادية" على خلفية تزايد نشاط شبكات "تجنيد" تم تفكيكها من قبل وحدات الدرك الوطني والشرطة والجيش في 16 ولاية. وبينت تحريات أمنية دقيقة أن كل تلك الشبكات "استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي وحثّت عناصرها على ولوج منتديات جهادية ومواقع تزرع أفكارا متطرفة". كما أظهرت عمليات استجواب نوقوفين جرت في ولايات الجزائر العاصمة وبومرداس وتيزي وزو وتلمسان وڤالمة والطارف وتبسة أن تلك المجموعات الإجرامية "تعمل على استقطاب مقاتلين مفترضين عبر الإنترنت وتقوم بإغرائهم بالأموال للالتحاق بشبكات تسفير إلى سورياوالعراق أو الانخراط في مراكز تدريب إرهابيين في تونس وليبيا لإعدادهم لشن هجمات إرهابية في دول الساحل". وذكر مصدر أمني واسع الاطلاع أن الحكومة باشرت "تحيين المنظومة القانونية لمكافحة الإرهاب في ضوء ظهور أنواع جديدة من الجريمة الإلكترونية التي لا تكتفي على سبيل المثال بالإشادة بالعمليات الإرهابية، بل وضعت برامج تجنيد عملياتية انطلاقا من اتصالات المواطنين عبر الشبكة العنكبوتية".