عزز تصريح الطيب بلعيز وزير الداخلية بشأن إعلان قرب تعديل الدستور، الاحتمال الذي أشار إليه الرجل الثاني في الدولة رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح الذي لمح خلال افتتاح الدورة الخريفية إلى فكرة أن يطرح الدستور عبر البرلمان بعد أن دخل مراجعة الدستور في الفترة الأخيرة غرفة عمليات طويلة، وضعت فيها التوترات التي تشهدها الساحة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي مع تواصل الاحتجاجات حقن تخدير لاستبعاده. ويبدو أن توالي تصريحات كبار المسؤولين في الدولة والمقربين من رئيس الجمهورية، قد تلقوا إشارات قوية من السلطة تؤكد أن تعديل الدستور بات وشيكا وسط حالة الترقب التي تعرفها الساحة السياسية، والمخاض الذي قادته أطياف المعارضة بحثا عن حوار جدي وفعال بعد أن شككت في نوايا السلطة التي مدت يدها لإشراكها، لتظهر في ظل هذا العقم عن إيجاد أرضية حوار بين السلطة والمعارضة مبادرات عديدة من أجل لمّ شمل التشكيلات السياسية لإنقاذ ما عجز عنه رئيس الديوان أحمد أويحيى. فتصريح بلعيز أمام وزراء الداخلية العرب بأن الجزائر ستشهد تعديلا دستوريا خلال الأشهر القادمة، من شأنه أن يعطي نفسا جديدا لهذا الملف الذي ظل محل تناقض بين تصريحات المسؤولين في الدولة، إذ توقع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أن يكون في الثلاثي الأول من العام الجاري. وجاء تصريح وزير الداخلية ليعطي إشارات جديدة أكدها منذ أسابيع قليلة الرجل الثاني في الدولة رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح الذي فتح الباب أمام إمكانية طرح الدستور أمام البرلمان، ليقطع بذلك قراءات عرضه للاستفتاء الشعبي لاسيما في ظل التوتر الاجتماعي وتصاعد الاحتجاجات في عدة ولايات، على خلفية ملف الغاز الصخري أو ملفات اجتماعية ومهنية أخرى، قد يكون السبب وراء توجه بوتفليقة نحو خيار طرح المسودة على البرلمان، خشية ارتفاع نسبة المقاطعة للاستفتاء، أو تحول هذا الاستحقاق إلى نقطة جديدة لتوتر سياسي أو شعبي، رغم أن الرئيس كان قد تعهد في آخر اجتماع وزاري بالإعلان عن مسودة الدستور في 2015، لكنه تفادى في كلمته طابع الاستعجال وربطه بالهدوء، مما يعني أن الرئيس قد غلب هدوء الساحة على الدستور التوافقي، وهذا ما جعل الحكومة تعمل بالسرعات الثلاث لإخماد الاحتجاجات المشتعلة، والعمل على إيجاد حل لملف الغاز الصخري بتجنيد الطاقم الحكومي للتهدئة والحوار مع المحتجين. وحسب أستاذ القانون الدستوري عمار رخيلة فإن تصريحات بن صالح، وبلعيز تعكس أن الرجلين قد تلقيا إشارات قوية والضوء الأخضر للتحضير لأرضية عرض مسودة الدستور أمام الهيئة التشريعية بعد تمسك المعارضة بمقاطعة المشاورات. وتوقع عمار رخيلة أن السلطة ستلجأ على هذا الخيار إجباريا ضمن صيغة جديدة من أجل تمرير الدستور وإحراج المعارضة التي رفضت المشاركة في إثرائه، مؤكدا أنها لن تدير ظهرها إليه في حال نزل للغرفة السفلى للبرلمان، وسيحظى بالمناقشة، وهذا ما سينقذ هذه المشاورات لاسيما بعد أن حاصر الفشل مبادرة جبهة القوى الاشتراكية التي غرقت قبل تحقيق الإجماع الوطني يذكر أن رئيس الغرفة السفلى للبرلمان، محمد العربي ولد خليفة، في تصريح صحفي، أكد أنه "لم نتلقّ لحدّ الآن إشارات من الحكومة في هذا الاتجاه، غير أنني أرجح أن يمر تعديل الدستور على البرلمان بغرفتيه.