أم تهدد بالطلاق بسبب اسم مهند! تحولت مصالح الحالة المدينة إلى ساحة عراك في من أجل الأسماء التي تطلق على المواليد التي صارت عادة يومية يعيشها عمال الحالة المدنية، حيث يرى الشخص أنه حر في إعطاء أي اسم يريده لأبنائه وبين موظفين يستندون الى المادة 64 من قانون الحالة المدنية الذي يشترط أن يكون الاسم جزائريا. "البلاد" تنقلت إلى بعض مصالح الحالة المدنية بمختلف بلديات العاصمة وبالتحديد إلى الأقسام الخاصة بالمواليد الجدد، حيث تفقدنا العديد من السجلات، أسماء تركية وأخرى غربية وأخرى لم نجد أصلها أو حتى معناها اكتسحت السجلات فغابت الأسماء التي ألفناها والتي تنتمي إلى المجتمع الجزائري المعروف عنه انه يحافظ على تقاليده ومورثه الثقافي، لكن يبدو أن المجتمع بدأ يتخلى شيئا فشيئا عن كل ذلك. ونحن نتحدث مع عاملة بالقسم الخاص بتسجيل المواليد الجدد ذكرت حادثة غريبة وقعت منذ حوالي أربعة أشهر، حيث جاء رجل باكيا إلى المصلحة لتغيير اسم ابنه من محمد إلى مهند تلبية لرغبة زوجته التي هددته بالطلاق إن لم يغير اسمه. هذا وقد حدثت مناوشات بينه وبين عامل بالبلدية لأنه سبق له أن قام بتغييره من مهند إلى محمد، وتم تغيير الاسم إلا أن الأمر لم ينته هنا لأن الرجل عاد إلى البلدية بعد مرور حوالي شهرين ليتبين أنه طلق زوجته بسبب خلافهما على الاسم. وأضاف عامل آخر بالمصلحة أنهم يلقون مشاكل كبيرة مع الأولياء بخصوص الأسماء إذ هناك البعض يغير الاسم مرات عديدة، وآخرين يرغموننا على تسمية أبنائهم بأسماء غريبة قائلين إن هذا ابني وأسميه كما شئت في حين يرفض العديد منهم تسميتهم وتركهم بلا اسم قائلين إما أن أسميه بهذا الاسم او لن أسميه، كما حدث في إحدى المرات لرجل جاء ليسمي ابنته "رينال" فقوبل بالرفض وبالتالي لم يسجل ابنته وتركها دون اسم إلى أن تم استدعاؤه من قبل القضاء، وفي الأخير حصل على ما يريد وسمى ابنته "رينال" كما أراد. وفي هذا الصدد قال مواطن من بلدية الحراش إنه اضطر للدخول في عراك مع موظف الحالة المدنية رفض تسجيل ابنته تحت اسم "جنة هيام" بحجة عدم وجود هذا الاسم في السجل الوطني للأسماء، إلا أنه تم في الأخير تسميتها. أخصائيون يحذّرون الأولياء: الأسماء ستؤثر على شخصية أبنائكم حذّر المختص في علم الاجتماع يوسف خياطي الأولياء من تسمية أبنائهم بطريقة عشوائية، فهناك دراسات حديثة أثبتت أن الاسم يؤثر في شخصية الطفل لأنه سوف ينشأ حسب الاسم. فهناك الكثير من العائلات اختارت لأبنائها اسماء غربية لأنها تميل إلى عاداتهم ولكي تبين انتماءها إلى تلك الثقافة تقوم بإبرازها من خلال أسماء أبنائها وبالتالي يكون الطفل ضحية لذلك الاسم فينشأ على تلك الثقافة ويصبح يميل إلى المجتمع الغربي فينسلخ من ثقافته وينسى أنه ينتمي إلى مجتمع عربي مسلم. وأوضح خياطي أن الأسماء لها رموز تعبر عنها، وأرجع سبب انتشار هذه الأسماء لدى العائلات الجزائرية إلى الزخم اللغوي وانفتاح الثقافات المتنوعة من خلال الأفلام. وقد كانت هذه الأسماء محل صراع بين المواطنين الراغبين في إطلاقها على أبنائهم وبين موظفي مصالح الحالة المدنية الذين يسنتدون الى وجوب أن يكون الاسم مدونا في قاموس الأسماء الوطنية الذي يعود تاريخه إلى 1981. ويحث المختص في علم الاجتماع الآباء والأمهات على أن يحسنوا اختيار الاسماء لأبنائهم لأنها تعبر عنهم وبالتالي سوف ينشأ عليه وبالتالي فالصفة تلعب دورا مهما لدى الأشخاص منذ أن يكونوا صغارا. عمار خبابة: لا يمكن حصر الأسماء في سجل وطني.. يرى القانوني عمار خبابة أنه لا يمكن حصر الأسماء في قاموس أو سجل وطني الذي أثبت محدوديته بحكم أنه لم يعد يستوعب الأسماء الجديدة. ويعود قاموس الأسماء المعتمد من طرف وزارة الداخلية إلى 1981 بحيث لم يراجع منذ هذا التاريخ وهي الفترة التي عرفت فيها الجزائر تغيرات اجتماعية وثقافية وسياسية شهدت تغير منظومة التفكير والقيم وحتى أنماط الحياة التي يعد الاسم جزءا منها. وقال خبابة إنه في وقت مضى كانت الإدراة ترفض تسمية المواليد الجدد بأسماء غربية والالتزام بالسجل، وأصبح هذا السجل لا يحترم وأصبحت الإدارة تتساهل ولا تلتزم به، مشيرا إلى أن المسألة شخصية ولا يمكن إرغام الناس على مجموعة من الأسماء، وبالتالي فالسجل الوطني للأسماء أثبت محدوديته لأنه أهمل الكثير من الأسماء ويبقى السجل الوطني مجرد اجتهاد ولا يمكن أن تفرض على الآباء أسماء معينة، فالمسألة تتعدى الحرية الشخصية، فهم أحرار في تسمية أبنائهم. هذه الأسماء لا تجوز شرعا وستحاسبون عليها يا أولياء!! يرى إمام المسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن الشيخ علي عية، أن هذه الأسماء الدخيلة لا تجوز شرعا لأن الشرع نص على تسمية الأبناء أحسن الأسماء، وأفضل الأسماء ما عبّد وحمّد وأن الإنسان عندما تخرج روحه تسميه الملائكة بأحسن الأسماء فكيف لوالديه أن يسموه بأسماء غربية أو حتى تركية فلا يجب أن تقتدي بأسمائهم. وقال علي عية: "لقد استهدفنا واستبحنا في ديننا وتقاليدنا ويريدون أن يستهدفونا حتى في هذه الأسماء التي تعتبر دخيلة وغريبة عنا وغير الجائزة شرعا ولا تمت بصلة لا إلى ديننا ولا إلى تقاليدنا وثقافتنا"، مشددا على ضرورة اختيار أحسن الأسماء لأبنائهم لأنهم مسؤولون عنها وسيحاسبون أمام الله عنها، ولأانه من حق المولود أن يسمى بأفضلها حتى لا تكون محل سخرية في المستقبل. ويضيف الإمام أنه كيف لجزائري مسلم أن يفتخر بإطلاق أسماء غربية أو تركية أو تعود الى العهد الوثني على أولاده وحتى لو كانت من صميم تراث وتاريخ البلد فلا يجوز حسبه المساواة بين أسماء الصحابة والمجاهدين وبين أسماء وثنية غربية وتركية. نفسية المرأة أثناء الحمل سبب انتشار هذه الأسماء.. أما المختصون في علم الاجتماع فقد أرجعوا انتشار هذه الأسماء إلى الحالة النفسية التي تمر بها المرأة أثناء فترة الحمل ما يجعلها تتأثر بأشخاص معينين وبالتالي تعبر عن إعجابها بتلك الشخصية بتسمية أطفالها بأسمائهم. وحسب الأخصائية النفسانية فإن الأسماء هي الأخرى مرت بمراحل وعرفت تغيرات كبيرة في الوقت الذي عرفت فيه الجزائر تغيرات اجتماعية وثقافية وسياسية وشهدت تغير منظومة التفكير والقيم وحتى أنماط الحياة التي يعد الاسم جزءا منه، ففي فترة ما بعد الاستقلال كان المجتمع الجزائري يسمي أبناءه بأسماء الشهداء والأبطال على غرار مراد حسيبة وريدة... إلخ، وفي فترة التسعينيات بدأت تظهر الأسماء الشرقية بعدما غزت الأفلام المصرية والسورية شاشات التلفزيون فأصبحنا نسمي بأسمائهم بعد تأثرنا على غرار اسم شذى، أروى ولؤي. أما في الفترة الأخيرة فانتشرت الدراما التركية بقوة وبالتالي أصبحوا يسمون أبناءهم بأبطال هذه المسلسلات على غرار نور، لميس، مهند، رزان وجنة هيام وغيرها من الأسماء التي أصبح يسمى بها أبناؤنا. الداخلية مطالبة بالإفراج عن السجل الوطني للأسماء.. كانت وزارة الداخلية قد قررت في مطلع العام الجاري مراجعة وتحيين القاموس الوطني للأسماء، سعيا منها لوضع حد للمشاكل الناجمة عن العراك اليومي في مصالح الحالة المدنية بسبب أسماء المواليد الجدد والتي وصلت في بعض الأحيان إلى أروقة المحاكم. وكانت قد حددت تاريخ 31 ماي الفارط كآخر أجل للولاة من أجل إرسال مقترحاتهم للأسماء التي يمكن إدراجها ضمن القاموس الوطني للأسماء التي تخضع للمراجعة بعد 31 سنة، شريطة أن تكون الأسماء جزائرية أصيلة. وينتظر أن تفرج وزارة الداخلية عن القاموس الوطني للأسماء المعدل بعد انتهاء اللجان الولائية من تحيين وإحصاء الأسماء التي أدخلت على السجل الوطني، والذي يخضع حسب تعليمة وزارة الداخلية للأمر الرئاسي الصادر عام 1975 الخاص بالقانون المدني والذي يقر بوجوب أن تكون الأسماء جزائرية، وقد تكون خلاف ذلك بالنسبة للأطفال المولودين من أبوين غير مسلمين. ويبدو جليا من العنوان الألقاب العائلية في الجزائر من خلال قانون الحالة المدنية أواخر القرن التاسع عشر ميلادي أن الإشكالية تتمحور حول مواصفات الألقاب العائلية التي أفرزها قانون التلقيب وفق الطرح التاريخي ذلك أن دراسة الألقاب العائلية تعكس الصورة الواقعية المفصحة عن الوضعية الثقافية والاجتماعية وعن الذاكرة الجماعية، كما أنها تكشف عن المخزون الحضاري من حيث الرصيد الدلالي والرمزي. وعلى الرغم مما قيل عن مؤسسة الحالة المدنية وعن انعكاساتها العائلية والاجتماعية فإنها حافظت على تراث أمة كاملة بتخليد حضارة الأجداد كتابة ومشافهة، وبينت نوعية الروابط الاجتماعية المختلفة القائمة بين الأفراد، كما كشفت في أغلب الحالات عن أسطورة النسب الشريف، إذ لم تتمكن معظم العائلات المقيدة بشجرة العائلة القسنطينية على سبيل المثال من التعرف على أقدم جد، واقتصرت في أحسن الحالات على ذكر الجد الثاني، كما أنها حافظت على الرصيد التسموي الذي عرفه الجزائريون قبل ذلك ورسخته، وتمكنت من تنظيم المجتمع تنظيما مدنيا محكما لم يكن في مقدور الجزائر المستقلة التخلي عنه، وبالتالي لا بد من أهل الاختصاص التدخل السريع حتى لا ينسلخ المجتمع عن عاداته وتقاليده.