تنازلت، أمس، شركة "موبيليس" عن الدعوى المقيدة أمام محكمة الجنح الابتدائية لبئر مراد رايس بالعاصمة، ضدّ 13 متهما، بينهم 5 من إطاراتها وتجار أصحاب عقارات، ممن التمس لهم ممثل الحق العام عقوبة العامين حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة عن تنصيب مراكز وهمية لمحطات الاتصال الهاتفي اللاسلكي مما أدى إلى تبديد نحو 580 مليون سنتيم على مدار 3 سنوات. وقد رافع الأستاذ، لخلف شريف، مؤسس في حق "موبيليس" كطرف مدني" لصالح المتهمين، بعدما أكد تنازل الأخيرة عن شكواها لعدم تضررها أو وجود لتبديد أو خسائر لحقت بها جراء إبرام عقود الإيجار محل متابعة، وأن مشكل القضية هو تماطل ولاية الجزائر في منح تراخيص لإقامة مراكز محطات الاتصال الهاتفي اللاسلكي، وهي القضية التي سبق لقاضي التحقيق أن قضى لأجلها بانتفاء وجه الدعوى في حق كافة المتهمين قبل أن يستأنف وكيل الجمهورية ذلك، لتعيد غرفة الاتهام الملف مجددا إلى قاضي تحقيق محكمة الحال، حيث أسند خبيرا لتحديد الضرر الناجم عن الوقائع المتابع بها المتهمون ومع ذلك خلصت الخبرة لعدم وجود تبديد في مال شركة "موبيليس"، وهو ما سبق لممثلها القانوني، أن أكد في خضم التحقيق، عدم تضرر الشركة، شأنه في ذلك شأن الخبير الحسابي الذي خلص في تقريره أن محطات مراكز الربط اللاسلكي للهاتف النقال هي قائمة فعلا ليست وهمية، مؤكدا أن مشكل قضية الحال هو تأخر استلام التراخيص من مصالح ولاية الجزائر، كما أشار إلى أن تسديد مستحقات الإيجار كانت تتم سنويا وقد سبق لإدارة موبيليس أن طلبت من المؤجرين التنازل عن مستحقات الإيجار للفترة التي لم تكن فيها قد حازت على تراخيص تنصيب محطات مراكز الربط اللاسلكي. على عكس ما ورد في ملف القضية الذي تحرك، كما سبق لنا نشرهُ، بموجب رسالة مجهولة بلغت مصالح الشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، مفادها ضلوع إطارات من أول متعامل للهاتف النقال بالجزائر، موبيليس، في إبرام عقود إيجار مشبوهة لمحطات ربط الاتصال الهاتفي اللاسلكي، وبناء على التحريات التي باشرتها الجهات الأمنية المختصة، ثبت إبرام 9 عقود بطرق ملتوية لمحطات وهمية في فترات مختلفة على مدار 3 سنوات. كما كشفت التحريات المعمقة بالتنسيق مع إدارة موبيليس، أن المتورطين بينهم 5 من إطاراتها على غرار "ح. م" المدير المركزي السابق بالمديرية العامة، "م. ع" المدير الجهوي السابق لناحية الوسط، "أ. ع" مفتش عام بالمديرية العامة و"ح. ل" النائبة السابقة لمدير انتشار الشبكة، إلى جانب المدير المركزي الحالي بذات المديرية قاموا بإبرام عقود إيجار لمدة 11 سنة مع 8 مستفيدين متهمين بدورهم في قضية الحال، وهم من أصحاب العقارات الذين خصصت لتنصيب عليها محطات الربط اللاسلكي مقابل غلاف مالي قدره 24 مليون سنتيم سنويا لكل واحد من المتعاقدين، مما أدى حسب حيثيات الملف لإهدار نحو 580 مليون سنتيم من خزينة موبيليس بدون وجه حق، مما استلزم متابعة المتهمين بدعوى تبديد أموال عمومية واستغلال الوظيفة إلى جانب إبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية بغرض إعطاء امتياز غير مبرر للغير وكذا الاستفادة من تأثير الأعوان لإبرام عقود مع الهيئات العمومية، حيث مثل المتهمون، أمس، وفقا لإجراءات الاستدعاء المباشر، غير أنهم أنكروا الادعاءات المنسوبة إليهم، حيث أكد إطارات "موبيليس" أن مسؤولياتهم تقنية "بحتة"، محملين تداعيات قضية الحال" لتقاعس مصالح ولاية الجزائر التي حالت دون منح تراخيص التنصيب في وقتها، وهي الفوضى التي شهدتها العملية غضون عام 2005، مما أجبر المتعامل موبيليس على تأجيل عمليات تنصيب المحطات إلى إشعار لاحق، إلى أن تم ذلك بعد نحو 7 سنوات وبالضبط في الفترة ما بين نهاية 2012 ومطلع 2013، ليجدوا أنفسهم مجبرين على استكمال إجراءات التنصيب. كما فند المستفيدون من عقود الإيجار صلتهم بإطارات موبيليس محل متابعة، مجمعين بالقول إن عملية انتقاء مواقع تنصيب محطات الربط اللاسلكي كانت تلقائية، كما كانت الموافقة على العرض انفرادية. تفجيرات العاصمة والمنافسة الشرسة وراء تعطيل نشاط "موبيليس" وقد تقدم دفاع المتهمين بتقادم الدعوى العمومية بفارق 3 سنوات من تاريخ اقتراف الوقائع المزعومة وتاريخ تحريك الشكوى، كما اعتبر أن المنطق "غاب" في قضية الحال، مع أن "موبيليس" استوفت كل الإجراءات التقنية والقانونية بشأن عقود الإيجار التي حررت أمام موثق. كما ربط الدفاع تضييق منح التراخيص لظروف أمنية، بعد تلقي مصالح ولاية الجزائر تعليمات من وزارة الداخلية والجماعات المحلية عقب التفجيرات الإرهابية التي هزت العاصمة في تلك الفترة، وهو الظرف الذي شمل باقي متعاملي الهاتف النقال بالجزائر، غير أن المتابعة الجزائية طالت "استثناء" شركة "موبيليس" مما جعل الدفاع يؤوّلها للمنافسة الشرسة بين المتعاملين في عالم الاتصال اللاسلكي بالجزائر، ليطالبوا بإفادة موكليهم بالبراءة، فيما حدد النطق بالحكم جلسة 30 جوان الجاري.