تساءلت أوساط سياسية وإعلامية عن إمكانية تخلي الملياردير الأمريكي دونالد ترامب عن حلمه برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعن المبلغ الذي يمكن أن يجعل من ترامب يقبل بتلك الصفقة، على الرغم من امتلاكه مالاً طائلاً يقدر بموازنات بعض البلدان، لكن آخرين رأوا أن المال لن يكون وحده دافعاً يحيد ترامب عن كرسي الرئاسة. وأشار أحد مستشاري ترامب السابقين في حملته الانتخابية، بشكل عفوي، خلال مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إلى أنه "يراهن على أن ترامب قد ينسحب من الانتخابات الرئاسية إذا عُرض عليه 150 مليون دولار مقابل ذلك"، وهو ما أكده أحد المستشارين السابقين الآخرين عندما طرح ظنونه بأنه من الممكن أن يعقد ترامب "صفقة". ورأى الناشط الجمهوري المخضرم دورنان، الذي عمل مع ترامب خلال الربيع الماضي في محاولة فاشلة لإنشاء لجنة عمل سياسية خارقة، أن إمكانية تأثير المال على خطط ترامب واردة، مضيفاً أنه سيكون هناك عدد من الراغبين بدفع المال له لإرغامه على الانسحاب، وأولهم عائلة كوخ. ويبدو أن تلك الطروحات والترجيحات أثارت غضب ترامب الذي رد على الصحيفة برسالة قال فيها: "هذه القصة ملفقة ممن يطرحها، أنا لن أترك السباق الانتخابي يوماً، ولا يملك أحد ما يكفي من المال لدفعي إلى الانسحاب من المنافسة، وإذا قاموا بذلك، فسيكون ذلك غير قانوني، هل دفعكم أوباما أو كلينتون لكتابة هذا الكلام التافه؟" وفي الواقع، كان ليكون انسحاب مرشح لأحد الحزبين الرئيسيين سابقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سواء كان ذلك مقابل المال أو أي شيء آخر، كما أنه يبدو من غير المحتمل أن يقوم ترامب بالانسحاب بعد مرور عام كامل على حملته الانتخابية وإنفاقه ملايين الدولارات عليها قبل مطالبته بجائزة التفوق على 16 منافساً آخر من الحزب. وعلى الرغم من بقاء تلك الأقاويل مجرد ضرب من الخيال، إلا أنها لاقت شعبية واسعة، فعندما نشر المستشار السابق فرضية ال 150 مليون دولار على "تويتر"، فإنه أشعل بتغريدته موجة من التفاعلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي جذبت اهتمام معارضي ترامب من الجمهوريين والليبراليين على حد سواء. وتشير تأملات وأمنيات العديد من المراقبين السياسيين المتحمسين للاسترسال في السيناريو "غير المحتمل" إلى المخاوف المتزايدة بين نخبة الحزب الجمهوري من قدرة ترامب على الإضرار بالحزب، وإلى اليأس المتصاعد بين نخبة الجمهوريين من إمكانية إيجاد بديل لترامب أو هيلاري كلينتون، وإلى استمرارية الشكوك حول التزام ترامب بالسباق الانتخابي الذي رافق حملته منذ بدايته، إلا أن ترامب أكد بنفسه أن الاقتراح "سخيف". في الإطار ذاته، قال أحد المستثمرين المعروفين في الولاياتالمتحدة، أن الفكرة جذابة، بالرغم من المعوقات العملية، فهناك عدد لا بأس فيه من المتبرعين الجمهوريين والديمقراطيين المستعدين لتقديم المال، مقترحاً بأنه يمكن للمتبرعين إقناع ترامب بقبول الصفقة من خلال عرض تمويل طموحاته المتمثلة في إنشاء شركته الإعلامية الخاصة. وطرحت مجلة "ذا ويكلي ستاندرد" الأمريكية مقترحاً لتحقيق صفقة ال 150 مليون دولار من خلال تقديم 15 مليارديرا 10ملايين دولار لترامب، مشيرة إلى أن على رئيس المؤتمر الجمهوري رينس بريبوس استضافة الاجتماع على وجبة لإتمام الصفقة المالية. من جهته، خالفَ رجل القانون جيم فيشمان الأستاذ بجامعة "بيس" للحقوق بنيويورك، ترامب بشأن قانونية الصفقة، مؤكداً أن تقديم صفقة تجارية لترامب مقابل انسحابه قد يكون قانونياً. وقال: " من غير القانوني تقديم رشوة لشخص مقابل التصويت، لكن إن أخبرت ترامب أنني بدأت بإنشاء صندوق تحوط جديد مع تخصيص مبلغ 300 مليون دولار له، وأنني أرغب حقاً بأن ينضم إلي لأن اسمه سيجذب المليارات، وأنني سأعطيه حصة 50% منذ البداية، ويستطيع سحب حصته المبدئية منذ البداية متى ما شاء، عندها لن تكون هذه رشوة، وباستطاعة ترامب الانسحاب بمبلغ 150مليون دولار". ويقترح بعض المليارديرات المهتمين بالسياسة أمثال جورج سوروس والإخوة كوخ وأكثر رجلين ثراء في الولاياتالمتحدة وارين بوفيت وبيل جايتس، عبر "تويتر" لحضور الاجتماع، فيما نادى آخرون بتدشين حملة إلكترونية على المستوى الوطني لجمع المبلغ المطلوب. ولا يزال انسحاب ترامب بتحفيز مالي مجرد مسألة آمال وتكهنات، لكن بعض الجمهوريين يستمرون في الاسترسال في الأفكار حول طرق عزل المرشح الجمهوري، فظهرت تقارير جديدة تعيد الآمال عند بعض المبعوثين بالإطاحة بترامب في المؤتمر الوطني الجمهوري القادم. من جهته، استبعد مارك كوبان، مالك نادي دالاس مافريكس لكرة السلة، والمعلق بشكل متكرر على ترشح ترامب، ومن الشخصيات النادرة التي تملك وجهة النظر في تقييم ما تعنيه الدولارات لشخص يملك المليارات، فكرة انسحاب ترامب مقابل150 مليون دولار، وقال إنها فكرة " غير منطقية" مؤكداً أنه "يستحيل حدوث ذلك" على حد تعبيره. وأشار كوبان، على الرغم من ذلك، إلى أن كل إنسان يمكن شراؤه بمبلغ من المال، ويعتقد أن ترامب ليس مستثنى من ذلك، مرجحاً أن يخلي ترامب الساحة السياسية مقابل 5 مليارات دولار.