تتضارب الأنباء المتعلقة بمصير سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي والقابع داخل أحد السجون الليبية منذ خمس سنوات، وتأتي التغييرات الأخيرة الحاصلة في خريطة المشهد السياسي الليبي داعمة للشكوك المحيطة بمصيره، في ظل احتمالات غامضة ومفتوحة على أكثر من سيناريو، دون تأكيد أو استبعاد لبقائه داخل مدينة الزنتانالجبلية التي تبعد 180 كم عن العاصمة طرابلس، أو خارج البلاد. جميع الملابسات التي تحيط بملف سيف الإسلام القذافي تدلل على هذا السياق والتضارب، إلا أن بعض المصادر أصرّ في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول على أنه لا يوجد تضارب ولكن هناك تفسيرات خاطئة لإحداثيات الوضع عمومًا في الزنتان بشكل خاص وفي ليبيا بشكل عام. ومع هذا، لا ينكر أحد الجدل الذي أثير مؤخرًا بشأن ما إذا تم تنفيذ الإفراج عن سيف الإسلام أو لا، حتى مع إعلان محاميه الإفراج عنه، وأضيف إليه جدل آخر حول خيارات الليبين في التعامل مع سيف الإسلام الفترة المقبلة وما إذا كان سيبقى داخل الزنتان أم أن محطته التالية ستكون القاهرة، كأحد الحلول المطروحة التي تحدثت عنها مصادر، لحماية سيف القذافي. كما أوضح مصدر من عائلة سيف الإسلام القذافي أنهم "على علم بمباحثات تجري بين قيادات أمنية مصرية وأخرى ليبية في الزنتان الجبلية (سجن سيف الإسلام)، لبحث نقل سيف الإسلام للقاهرة، بعد المفاضلة بين وضعه في كلا المكانين بعد الإفراج عنه، لاسيما أنه ما زال مطلوبًا لدى الجنائية الدولية"، ولم يوضح المصدر الذي يعيش بالقاهرة، نتيجة هذه المباحثات، وأكد أن وفدًا مصريًا رفيع المستوى موجود في ليبيا منذ يومين لمتابعة الأمر، الذي وصفه بأنه يواجه "تعثرًا" دون أن يوضح أسباب ذلك. لكنّ مسؤولا مصريا، على دراية بملف العلاقات المصرية الليبية، نفى وجود مباحثات بين الجانبين، مرجعًا الأمر لسببين، حالة الفوضى السياسية التي تشهدها ليبيا، وعدم رغبة مصر في التورط بملف مشتبك دوليًا، في إشارة لمطالبة الجنائية الدولية بتسليم سيف الإسلام القذافي. وتقول وسائل إعلام عربية إن مصر كانت الوجهة الثانية لزوجة القذافي صفية فركاش، وتعيش حاليًا بها بعدما تركت منذ 3 سنوات الجزائر حيث لجأت لها بصحبة 3 من أبناء القذافي في 2011. وفي السياق نفسه، لم يؤكد الناطق باسم المجلس العسكري في الزنتان محمود الحتويش، أو ينفي، زيارة الوفد المصري إلى ليبيا، إلا أنه شدد على أن "قضية سيف الإسلام متعلقة بالشعب الليبي والسيادة الليبية ولا يمكن نقله لأي جهة كانت أو بواسطة أحد .. فإن كان مدانا بقضايا فهي تخص الشعب الليبي ولا تخص دولا أخرى شقيقة أو أجنبية .. وإذا تعثرت محاكمته داخل ليبيا أو لم يحقق معه قانون العدالة يمكن أن يكون هناك مخرج بحكم خارجي (لم يوضح طبيعته) لكن ليس الآن؛ لأن المؤسسة القضائية ما زلت مستقلة ونرى فيها خيرًا وستنصف سيف الإسلام إن كان بريئا أو غير ذلك شأنه شأن الليبيين". في الاتجاه نفسه، كشف عبد الله ناكر رئيس حزب القمة وأحد القيادات السياسية لمدينة الزنتان رفض المدينة لعروض سبق أن قدمتها عدد من الدول (لم يذكرها) لينتفل إليها سيف الإسلام، ومنذ يونيو/حزيران 2011، تطالب المحكمة الجنائية الدولية، ليبيا بتسليم سيف القذافي، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية إبان الثورة الليبية في 2011، وهو ما ترفضه ليبيا، وتصر عليه الجنائية الدولية. ويقبع سيف الإسلام القذافي في بلدة الرنتان منذ أن تم إلقاء القبض عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2011. ورفض الثوار بالبلدة نقله إلي العاصمة طرابلس رغم الجهود الحثيثة، ومثل مرتين أمام محكمة الزنتان الجنائية بتهمة "المساس بالأمن الوطني". وتزداد حدة التضارب في تحديد المكان الحالي لسيف الإسلام، هل هو داخل السجن أو خارجه، ففريق يقول إن سيف الإسلام ما زال داخل السجن، ويتصدر هذه الرواية المجلس البلدي والعسكري لثوار الزنتان، وفريق يفضل عدم الإفصاح عن ما إذا كان داخل أو خارج السجن ويمثله العجمي العتيري، آمر الكتيبة المشرفة على سجن سيف الإسلام. وقال بيان مشترك صادر عن المجلس البلدي، والعسكري لثوار الزنتان، الجمعة الماضية: نؤكد أن المتهم موجود في السجن، ولم يتم إطلاق سراحه بغض النظر عن التصريحات المرئية أو المسموعة"، فيما قال العجمي العتيري: "قانون الإفراج تم تنفيذه بعد إصدار أمر من الجهة التنفيذية بتنفيذه وقد نفذنا هذا القانون"، رافضًا تحديد ما إذا كان سيف الإسلام ما زال داخل السجن أو لا وفسر الأمر بأنه "أمور أمنية لا نتحدث عنها". وذهب كل من عبد الله ناكر رئيس حزب القمة وأحد القيادات السياسية، وعبد السلام عبد الله نصية، عضو مجلس النواب الليبي عن الزنتان، في تصريحات مقتضبة للأناضول إن سيف الإسلام ما زال في السجن في مدينة الزنتان. مصدر من الأعيان داخل قبيلة الزنتان، وعلى دراية بكواليس الملف، تحدث للأناضول شريطة عدم ذكر اسمه قال: سيف الإسلام أفرج عنه رسمياً وقانونيًا، وحاليًا هو تحت وصاية المجالس العسكرية والبلدية والاجتماعية والقبلية بالزنتان، والفرضيات جميعها واردة بدءا من إطلاق سراحه وأن يذهب إلى المكان الذي يريد ووصولًا إلى أن يعاد للقضاء من جديد. واستطرد المصدر: احتمالية إطلاق سراحه لن تكون في القريب، فلا مكان يذهب إليه داخل ليبيا غير الزنتان فلا قبائل خارجها تحتويه ولا هو سيرغب في المخاطرة، أما خارج ليبيا بحكم المواثيق الدولية وبالنظر إلى أن ملفه في لاهاي لا يزال مفتوحاً فستستلمه حينها المحكمة الدولية مباشرة ولن يخرج. ولفت إلى أن العفو العام عن سيف يعيد له حقوقه المدنية.