لم تقتصر ثورة الغضب التي اجتاحت الشوارع التونسية على المطالبة بتحسين ظروف العيش وحماية القدرة الشرائية والحد من ارتفاع الأسعار، حيث إن تلك المطالب امتدت لتشمل الدعوة إلى اجتثاث أصل الفساد الذي تغلغل في جسد النظام التونسي، والمطالبة بالقضاء على رموزه الذين يأتي في مقدمتهم مدير الحرس الرئاسي الجنرال علي سرياتي، حيث تم اتهام عناصر من الحرس الرئاسي بالقيام بعمليات تخريب وحرائق واسعة تمت بإيعاز من هذا الرجل الذي أثار الرعب في نفوس التونسيين طيلة فترة حكم زين العابدين بن علي. ويأتي من ضمن ''المطلوبين أيضا، عبد الله قلال ووزير الداخلية السابق ورئيس مجلس المستشارين، وهو الغرفة العليا للبرلمان التونسي، ففي سنة 2001 صدرت ضده مذكرة توقيف من طرف القضاء السويسري بتهمة التعذيب، حيث انطلقت الإجراءات لإيقافه وتقديمه للتحقيق، إلا أن تدخلا عاجلا لسفارة تونس بجينيف مكنه من مغادرة المصحة، حيث كان يقيم. وبعدما كان دعي ''للقيام بمهام أخرى'' خلال التعديل الوزاري الأخير، أضيف إلى القائمة كملحق برتبة وزير مستشار حتى يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. كما يطالب التونسيون برأس وزير الشؤون الدينية السابق أبو بكر الأخزوري الذي أقاله بن علي قبل أشهر، حيث إن هذا الرجل عرف بمواقفه المعادية للحجاب، ووصل به الأمر إلى حد اعتباره المرأة التي ترتدي الحجاب بأنها ''نشاز''، كونه مظهر ''غير مألوف''، إلى جانب أنه ''زي طائفي''. ومن بين المغضوب عليهم في الشارع، يأتي مستشارا زين العابدين بن علي؛ عبد الوهاب بن عبد الله وعبد العزيز بن ضياء اللذين يتهمان بنقل معلومات مغلوطة للرئيس في سبيل توسيع نفوذهما. ورغم أن بن علي أقالهما في موجة الاضطرابات الأخيرة، إلا أن الشارع لايزال يعتبرهما من رموز النظام الفاسد ويعارض عودتهما بأي شكل من الأشكال. من ناحية أخرى، شكلت الثروة والنفوذ الذي يتمتع بها صهر الرئيس التونسي الفار ورجل الأعمال محمد صخر الماطري، حديث الشارع التونسي طيلة سنوات، حيث إن هذا الرجل يدير عدة مؤسسات إعلامية واقتصادية منها دار ''الصباح'' التونسية وإذاعة ''الزيتونة'' ومصرف ''الزيتونة'' و''دار النقل'' للسيارات. وتزوج الماطري، 31 عاما، من السيدة نسرين بن علي، الابنة البكر للسيدة ليلى الطرابلسي، وهو أحد أبناء العقيد منصف الماطري، صديق الرئيس، وزميل دفعته في مدرسة سان سير الفرنسية الذي شاركه في ''الانقلاب الأبيض'' على بورفيبة. ويمتلك الماطري عدة شركات واستثمارات على غرار شركة الشحن التونسية المقدر ثمنها ب 100 مليون دينار، كما يدير ''مجموعة أميرة الماطري'' التي تتوزع استثماراتها على قطاعات الصحة والسياحة والصناعات الغذائية ومشاريع العقارات الضخمة، بالإضافة إلى إدارته شركة ''النقل للعربات الصناعية'' وشركة ''حلق الوادي لملاحة الترفيه'' وهي شركة متخصصة في السياحة البحرية، إلى جانب سلسلة مخازن ''المغازة الكبرى''. كما يملك شركة ''نستلي تونس''. كما يملك 16 بالمائة من أسهم البنك الإيطالي ''مونت دو باش سيينا'' التي باعها لاحقا. ويمتلك أيضا أربع شركات عقارية تحصلت على النصيب الأكبر من مشروع الاستثمار الإماراتي العملاق ''سما دبي'' وغيرها من الأملاك التي تثير تساؤلات عديدة وسط الشارع عن مصدرها.