اعتقال 11 شخصًا متّهمون بتزوير محضر لإتلاف أسماك الضحية خرج آلاف المغاربة إلى الشوارع في مدينة الحسيمة شمال المغرب، أول أمس الاثنين، لليوم الرابع على التوالي، احتجاجاً على مقتل بائع السمك "محسن فكري" سحقاً في شاحنة لجمع القمامة بعد مواجهة مع الشرطة أثناء محاولته استعادة أسماك صادرتها منه الشرطة. وأدى مقتل محسن فكري في الحسيمة، الجمعة الماضية، إلى أحد أكبر الاحتجاجات على مستوى البلاد منذ عام 2011. وصدرت تعليمات في بلاغ لوزارة الداخلية، في وقت سابق، من العاهل المغربي، لإجراء بحث دقيق ومعمق مع متابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث. وأمر الملك محمد السادس بعد حادثة مقتل "فكري" ب"التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع، ليكونوا عبرة لكل من يخل أو يقصر خلال القيام بمهامه ومسؤولياته"، حسب ما أوردته وسائل إعلام محلية. الرواية الرسمية لمقتل الشاب فكري داخل شاحنة للنفايات في رواية النيابة العامة لمدينة الحسيمة، فإن المرحوم فكري "اشترى من صيادين في ميناء الحسيمة حوالي نصف طن من سمك أبوسيف"، وهو "الممنوع صيده قانونيا"، خلال الفترة الزمنية ما بين 1 أكتوبر و30 نوفمبر من كل عام. وكلف المرحوم فكري "شخصا بنقل الأسماك في سيارة نقل لم تخضع للمراقبة عند مغادرة الميناء"، ما دفع "رجل شرطة مداوم إلى إبلاغ مصالح الأمن"، لتتم "عملية إيقاف السيارة في أحد شوارع المدينة". وقررت النيابة العامة في الحسيمة، في ليلة الجمعة إلى السبت، من الأسبوع الماضي "إحالة السائق، والأسماك المحجوزة، إلى مندوب الصيد البحري لاتخاذ الإجراءات القانونية"، كما أن الطبيب البيطري، في مدينة الحسيمة، أفاد "بعدم صلاحية الأسماك للاستهلاك"، بسبب "عدم توفر وثائق تثبت مصدرها مما يقتضي إتلافها". وفي ليلة السبت، استدعت لجنة تتكون من مندوب الصيد البحري، ومن رئيس مصلحة للصيد البحري، ومن الطبيب البيطري، ومن ممثل للسلطة أي وزارة الداخلية "شاحنة نقل النفايات" من أجل إتلاف الأسماك. وزورت اللجنة، بحسب التحقيقات الأولية، "محضرا رسميا" يقضي بإتلاف الأسماك في شاحنة النفايات، تحت مطالبة من مسؤول شاحنة نقل النفايات، بحاجته إلى "أمر مكتوب". في الاثناء طالب محمد السادس بتطبيق فوري للقانون وعلى الجميع لمعرفة ملابسات الحادثة. اعتقال 11 مسؤولا مغربيًا بتهمة تزوير وثيقة رسمية قرر الوكيل العام للملك المغربي لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة إحالة 11 شخصا على قاضي التحقيق، من بينهم اثنين من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، بعد توصّل تحقيقات أولية إلى حدوث التزوير في محرر رسمي، وذلك على إثر حادث وفاة الشاب محسن فكري. وذكر بلاغ للوكيل العام للملك، أنه قرر إحالة هؤلاء على قاضي التحقيق بعد التوصل بمحضر البحث الذي تم من خلاله الاستماع لما يزيد عن 20 شخصا، وإجراء عدة معاينات ومواجهات استغرقت 72 ساعة، حسب البلاغ. وأضاف البلاغ أن الوكيل العام للملك كلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الكائن مقرها بالدار البيضاء، نظرا لخبرتها وضمانا للحياد في عملها، لإجراء هذا البحث المعمق حول ظروف وفاة "سمّاك الحسيمة". وبعد حضور ممثل مندوبية الصيد البحري، يضيف البلاغ، أفاد بوجود مخالفات للقانون المنظم لصيد السمك، لتتصل، إثر ذلك، مصالح الشرطة القضائية بالنيابة العامة التي أمرت بإحالة السائق والأسماك المحجوزة إلى مندوب الصيد البحري لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في الموضوع. وكشف البلاغ أن اللجنة المكونة من مندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة عمدت إلى تحرير محضر بإتلاف السمك المحجوز قبل القيام بهذه العملية، تم تسليم أصله لممثل الشركة، "وهو ما يكتسي في نظر هذه النيابة العامة وصف جناية التزوير في أوراق رسمية". احتجاجات مقتل "فكري" في الحسيمة ترفع مطالب سياسية انتقلت شعارات المتظاهرين من المطالبة بالتحقيق في مقتل بائع السمك محسن فكري إلى مطالب اجتماعية وحقوقية. وأكد نشطاء مدنيون وحقوقيون بالحسيمة استمرار ما أسموه "العصيان المدني" في الإقليم؛ فيما دافعوا عن تحركهم الاحتجاجي في مواجهة عدة اتهامات بزرع الفتنة في البلاد وإثارة الشغب في المدينة، ليشددوا على أن الاحتجاجات ظلت منذ انطلاقها سلمية ولم يتم حرق أي سيارة أو اقتحام أي مؤسسة عمومية. وهاجم النشطاء ذاتهم كل الأحزاب السياسية باعتبارها "تستغل مأساة عائلة الراحل محسن فكري". فيما اعتبروا أن حزب العدالة والتنمية وكذا حزب الأصالة والمعاصرة "لا يمثلان المغاربة ولا حتى أبناء الحسيمة ومنطقة الريف المغربي". محتجّون يحرقون صورة بن كيران في الحسيمة أحرق محتجون وسط ساحة محمد السادس بالحسيمة صورة لرئيس الحكومة المعين من الملك محمد السادس، عبد الإله بنكيران، تعبيرا منهم عن الغضب من الأخير، ومنددين في الوقت ذاته بصمته تجاه قضية مقتل "سماك الحسيمة"، محسن فكري. وفيما رفعت شعارات ضد بنكيران، باعتباره "لا يمثل المغرب والمغاربة"، وفق تعبير المحتجين، لجأ عدد منهم إلى رفع لافتة ورقية مرفقة بصورة له، كتبت عليها عبارة "أنا ماشي ساهل.. أنا واعر وكانضحك على الشعب"، قبل أن يمزقوها ويحرقوها بشكل غاضب. وتأتي موجة الغضب العارمة على بنكيران في وقت اختار رئيس الحكومة المعين حديثا التزام الصمت تجاه قضية مقتل "سماك الحسيمة"، واكتفى بدعوة مناضلي حزبه "العدالة والتنمية" إلى عدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص هذا الحادث المأساوي. وكان بلاغ صادر عن الأمين العام للحزب الحاكم في المغرب أورد أنه "يعبر عن أسفه الشديد للحادث المؤلم لوفاة بائع السمك بمدينة الحسيمة، المرحوم محسن فكري، مساء الجمعة، الذي فتح بشأنه بحث من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي انتقلت إلى عين المكان لهذه الغاية". ولم تخل الاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة منذ ليلة الجمعة الماضي، تنديدا بمقتل محسن فكري، من تخصيص المتظاهرين حيزا هاما من الهجوم لرئيس الحكومة المعين من طرف العاهل المغربي، مطالبين إياه بالرحيل، باعتباره "يتحمل مسؤولية مقتل فكري وكل ما يعانيه المغاربة من آفات"، وفق تعبيرهم.