النواب يتبادلون التهم.. واحتجاجات النقابات تحت قبة البرلمان تميزت جلسة مناقشة مشروع القانون المتعلق بالتقاعد، بنقاشات حادة بين نواب الأغلبية والمعارضة الذين قاطعوا الجلسة الافتتاحية، منددين ب«تزوير" التقرير التمهيدي، مطالبين الوزير محمد الغازي بسحب المشروع، وتوسيع الاستشارة لباقي التنظيمات النقابية وعدم الاكتفاء بالاتحاد العام للعمال الجزائريين. كما كانت أبرز نقطة خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بالتقاعد هو الغياب الملحوظ لنواب الأغلبية، في ظل مقاطعة نواب المعارضة ممثلة في تكتل الجزائر الخضراء، وجبهة العدالة والتنمية، وحزب العمال، وجبهة القوى الاشتراكية، وحتى بعض النواب الأحرار، ليعلق على ذلك النائب الحر حبيب زقاد على هذا الغياب قائلا "النائب يتقاضى 78 ألف دينار بعد عهدة واحدة من خمس سنوات فقط"، وهو على ما يبدو سبب عدم اهتمام نواب الأغلبية بمناقشة هذا القانون. وأثار تعقيب رئيس المجلس الشعبي الوطني، على كلام وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، بخصوص التصويت على مشروع القانون الأربعاء القادم، حفيظة نواب المعارضة، بعدما ذكر الوزير النواب بمشروعي قانونين صوت عليهما نواب الأغلبية، آملا أن يتكرر الأمل بالنسبة لهذا القانون، ليطمئن بعده محمد العربي ولد خليفة الوزير قائلا "لا ثانية من دون ثالثة"، ليتدخل رئيس المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء عبد الرحمان بن فرحات الذي ندد ب«تزوير وتلفيق" التقرير التمهيدي، قبل أن ينسحبوا من الجلسة لبضعة دقائق. وأوضح بن فرحات في تصريحات إعلامية على هامش مناقشة مشروع قانون التقاعد، أنه "كان يمكن حل المشكل بالحوار مع النقابات الفعالة"، متسائلا عن سبب الاكتفاء بالحوار مع نقابة واحدة وهي الاتحاد العام للعمال الجزائريين. كما جدد اعتراض نواب تكتل الجزائر الخضراء على عمل اللجنة وتقريرها الذي "أعد في غياب أعضائها من المعارضة"، مشيرا إلى أن نواب التكتل الأخضر "يتضامنون مع العمال الذين منعوا من تنظيم وقفتهم أمام البرلمان". وفي السياق ذاته، عبر رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية، شافع بوعيش، عن استياء نواب الأفافاس من «رفض نواب الأغلبية الاستماع لانشغالات تكتل النقابات"، معتبرا أن "هؤلاء النواب لا يمثلون الشعب"، وتساءل "أين هي مصداقية البرلمان والنواب"، موضحا "كان يجب استضافة النقابات والاستماع لانشغالاتهم"، كما اتهم بوعيش مكتب المجلس الشعبي الوطني وقال عنه إنه "غير شرعي"، مضيفا أنه "ألغى يوما برلمانيا لكتلة الأفافاس" كان سيخصص لدراسة مشروع القانون المتعلق بالتقاعد. كما انسحب نواب جبهة العدالة والتنمية، من الجلسة احتجاجا منهم على التقرير التمهيدي "المفبرك"، والذي أعد حسب النائب لخضر بن خلاف من طرف "وزارة العمل وليس من طرف اللجنة"، وأضاف "لا نريد أن نسمع لتقرير مزور". ووصف المتحدث هذا المشروع بأنه "مؤامرة على العمال بعد مؤامرة قانون المالية"، معتبرا بأنه "يستهدف الطبقة الشغيلة"، محذرا من مغادرة خيرة العمال. فيما انتقدت النائب عن حزب العمال، رحيمة بن بسة "الخناق" المفروض على أعضاء لجنة العمل، و«الغموض" الحاصل في عمل اللجنة، وتساءلت هي الأخرى عن من أعد التقرير التمهيدي لمشروع القانون المتعلق بالتقاعد، مؤكدة أن حزب العمال متضامن مع النقابات، وذلك في ظل "غياب نقاش حقيقي"، الأمر الذي يحتم حسبها على حزب العمال "رفض مشروع القانون". من جهة أخرى، انتقد عدد من النواب الأحرار ما وصفوه ب«التمييز" الحاصل بين المواطنين الجزائريين، وهو الأمر المرفوض حسبهم قانونيا ودستوريا، وهو الانشغال الذي عبر عنه النائب حبيب زقاد، متسائلا عن سبب "عدم المساواة" بين المواطنين العاديين والإطارات السامية الذين "يمكنهم التقاعد بنسبة 100 بالمائة بعد عمل 10 سنوات فقط"، كما استغرب كون "النائب يتقاضى 78 ألف دينار بعد عهدة واحدة من خمس سنوات فقط"، مطالبا بحل صندوق تقاعد الإطارات ودمجه مع الصندوق العادي ليتساوى المسؤول مع المواطن. فيما أعاب محمد الداوي النائب عن حزب الكرامة تصريحات وزارة العمل "وكأن القانون قد مرر قبل أن يناقش أصلا"، وهو ما اعتبره "مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات" وهو "المكرس في الدستور الجديد". أما النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، برابح زبار، أكد أن الحزب العتيد "يساند برنامج رئيس الجمهورية وكل القوانين التي تقدمها الحكومة"، وأضاف في تصريح له للصحافة "نثمن هذا المشروع"، مشيرا إلى أن "مجال النقاش مفتوح أمام جميع الأحزاب"، مستشهدا بتسجيل قرابة 170 نائبا يود التدخل حول مشروع القانون المتعلق بالتقاعد، وأضاف أن اللجنة درست "من كل الجوانب" هذا المشروع بهدف "المحافظة على منظومة التقاعد وعلى ديمومة الصندوق"، التي تبنى حسبه على التضامن بين الأجيال، معترفا في السياق ذاته بأن صندوق التقاعد يعرف في الوقت الحالي "صعوبات في التمويل". أما نواب التجمع الوطني الديمقراطي، فقد ثمنوا في مجمل مدخلاتهم الصباحية مضمون المشروع ودعوا الوزارة لمكافحة السوق الموازية والشغل غير المصرح به، من أجل رفع مداخيل الصناديق الاجتماعية، واعتبروا أن المشروع يرمي الى الحفاظ على التوازنات المالية لصندوق التقاعد الذي يعاني عجزا فادحا وغير مسبوق.