تشرع 53 تشكيلة سياسية يوم الأحد، في سباق الحملة الانتخابية التي تتواصل على مدار 3 أسابيع، يتنافس فيها نحو ألف مترشح للظفر بمقاعد المجلس الشعبي الوطني البالغ عددها 462 مقعدا، حيث يخصص الأمر الرئاسي رقم 12-01 المحدد للدوائر الانتخابية الصادر في فيفري 2012، مقعدا واحدا لكل حصة من 80 ألف نسمة، ويمكن تخصيص مقعد إضافي لكل حصة متبقية تضم 40 ألف نسمة، ولا يمكن أن يقل عدد المقاعد عن أربعة في الولايات التي لم تبلغ كثافتها السكانية 3500 ألف نسمة. الحملة الانتخابية التي ستجوب فيها الأحزاب السياسية مختلف ولايات الوطن تنطلق وسط رهان، أو امتحان قوي لهذه الأحزاب على تعبئة الناخبين، وسط هاجس الامتناع عن الانتخاب الذي تقوده الأغلبية الصامتة، وبمشاركة الغالبية العظمى من أحزاب المعارضة التي قادت تيار الممانعة ضد السلطة منذ بدء ما يسمى بالربيع العربي، فإن قدرتها على تعبئة الشارع من أجل الانتخاب تبقى على المحك إلى غاية انتهاء العملية الانتخابية، التي تراهن عليها السلطة بأنها خطوة سياسية تعلق عليها آمالا كبيرة في إدارة الانتخابات الرئاسية المقبلة بعيدا عن أي تشويش من الداخل أو الخارج، وهو ما أشار إليه صراحة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس. وعلى هذه الخلفية أعلنت أحزاب الموالاة عن طوارئ انتخابية. ورغم الفتور الذي ستعرفه تطورات الحملة الانتخابية في أسبوعها الأول مثلما جرت، فمن المتوقع أن تشتد وترتفع وتيرة التعبئة مع الأسبوع الأخير من عمر الحملة التي تراهن الأحزاب على أن تكون معركة سياسية حاسمة للتموقع وفق اعتبارات ما بعد التشريعيات. ماذا بعد تشريعيات 4 ماي؟ ذهب الأمين العام لحزب جبهة التحير الوطني بعيدا في تقديراته عندما ربط التشريعيات الحالية برئاسيات 2019، وأقل من ذلك بكثير يطرح زعيم حمس عبد الرزاق مقري ومعظم الأسماء المحسوبة على التيار الإسلامي، مشروع تحالف يفرز حكومة وحدة وطنية تشرف على تسيير مرحلة ما بعد التشريعيات، وهو اقتراح سياسي لم ترد عليها السلطة بعد إلى غاية اتضاح معالم النتائج التي يقدر أن أغلبيتها ستكون لتيار الأحزاب الوطنية، دون استثناء الأحزاب الإسلامية التي سيكون لها دور في النتائج المرتقبة لما بعد مرحلة الرابع ماي القادم، والسلطة على ما يبدو لن تمانع التحالف مع الإسلاميين الذين مهدوا لمشاركة قطاع واسع من الناخبين. كما أننا نسجل اعتدال لغة الخطاب السياسي لدى معظم الأحزاب الإسلامية اتجاه الحكومة والسلطة على حد سواء، ورهانها على المشاركة الواسعة يتقاطع مع سياسة الحكومة في تعبئة الشارع وتجنيد الناخب للمشاركة يوم الرابع ماي القادم دون أن يهم على من يصوت. كل هذه الاعتبارات تفتح الباب للتكهن بملامح مرحلة ما بعد التشريعيات التي ستكون تحالفا قويا بين السلطة والمعارضة لتأمين رئاسيات 2019 والمرور بسلام دون أي مطبات أو مفاجآت بإمكانها أن تؤدي إلى لفتان سياسي يزج بالبلاد في أتون انحراف غير محسوب، وهو ما ترفضه الطبقة السياسية جملة و تفصيلا، فضلا عن حرص معظم الجزائريين على أن يتم تجنيب البلاد مثل هذه المغامرات، وأن يكون التفاهم أرضية مستقبل إدارة شؤون البلاد والعباد. إلى ذلك اختار قادة الأحزاب السياسية إعطاء إشارة انطلاق الحملة الانتخابية من ولايات مختلفة وفي الوقت الذي سيتنشط فيه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني من شرق البلاد تجمعا شعبيا في القاعة المتعددة الرياضات بخنشلة اليوم الأحد، ينشط زعيم حمس عبد الرزاق مقري تجمعا شعبيا في قلب العاصمة على الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد.