أثارت المجازر الوحشية التي قابل بها نظام القائد الليبي معمر القذافي المظاهرات السلمية المطالبة بالتغيير، ردود فعل ساخطة بين المثقفين والفنانين الجزائريين والعرب الذين استطلعت ''البلاد'' آراءهم، حيث أجمع هؤلاء على أن تقتيل المتظاهرين بتلك الدموية، واستقدام مرتزقة وتسليطهم على أبناء ليبيا، يعكس الوحشية التي تميز معمر القذافي الذي تخلى عن كل معاني الإنسانية، مقابل كرسي لا يزال متمسكا به منذ 42 عاما. وفي هذا الإطار يعتقد الفنان صالح أوقروت أن مايجري في ليبيا حاليا، أكثر دليل على وجود ''يوم القيامة''، خصوصا حينما نشاهد تلك الجثث والأشلاء ملقاة في الشوارع في شكل مهين للكرامة الإنسانية. وصب محدثنا جام غضبه على العقيد الليبي واصفا إياه ب''المجنون'' و''غير السوي'' و''المريض نفسيا''، وقال إن شخصا مثل هذا يستوجب نقله على جناح السرعة إلى أقرب مستشفى للعلاج النفسي لأن تصرفاته لا تدل على أنه شخص عاقل ''لم أستطع فهم تفكير هذا الشخص.. لكن ما أفهمه هو أن عليه العلاج في أقرب وقت''. وذهب أوقروت إلى أبعد من ذلك حين قال إن القذافي شخص ''مرفوع عنه القلم''، مضيفا أنه لا حل معه سوى قتله بالنظر إلى استحالة الحوار أو التفاهم معه، خصوصا أن هذا الرجل يفكر بطريقة غريبة، حيث يقول إن معنى الديمقراطية هو ''الجالسون على الكراسي''، فهذا الكلام لا يصدر، حسبه، إلا من شخص مجنون. واعتبر صالح أوقروت، بنبرة غاضبة، أنه من العيب الكلام عن العقيد الليبي ''عيب أن نذكر اسمه.. وعيب أيضا أن يوجد على الأرض إنسان مثل هذا..ولما اكتشفت فيه الكراهية كرهته أكثر مما كرهته''، على حد تعبيره. القذافي يستمد فكره من العصر الحجري ومن جانبه، عبر المخرج السينمائي بشير درايس عن سخطه هو الآخر مما يحدث في ليبيا، موضحا أن الصورة الحقيقية غير واضحة تماما في ظل التعتيم الذي يمارسه النظام الليبي. وعدا هذا، اعتبر محدثنا أن ما شاهده عبر الفضائيات من جرائم وتقتيل، أمرا غير مقبول ومستهجنا، مضيفا أنه لايفهم كيف يكره هذا الدكتاتور شعبه بتلك الطريقة ويذبحه مقابل التمسك بكرسي السلطة، وأن يستعين بالمرتزقة من أجل إبادة شعب أعزل ''ماذا يريد هذا الشخص.. فليرحل.. ما يحشمش.. إنه كارثة.. فليرحل''. وأكد محدثنا أن القائد الليبي شخصية تستمد تفكيرها من العصر الحجري، حيث لايفهم غير لغة الدم والعنف، موضحا أن القذافي منافق وعديم الشخصية، فتارة تجده يتودد للأوروبيين ويثني عليهم، وتارة يهاجمهم، موضحا أنه ظل لأكثر من أربعين عاما يسير ليبيا هو وعائلته، مثلما يسير مزرعة شخصية أو قطعة أرض خاصة. وفي السياق ذاته، استغرب بشير درايس التزام المجموعة الدولية والعالم العربي الصمت في ظل استمرار المجازر وسقوط مزيد من القتلى يوميا، مضيفا أنه ربما يفهم صمت العالم الغربي، خصوصا بعد التصريح الذي أطلقه رئيس الوزراء الإيطالي وقال فيه إنه ''يفضل دكتاتورا مثل القذافي بدل قيام إمارة إسلامية في ليبيا''، لكن، صمت العرب غير مقبول إطلاقا. ليبيا غنية والقذافي أفقر شعبها من ناحية أخرى، اكتفى الروائي مزراق بقطاش لما طلبنا منه تعليقا حول الأحداث الجارية، بذكر المثل الشعبي الجزائري ''خذ حذاءك وانصرف''، بينما اعتبر الكاتب والناقد المصري عبد الله السمطي في حديث ل''البلاد''، أن ما يحدث في ليبيا أمر بشع جدا، ولا يتصور أن يكون ذلك في عصر توجد فيه الصوت والصورة والثقافة المتنورة والأممالمتحدة ومواثيق حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وعصر يفترض أن يتدبر فيه الإنسان ويفكر، مضيفا أن مايجري في ليبيا هو نتيجة حتمية للنظم الدكتاتورية التي لاتعترف بحق الآخر في التعبير. وهاجم محدثنا العقيد الليبي ووصفه ب''غريب الأطوار'' الذي طالت به المدة الدكتاتورية وطال به الزمان ليفعل بشعبه ما يفعل الآن، معتبرا أن الشعب الليبي العربي المسلم لا يستحق ما يتعرض له، وكان يمكن له أن يصبح أحد الشعوب المتقدمة في الاقتصاد والفكر والثقافة، غير أن القذافي اختزل هذا الشعب في شخصه، وأمم كل الثروات واستغلها في مصالحه وأهوائه الشخصية البشعة. وأكد السمطي أن المثقفين في مصر، رغم أنهم جيران لليبيا، لا يعرفون عن هذا البلد سوى ''العقيد معمر'' و''الراية الخضراء'' و''اللجان الشعبية''، في وقت تمتلك ليبيا نخبة مثقفة متنورة وواعية، غير أن صوتها يبقى مقموعا ولا يصل إلى المشاهد والقارئ العربي. وأوضح محدثنا أنه يساند، مثل غيره من المثقفين المصريين، ثورة الشعب الليبي الراغب في التغيير والعيش الكريم في كنف الحرية والكرامة، وأنه لا يمكن لنظام القذافي الاستمرار بعد أكثر من أربعين عاما، كون ذلك يشكل نوعا من الظلم والاستبداد، على حد تعبيره. صمت الشعوب لا يعني خوفهم أعربت الفنانة بهية راشدي عن بالغ أسفها للأوضاع الدامية والأحداث الساخنة التي تعم أرجاء الوطن العربي، وبالخصوص ليبيا، معتبرة أن هذه الثورات التي تقودها شعوب تلك الدول منددة بالظلم وتدني الأوضاع المعيشية؛ ما هي إلا نتيجة ضغوطات في جميع المجالات، وأن صمت باقي الشعوب العربية التي تعيش نفس الضغط والظلم، لا يعني جبنها وخوفها، وإنما هو نوع من الصبر الذي لن يستمر طويلا، على حد قولها. ووصفت بطلة فيلم ''امرأتان'' ثورة ليبيا التي تطالب بإسقاط نظام معمر القذافي ب''البركان'' الذي يزيد عمره عن أربعين عاما وحان الوقت لينفجر ويعبر عن ظلم ومهانة شعب يحاول اليوم إظهار قدرته في تغيير وضعه إلى الأحسن. كيف صبر الليبيون 42 عاما تحت قيادة مجنون؟ من جانبه، أبدى الروائي والمترجم محمد ساري استياء كبيرا وحزنا عميقا للأحداث الدامية التي يمر بها الشعب الليبي الذي خرج في مظاهرة سلمية للتنديد بالظلم، قوبلت بالعنف وقتل الأبرياء، مضيفا أن الشعب الليبي الذي اختار وضع حد للظلم والسيطرة، مطالب بالصمود والتمسك بموقفه الذي كان لزاما أن يعبر عنه منذ زمن ''القذافي مجنون وأتساءل كيف صبر الليبيون أربعين عاما تحت قيادته''. وفي سياق حديثه؛ أثنى صاحب رواية ''الغيث'' على موقف الداعية الشيخ يوسف القرضاوي الذي أفتى بإهدار دم القائد الليبي معمر القذافي على خلفية الجرائم الشنعاء التي تعرض إليها شعبه، مضيفا أن لغة الحوار اليوم لم تعد تجد نفعا أمام فظاعة الجرائم التي لحقت بالمواطنين العزل، حيث أن ''الدكتاتور معمر القذافي''، يقول محدثنا، لم يترك مجالا للكلام بقدر ما فتح أبواب العنف والشحناء على مصراعيها''. واعتبر ساري أنه لم يعد هناك من حل سوى تدخل الأممالمتحدة والقوى الكبرى لوقف ''الإبادة الجماعية''، ووضع حد لسيطرة من وصفه ب''المجنون الذي حكم البلاد ما يقارب نصف قرن''. خطاب القذافي يدعو للخوف على الليبيين وبدورها، عبرت الفنانة فطيمة حليلو عن أسفها وتألمها حيال الوضع في ليبيا، وقالت إن ثورة الشعب الليبي مشروعة ولا يمكن لأي كان قمعها ''من حق الشعب أن يثور.. فهو من اختار رئيسه ويحق له تنحيته''، مضيفة أن الخطاب الأخير لمعمر القذافي زاد من خوفها وقلقها على الشعب الليبي الذي كلفته مطالبه المشروعة قتل الكثيرين من الأبرياء. وبالمقابل؛ وصفت محدثنا التوترات الحاصلة في أغلب الدول العربية ب''مسلسل الرعب'' الذي تمنت أن ألا يستمر طويلا ويختتم بالخير على جميع الشعوب.