حرمان الوزارات من إعداد توقعات الميزانيات السنوية شرعت لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني في سلسة اجتماعاتها المخصصة لدراسة أحكام مشروع القانون العضوي لقوانين المالية، من خلال الاستماع للمدير العام للميزانية فريد بقة. وخلال هذا الاجتماع الذي ترأسه رئيس اللجنة توفيق طورشي، أكد بقة على أهمية هذا القانون الجديد الذي يجري إصلاحا عاما لطريقة صياغة قانون المالية والرقابة على ميزانية الدولة. ووفقا للتدابير الواردة في هذا القانون، فإن الحكومة مطالبة بتقديم مخطط اداء سنوي مع اهداف جد دقيقة. كما يكرس منح المسؤولية للآمرين بالدفع ويقترح طريقة جديدة لعرض قوانين المالية، لاسيما من خلال إعداد توقعات الميزانية على أساس الانشطة الإجمالية وليس حسب الوزارات، يضيف بقة. وعليه فإن هذا القانون يؤسس لإعادة هيكلة حقيقية للميزانية من خلال الانتقال من إطار موازانات، قائم على النفقات إلى إطار جديد قائم على تقييم النتائج من خلال مجموعة مؤشرات. وستقدم قوانين المالية بالتالي في شكل برامج تجسد السياسات العمومية وبرامج فرعية تحدد الوسائل المسخرة لتنفيذ هذه السياسات وأنشطة تفصل في كيفيات استخدام هذه الوسائل. كما يكرس مشروع القانون العضوي مبدأ منح المسؤولية للآمرين بالدفع والذين سيتمتعون للمرة الأولى لحرية تامة في تسيير حركة الاعتمادات المالية والتنقل بحرية بين ميزانية التسيير وميزانية التجهيز، غير أنه يتوجب على المسيرين العموميين تقديم جميع الحسابات الخاصة باستخدامهم للاعتمادات المالية. في حين "التشريع الحالي يعتمد على الرقابة على تنفيذ الاعتمادات ويهمل الرقابة على الوسائل المستخدمة لتحقيق هدف معين"، حسب شروح المسؤول ذاته. وفيما يتعلق بحسابات التخصيص، فإن أحد مواد القانون الجديد حدد الاعتمادات المالية الموجهة لهذه الصناديق ب10 بالمائة من المداخيل المحققة بالنسبة لكل صندوق خلال السنة س-1. ويمثل ذلك حسب المسؤول ذاته، "اجراء هاما جدا سيسمح بتقليص عدد الحسابات الخاصة". ويفرض مشروع القانون من جهة اخرى اللجوء إلى صيغ محاسبية جديدة. ففضلا عن "محاسبة النقدية" المستخدمة حاليا من طرف الادارات والمؤسسات العمومية فإن المسيرين العموميين مطالبون أيضا بتقديم "محاسبة الالتزامات" عن طريق إعداد مخططات صرف شهرية، وكذا "المحاسبة على اساس اكتواري" القريبة جدا من المحاسبة التجارية والتي تحدد وضعية ممتلكات الدولة وكذا "محاسبة التكاليف" التي تبرز كلفة مختلف السياسات العامة من خلال قانون تسوية الميزانية. ويصبح مجلس المحاسبة من جانبه محافظ حسابات الدولة والمسؤول قانونا عن المصادقة عليها. وتحضيرا لدخول هذا الاطار الجديد حيز التنفيذ، فإن إدارة الميزانية تعمل حاليا على رقمنة خدماتها في انتظار بدء العمل بالنظام المدمج للتسيير الموازاناتي كما تقوم بإعداد نصوص تشريعية جديدة تتعلق خصوصا بالرقابة المالية. وخلال هذه الجلسة تساءل عدد من اعضاء لجنة المالية والميزانية حول غياب عدة احكام تبرز بصفة صريحة مهام الدولة ومؤشرات النجاعة كمرجع لمراقبة فعالية الانفاق العام. ورد بقة بالقول إنه سيتم التكفل بهذا الجانب عن طريق التنظيم، مشيرا إلى أن مشروع القانون العضوي المقترح من طرف الحكومة يمثل إطارا تشريعيا عاما يحدد مختلف مراحل صياغة قوانين المالية والرقابة على ميزانية الدولة. كما طمأن الاعضاء الذين أبدوا انشغالهم بخصوص فعالية الرقابة البرلمانية في إطار القانون الجديد، بأن الاطار الجديد سيسمح بوضع البرلمان في قلب المالية العامة. وفي هذا السياق، ذكر أن القانون يحوي على مادة تسمح للمجلس الشعبي الوطني بمناقشة السياسات الميزانية للدولة كل سنة. يذكر أنه ستتم مناقشة مشروع القانون العضوي على مستوى المجلس الشعبي الوطني في جلسة علنية ما بين 23 و24 ماي الجاري ليعرض للمصادقة في 4 جوان المقبل.