أكد نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش، الفريق أحمد ڤايد صالح، أن "الجيش سيضمن تلبية مطالب الشعب وسيرافق المرحلة الانتقالية"، وتعهد بأن تواصل العدالة ملاحقة من أسماهم بأفراد "العصابة" في إشارة إلى الزمرة المقربة من الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. واتهم رئيس أركان الجيش، أطرافا أجنبية، بمحاولة "زرع الفتنة وزعزعة استقرار البلاد.. انطلاقا من خلفياتها التاريخية" مع الجزائر، في إشارة واضحة إلى فرنسا. وأشار إلى أن تلك الأطراف - التي لم يسمها - سعت "لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد". وأظهر المسؤول العسكري الرفيع، في أول كلمة له يلقيها بعد خروج رئيس الجمهورية السابق، عبد العزيز بوزتفيلقة، من الحكم، تمسكا بالمسار الدستوري الموضح في المادة 102 من الدستور، من خلال تزكية تولي رئيس مجلس الأمة منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر والتحضير للانتخابات الرئاسية. بالمقابل، حاول ڤايد صالح إعطاء تطمينات للجزائريين بأن سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثّقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية. وطغى الطابع التحذيري على كلمة نائب وزير الدفاع لما كشف عن ضبط بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهه، مشددا على أن هناك من يرفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة والوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية وهو ما يرفضه الجيش. مرافقة المرحلة الانتقالية ولفت الفريق، في خطابه الذي وجهه إلى جميع وحدات الناحية، عبر تقنية التخاطب المرئي عن بعد، أن "سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية". وتابع الفريق في ثالث يوم من زيارته أنه "يتعين على الجميع فهم وإدراك كافة جوانب وحيثيات الأزمة في الفترة المقبلة، خاصة في شقها الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن هذه الأزمة "ستتأزم أكثر إذا ما استمرت هذه المواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية، مما سينعكس سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر". وإزاء هذا الوضع، دعا إلى "ضرورة التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات". شعارات تعجيزية ذكر نائب وزير الدفاع في كلمته التي ألقاها، بحضور اللواء مفتاح صواب قائد الناحية وإطارات وأفراد الناحية وممثلي مختلف الأسلاك الأمنية، ب«حرص الجيش الوطني الشعبي على الوقوف في صف الشعب والانحياز إلى جانبه" وهذا منذ بداية المسيرات السلمية التي "أبان فيها الشعب الجزائري عن سلوك حضاري ومستوى راقي من الوعي والنضج". وفي الإطار ذاته، ذكر الفريق بتأكيد الجيش الوطني الشعبي على "ضرورة تلبية مطالبه المشروعة (الشعب)، بشكل يضمن الحفاظ على سير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية" وهو ما كان قد أشار إليه الفريق في مختلف مداخلاته منذ بداية المسيرات السلمية. وفي هذا المنحى، عرج المصدر ذاته على التذكير بأن الفريق ڤايد صالح كان قد "أكد في البداية على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال. ومع تطور الأحداث واتجاهها نحو التأزم، دعا الجيش الوطني الشعبي إلى ضرورة إيجاد حل للخروج من الأزمة حالا وقدم اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور، لكن وأمام عدم الاستجابة لمقترحاته والاستمرار في التماطل، تقدم باقتراح، يوم 30 مارس الفارط، بتفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور. وكانت آخر محطة هي اجتماع 2 أفريل، حيث اتخذت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي الموقف التاريخي الصارم، وأصرت على تلبية المطلب الشعبي الملح وتطبيق أحكام المادة 102 من الدستور فورا وكان للشعب ما أراد حين قدم رئيس الجمهورية استقالته مساء اليوم نفسه والدخول بالتالي في مرحلة انتقالية". وبطريقة غير مباشرة، أكد الفريق أحمد ڤايد صالح، أن استمرار ما وصفه بالمطالب المرفوعة والمواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية سينعكس سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر. مناورات فرنسا لخلط الأوراق في سياق ذي صلة، نبه الفريق ڤايد صالح لخطورة محاولات بعض الأطراف الأجنبية - في تلميح مباشر إلى فرنسا - ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، حيث قال: "مع انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة". وأوضح في هذا الصدد أن هدف هؤلاء كان "الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية" وهو الأمر الذي "رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث، فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال"، يقول الفريق ڤايد صالح. اختراق الحراك ومن أجل إحباط محاولات تسلل هذه الأطراف "المشبوهة"، أكد الفريق أن الجيش الوطني الشعبي "بذل كل ما في وسعه من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل". كما حذر من أن هذه الأطراف "تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا". وقال في هذا الشأن: "تتطلب هذه المرحلة التاريخية والمفصلية الحاسمة، بل، تفرض على كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كافة الوطنيين باتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعي بالدرجة الأولى وأساسا المصلحة العليا للوطن، والأخذ بعين الاعتبار أن تسيير المرحلة الانتقالية يتطلب مجموعة من الآليات يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور، أن يتولى رئيس مجلس الأمة الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية الجديد". إعادة فتح ملفات الفساد الشهيرة في سياق آخر، تطرق الفريق ڤايد صالح إلى قطاع العدالة، حيث قال إنه "وبعد استرجاعها لكافة صلاحياتها ستعمل بكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات ولا إملاءات، على المتابعة القضائية لكل العصابة، التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية"، مطمئنا الرأي العام أن الأمر "سيمتد كذلك إلى ملفات سابقة كقضايا "الخليفة" و«سوناطراك" و«البوشي" وغيرها من الملفات المتعلقة بالفساد" والتي "تسبب أصحابها في تكبيد الخزينة العمومية خسائر فادحة". وشكّل انضمام سلك القضاة إلى الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فيفري الماضي، بتطوراته المتسارعة، ضربة موجعة للنظام، ودفعاً قويّاً للمطالب التي يرفعها الشارع لبسط دولة القانون والحق والعدالة الاجتماعية، الغائبة على مدار السنوات الماضية. واعتبر عدد كبير من الجزائريين أن مشاركة القضاة في الحراك، كان نقطة التحول وورقة الحسم لقلب الموازين، بالنظر إلى حساسية هذا السلك ودوره في محاسبة المفسدين. وفاجأت مشاركة القضاة في وقفات احتجاجية على ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة في بادئ الأمر، وبعدها مطالبتهم برحيل النظام، كثيرين في البلاد، ووصِفت باللحظات التاريخية التي تشكل سابقة لم تشهدها الجزائر. "لا طموح سياسي" وحرص الفريق على التأكيد على أنه "لا طموح له سوى خدمة البلاد والسهر على أمنها واستقرارها"، معربا عن ثقته الكاملة في تفهم الشعب الجزائري وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وقدرته على الخروج من هذه الأزمة منتصرا "رغم ظهور بعض الأصوات الناعقة في الداخل والخارج، ممن يزعجهم التلاحم القوي بين الشعب وجيشه". كما استرسل: "سيثبت التاريخ صدق أقوالنا ومساعينا وأنه لا طموح لنا سوى خدمة بلادنا والسهر على أمنها واستقرارها، وستخيب كل آمالهم ومناوراتهم الرامية إلى المساس بسمعة ومصداقية الجيش الوطني الشعبي، الذي سيظل، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، سندا قويا لشعبه في المحن والأزمات، في إطار أحكام الدستور وقوانين الجمهورية، وأن ثقتنا كبيرة في تفهم شعبنا وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وسيتمكن وطننا بإذن الله من الخروج من هذه الأزمة منتصرا كما عهدناه"