احتلت المساجد مكانة هامة في حياة الجزائريين، فعلاوة على دورها الأصلي المتمثل في العبادة اعتبرت أيضا مركزا للثقافة والعلم والإرشاد، حيث بدأ إنجازها بتبرعات السكان والرياس والبشوات وفي القرن الثامن عشر خصص الدايات نصيبا من ثرواتهم لبناء المنشآت الدينية. كما ظل بناء المساجد بالجزائر العاصمة خصوصا وعبر التراب الوطني عموما من تبرعات المصليين وذوي البرّ والإحسان، حيث أنشأ مسجد السيدة وكذا مسجد كتشاوة. وتشير الأبحاث حول المعالم الدينية في مدينة «مزغنة»، لوجود 166 معلما دينيا عشية احتلال الفرنسيين لها عام 1830، منها 13 جامعا، 109 مساجد، 32 ضريحا و12 زاوية إلا أنّ أغلبها اندثر وهدم بفعل المستعمر على غرار مساجد «ربي سيدي»، «ستي مريم»، «السيدة» ومسجد «ميزومورتو» الكبير إلى أن أصبح بالعاصمة 9 جوامع، 19 مسجدا، 15 ضريحا وزوايا خلال سنة 1862. وقد مارس سكان الجزائر العاصمة الشعائر المالكية التي ميزتهم عن العثمانيين الذين كانوا حنفيين لذلك وجد مفتيين، وكان الجامع الكبير مقرا للمفتي المالكي وتعد عائلة قدورة وابن جعدون وابن الشاهد من أبرز العائلات التي تولت الفتوى المالكية في الجامع الكبير. بينما كان الجامع الجديد مقرا للمفتي الحنفي ومن أشهر العائلات التي تولت فيه الفتوى عائلة ابن العنابي، لتبقى للجزائر العاصمة 9 مساجد تمّ تصنيفها كموروث تاريخي من أصل 500 مسجد موزع حاليا على بلدياتها ال 57 منها حوالي 140 مسجدا مركزيا يؤدي أئمتها قراءة ورش، منها: الجامع الكبير إذ يعتبر الجامع الكبير من أقدم وأكبر المساجد في الجزائر، حيث يعود تاريخ بنائه إلى فترة المرابطين خلال القرن الحادي عشر وبالضبط حسب المؤرخين عام 1097، وذلك إبّان حكم «يوسف بن تاشفين» غير أنّ التاريخ الحقيقي لبناء هذا المسجد يبقى مجهولا، وقد تم تشييده على موقع كنيسة قديمة من عهد إيكوسيوم. واستفاد من عدة عمليات ترميم وتوسيع، كما أنشأت به منارة مربعة الشكل خلال العهد الزياني سنة 1324، وكان يتنهج المذهب المالكي، ليتم استغلاله كمحكمة عليا كبيرة لمدينة الجزائر عام 1873، وعيّن فيه «الحاج بن حفاف» مفتيا ثمّ استخلفه بعد ذلك «الحاج قدور شريف» ثم الشيخ «محمد العنابيّ فالشيخ الزواوي، وقد تمّ تصنيف هذا المسجد المميّز ضمن الموروث التاريخي في 30 مارس 1887. جامع كتشاوة وحسب المؤرخين، فإنّ مسجد «كتشاوة» الذي ارتبطت تسميته بالأتراك وهي «كجيأوى» الأولى الماعز والثانية البيت، ليعني «بيت الماعز» الحالة القروية التي كان عليها الموقع قبل بناء هذا المسجد الموجود منذ القرن ميلادي، وقد أعاد بنائه حسن باشا 1794، وقام بتوسيعه توسيعا كبيرا، وأدخل عليه تزينات رائعة جعلت منه مسجدا قمة في الفخامة والإبهار على نمط مسجد «السيدة» الذي كان يقابل الجنينة، وبعد دخول الإستعمار الفرنسي في 1830 بدأت تظهر عليه تغييرات كثيرة، إذ حوّل عام 1832 إلى كاتدرالية مخصصة للعبادة الكاثوليكية، إلى غاية 1962، وقد أنشأت واجهته الرئيسية بأقواسها الثلاثة ودرجها الكبير والبرجين الحاليين عام 1845، ليصنّف كموروث تاريخي في 26 مارس 1908، قبل أن يستردّ مكانته كمسجد بعد الاستقلال. جامع السفير كما صُنّف جامع «السفير» ضمن الموروث التاريخي في30 ماي 1905، وتجد على بابه الرئيسي كتابات تحدد تاريخ بنائه الذي يعود إلى مطلع سنة 1534 ميلادي، ويعود الفضل في إنشائه ل«سفر بن عبد الله الذي أخذ المسجد اسمه وهو رجل مسيحي اعتنق الإسلام وحرره «خير الدين بربروس»، وخلال سنة 1862 أعيد بنائه وتوسيعه من قبل الداي «حسين» آخر دايات الفترة التركية في الجزائر. جامع علي بتشين وبشأن مسجد «بتشين»، الذي أعيد فتحه مؤخرا بعد إخضاعه لعملية ترميم شاملة، فلم يحدّد المؤرخين تاريخ تشييده، غير أنه عثر على عقد من القاضي الحنفي مؤرخ بتاريخ منتصف شهر رجب من عام 1031 هجري الموافق لسنة 1622 ميلادي، يذكر فيه أن القائد «علي بتشين» وهو مسيحي الأصل اعتنق الإسلام هو من قام بإنجاز هذا المسجد لذلك حمل اسمه وقد استغل الجيش الفرنسي هذا المسجد التركي سنة 1832 كمخزن للمواد الصيدلانية ليحوّل سنة 1843 إلى كنيسة «نوتردام دي فيكتوار» إلى غاية استعادة الجزائر حريتها. ويقع مسجد «بتشين» بحي» زوج أعيون» وتضم واجهته الرئيسية عين رائعة تعرف ب «عين الشارع» وصنّف كموروث تاريخي في 29 أفريل 1949. الجامع الجديد «لابيشري» وفي سنة 1660، أنشأ مسجد البحارة الأتراك أو مسجد محل صيد السمك في موقع زاوية ومدرسة «سيدي بوعنان»، وتجد على يسار محرابه كتابة تشير إلى تاريخ بناء هذا المسجد من قبل «الحاج حبيب» ومجموعة من جند مدينة بني مزغنة كما تدل على ذلك كتابة موجودة فوق أحد أبواب المسجد، وكان هذا المسجد ينتهج المذهب الحنفي، وقد تمّ تصنيفه ضمن الموروث التاريخي في 30 مارس 1887. الجامع البراني وعلى الجانب الثاني من الشارع الذي يضم المدخل الرئيسي ل«دار السلطان»، هناك مسجد صغير على مستوى شارع «طالب محمد» أطلق عليه اسم المسجد «البراني»، تمّ إنشاؤه سنة 1818 من قبل «الداي حسين». حيث شيّد حسب الأبحاث الأثرية على بقايا مدينة «إيكوزيوم» الرومانية وكانت بداية استغلاله كمقر للمحكمة العليا لمحاكمة الانكشاريين، والشاوش وإبّان الاحتلال الفرنسي، وفي الفترة الممتدة من 5 جويلية 1830 إلى 30 ماي 1939 حوّل إلى ثكنة عسكرية، ثمّ أمر الماريشال «بوجو» بتحويله إلى كنيسة إلى أن تمكن الجزائريون من استرجاعه بعد الاستقلال، وأدمج كموروث تاريخي كسابقه في 30 مارس1887. مسجد سيدي رمضان يعود بناء مسجد «سيدي رمضان» إلى القرن الحادي عشر، وكان موقعه في أعلى مدينة بني مزغنة القديمة بالقرب من الأسوار التي كانت تشكل حدود المدينة البربرية، جدار حمايتها اختفى خلال الفترة التركية لامتداد المدينة إلى غاية القلعة، وكان يعرف ب «سور سيدي رمضان» أو»سور جامع المدينة القديمة» وهو يضم باب خارجي يعرف ب «باب سيدي رمضان» لذلك حمل المسجد هذه التسمية وصنّف كموروث تاريخي في 26 فيفري 1094. جامع سيدي محمد الشريف يوجد جامع «سيدي محمد الشريف» في الجهة العليا للمدينة البربرية العتيقة جزائر بني مزغنة، في زاوية شارعي «كليبر» و«النخلة» غير بعيد من جامع السفير»، دفن به مشيّدهُ «سيدي محمد الشريف» سنة 1541 التي صادفت الحملة التاريخية للإمبراطور الإسباني «شارلوكان» على مدينة الجزائر، ودخل هذا المسجد ضمن الموروث التاريخي المحفوظ في 13 ماي 1905. مسجد سيدي عبد الله في قلب القصبة العريقة، أنشأ مسجد صغير سنة 1716من قبل «سيدي عبد الله» وحمل اسمه، تمّ اعتماده كمدرسة قرآنية وهو يضم عددا كبيرا من الدكاكين في نفس الشارع الذي يحمل اسمه المعروف وسط سكان القصبة القدامى ب «زنيقة اللّحامين».