إن هذه الآية شفاء كاف من كل داء، وهي حصن حصين من كل شر، فهي حصن من الشيطان وحصن من السحر وحصن من المس والعين، فمن حافظ عليها حفظته بإذن الله، ولا يكن حالنا كحال من لا يقرأها ولا يحفظها ولا يتعلم معانيها، حتى إذا مسه الضر أو أصابه الداء قرأها وأكثر من قراءتها. إنها آية جعلها الله حرزاً من الشياطين والجن والسحرة والمشعوذين، فمن قرأها حين يصبح لا يزال عليه من الله حافظ حتى يمسي، ومن قرأها حين يمسي لا يزال عليه من الله حافظ حتى يصبح. كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها عند النوم، يدفع بها الشيطان. وتعلمون قصة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه عندما قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام. فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال، ولي حاجة شديدة. قال: فتخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) قال قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالاً؛ فرحمته وخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيعود، فرصدته فجاء يحثوا من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته وخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالاً فرحمته وخليت سبيله. قال: ((أما إنه كذبك وسيعود))، فرصدته الثالثة فجاء يحثوا من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود. فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: ﴿ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فخليت سبيله. فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل أسيرك البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: ((ما هي؟)) قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: ﴿ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة؟)) قلت: لا. قال: ((ذاك شيطان)). والحديث رواه البخاري.