سيبقى تتويج هيرفي رونار بلقب كأس افريقيا للأمم راسخا في أذهان عشاق الكرة المستديرة في القارة السوداء، كيف لا وهو الذي استطاع أن يرفع عاليا الكأس الغالية مرتين مع فريقين مختلفين ليصبح بذلك المدرب الوحيد الذي يقوم بذلك بنجاح في وقت عجز فيه البقية بعد سنوات من العمل والحسابات وهذا ما يزيد من قيمة اللقب الذي تحصل عليه الفرنسي على رأس منتخب الفيلة. هيرفي رونار، قاد منتخب كوت ديفوار إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، مزيحا أكبر مرشح وهو المنتخب الجزائري، قبل أن يدوس غانا ونجومها السوداء وهو الذي لم يسطع نجمه إلا مؤخرا في سماء الكرة الإفريقية، وبذلك العالمية بعد أن كان عاملا بسيطا سبق له وأن جمع القمامات في شوارع فرنسا، ليتحول في لمح البصر إلى مدرب مجهول عندما قاد زامبيا إلى الفوز بكأس الأمم الإفريقية 2012، ليقضي فترة في الدوري الفرنسي على رأس فريق سوشو وينال شرف رؤية اسمه يتداول في أزقة الفدرالية الفرنسية لكرة القدم كمرشح لتولي العارضة الفنية للديكة. "كنت أجمع القمامة منذ ثماني سنوات وأنا الآن على أعتاب الظهور في نهائي كأس الأمم الإفريقية، كرة القدم ساحرة أليس كذلك؟" هذه بعض الكلمات من الحوارات الكثيرة التي قام بها رونار مع مختلف وسائل الاعلام والتي حافظ من خلالها على بساطته المعهودة وطيبته التي لاحظها الجميع خلال مروره السريع من الجزائر وبالضبط من اتحاد العاصمة وتعامله مع رجل الأعمال حداد الذي لم ينس فضله، كيف لا وهو الذي سمح له بالعودة الى زامبيا واحتضان الكأس الافريقية الغالية في حين كان عقده ساري المفعول في الاتحاد، خدمة لم ولن ينساها رونار الذي اعترف بفضل الجزائر عامة لما وصل اليه من شهرة بما أن تداول اسمه للمرة الأولى في الصحافة العالمية كلن عام 2009 لما كان يرأس العارضة الفنية لمنتخب الرصاصات النحاسية لزامبيا الذي واجه منتخب سعدان في تصفيات المونديال وكانت تلك نقطة التحول الكبرى التي سمحت ل''جامع القمامات'' الفرنسي أن يخرج من عمق البئر ويسطع نجمه شيئا فشيئا حتى أنه تجاوز معلمه كلود لوروا الذي علمه أبجديات التدريب في افريقيا لما فتح له الطريق لمساعدته في مهمته على رأس منتخب غانا في وقت سابق. غابت الثقة فكان الإصرار رونار ثار وثأر لنفسه بأحسن الطرق، ولا تصريحات معادية بل قام بكل شيء في هدوء حتى خلال الكأس الإفريقية لم تسلط الأضواء عليه قبل مباراة الجزائر، منتخب كوت ديفوار لم يكن، عكس السنوات السابقة، المرشح وهذا كان ربما سبب تألقه، وهو نفس سبب تألق رونار الذي احتقره البعض وضحكوا عليه حين كشف عن نيته في قيادة أكبر المنتخبات قبل أن يخذل من طرف العديد من المسيرين من بينهم محمد رواوة رئيس الفاف، الذي تلقى السيرة الذاتية لرونار عام 2011 لما أصيب المنتخب الوطني ب 4 رصاصات في مراكش، أنهت مسيرة بن شيخة في المنتخب، رونار الذي تعلم الكثير من تجربته الزامبية أراد تطبيق تجربته في الجزائر لكنه قوبل بالاستهزاء وكانت النتيجة الاستعانة بحاليلوزيش الذي ورغم نجاحه في مهمته ''العالمية'' إلا أنه لم يستطع تجاوز الدور الأول في الكان، لأنه وبكل بساطة كانت تنقصه الخبرة التي كانت لدى رونار والتي برهن عنها عام 2012، لما تجاوز كل العقبات بما في ذلك منتخبه الحالي، في نهائي مثير في الغابون، لكن إصراره جعله يعود ليتوج باللقب الغالي بإقصائه للجزائر من الدور الربع النهائي ويثبت للجميع بما في ذلك رئيس الفاف، أنه من طينة الرجال الذين يحتاجون للثقة وليس للمال لجعل المستحيل ممكنا.