إن الصلاة من أعظم أسباب السعادة والطمأنينة والهدوء وراحة البال، ولذلك فقد جعلت قرة عين النبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة، وقرة العين فوق المحبة، فإنه ليس كل محبوب تقر به العين، وإنما تقر العين بأعلى المحبوبات وهو الله سبحانه وتعالى وما يقرب إليه، والصلاة من أعظم ما يقرب إلى الله تعالى، ومن أعظم ما يريح النفس ويسعدها. وكان النبي صلي الله عليه وسلم يقول لبلال: " يا بلال أقم الصلاة ، أرحنا بها" فيا أيها المحزون الذي أثقلته الهموم: راحتك في الصلاة.. ويا أيها القلق الذي سيطر عليه الخوف: أمنك في الصلاة.. ويا من ضاق صدره، وانكسف بالهُ، واضطرب فؤاده: سعادتك في الصلاة. قال تعالى: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" قال ابن القيم رحمه الله: "فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا، لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون، ولا تطمئن القلوب، ولا تسكن النفوس إلا إليه، والتنعم بذكره، والتذلل والخضوع له، والقرب منه، ولا سيما في حال السجود، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها." ومن هذا قول النبي صلي الله عليه وسلم: " يا بلال أقم الصلاة ، أرحنا بها" فأعلم بذلك أن راحته صلي الله عليه وسلم في الصلاة، كما أخبر أن قرة عينه فيها. والصلاة التي نريد ليس هي التي يؤديها كثير من الناس بلا روح ولا خشوع ولا طمأنينة ولا تفكر في معانيها، فإن مثل هذه الصلاة لا تأثير لها في حياة صاحبها، فالمقصود بالصلاة إنما هو تعظيم المعبود، وتعظيمه لا يكون إلا بحضور القلب في العبادة. وقد كان بعض السلف يتغير وجهه خوفا إذا حضرت الصلاة ويقول: أترون بين يدي من أريد أن أقف؟ فإذا أردت استجلاب حضور قلبك الغائب، ففرغه من الشواغل ما استطعت. قال النبي صلي الله عليه وسلم: "إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها" قال الله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" وقال تعالى:"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" قال أحد السلف: أما إنهم ما تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها.. وسأل صلى الله عليه وسلم: أي العمل خير؟ فقال: "الصلاة لوقتها "