من التصريحات المتنبئة بمستقبل قاتم لعالم الشغل , تلك التي أدلى بها الأسبوع الماضي مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، كلاوس شواب، متوقعا اختفاء نحو 74% من الوظائف مستقبلا، بسبب التطور النوعي للذكاء الاصطناعي و أوضح شواب في كلمة ألقاها بملتقى الحكوما ت بدبي أن "الذكاء الاصطناعي سيدمج كثيرا من الوظائف، وسيؤدي إلى التخلص من الوسطاء " ملاحظا أن "الذكاء الاصطناعي على المدى المتوسط سيخلق نحو 10 ملايين وظيفة جديدة بحلول 2020، لكن النمو الكبير سيدفع إلى اختفاء ملايين الوظائف". و ما قاله السيد شواب ليس جديدا لدى الدول التي دخلت عصر الثورة الصناعية الرابعة , عصر الذكاء الاصطناعي , الذي ستقوم فيه الربوتات الذكية بكل الأشغال نيابة عن الإنسان . و قد شرعت العديد من الشركات الغربية الكبرى في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إدارة نشاطها بعد رسكلة نسبة من عمالها للتكيف مع المهام الجديدة التي مازال الذكاء الاصطناعي لم يقتحمها . و الواقع , أنه ما من وظيفة هي في منأى عن غزو الذكاء الاصطناعي, عندما تصبح الآلة تصنع و تطور نفسها و تصلح عطبها ذاتيا و تستغل ملايير الملايير من البيانات المتوفرة لها عبر فضاءات النت , ليصبح الإنسان في نهاية المطاف عالة على الآلة , في جميع ما يحتاجه قبل المهد وإلى اللحد . و السؤال المحيِّر في هذه الأثناء هو كيف يضمن الإنسان دخلا يسدد به ثمن ما يحظى به من خدمات إن كان بدون عمل ؟و هو سؤال تجيب عنه بشكل تناظري وقائع حكاية تروى عن سكان جزيرة كانوا يعيشون سعداء ينتفع بعضهم من بعض بما يجنونه بعرق الجبين , عندما عثروا على كنز ضخم من الذهب , و قرروا اقتسامه بينهم بإنصاف , و في اليوم الموالي للقسمة , التزم الجميع بيوتهم , و لسان حالهم يقول :"ما الجدوى من العمل و قد أصبحت غنيا "؟ و لكن سرعان ما اكتشفوا أنهم عاجزون عن شراء أي شيء بكنزهم في الأسواق التي أوصدت أبوابها و اضطروا في نهاية الأمر إلى التوافق حول ضرورة إعادة الكنز إلى مكانه , و عودة الجميع إلى أعمالهم لتعود حياتهم إلى مجراها الطبيعي ؟ فالذكاء الاصطناعي يمثل كنز البشرية في قرية عالمنا المعاصر إن سِيئَ توظيفه حل عصر البطالة المعممة, و خاصة في دول العالم النامي. و رغم مساوئ الذكاء الاصطناعي على سوق العمل , كنت أتمنى أن تحظى بلادنا بنصيب منه , و لو من أجل كبح جماح نقابات تصول و تجول على حساب حقوق الناس . للإشارة فقد أعلنت الملكة رانيا العبد الله إطلاق "منصة إدراك" الإلكترونية المجانية للتعليم المدرسي خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية في طبعته الأخيرة ,و هي منصة موجهة لتعليم الأطفال من الروضة إلى الثالثة ثانوي . فما المانع من أن تكون للجزائر منصتها الخاصة للحد من عواقب الإضرابات المفتوحة منها و المحددة ؟