إن معظم النتاجات المسرحية باتت تعتمد في إنتاجها اليوم على التكنولوجيا الحديثة عن طريق الكمبيوتر الذي يعد الآلة التقنية الوحيدة القادرة على خلق أشكال جديدة غير مألوفة, إذ يقوم على أساس فرضية وليس على أساس مادة موجودة بالواقع, ويصبح للكمبيوتر القدرة على إلغاء الحقيقة وخلق بدلاً عنها فرضيا مادة جديدة تصبح في جوهرها هي الحقيقة, وهكذا يمكن القول أنَّ المحاكاة تمتلك أنموذجا مفاهيميا مغايراً عما كانت عليه, فهي باتت تأخذ الافتراض الثالث أصلاً لها فإذا كانت : 1. الطبيعة إفتراض تشبيهي عن مثال أصل. 2. كان الفن إفتراضاً تشبيهياً عن الطبيعة. 3. وكانت التكنولوجيا الرقمية إفتراضاً مضاعفاً على افتراض الفن ). إذ أنَّ التطور التكنولوجي في العصر الحديث له الأثر الكبير, إذ يساعد في توظيف السينوغرافيا لصناعة الصورة المشهدية التي تتلاءم مع متطلبات اللحظة التاريخية المعاصرة, وبما أنَّ المسرح يشكل الوعي الجمعي عن طريق التعبير عن أفكاره ومضامينه ومواقفه سعى إلى استعمال التكنولوجيا, لكي تكون كأداة من أدوات الفعل الإبداعي كونها فاتحة لفضاءات تفكير جديدة تمكن المسرح من زيادة زخم خطاباته، وكفاءاتها في خلق مستويات تواصل عدّة واعية ولا واعية عبر ما توفره تكنولوجيا التقنيات الرقمية من مجموعة من الأدوات والمعارف والمهارات اللازمة, لتحقيق إنجاز معين ممن تشكل أسس, أو قواعد التكنولوجيا)5, وأنَّ ظهور الكمبيوتر والعالم الرقمي يعد من الإنجازات الفاعلة والمتفاعلة مع العرض المسرحي،والتي تدفع بمكوناته إلى الأمام من حيث التوظيف والجمال, وكل هذا التحديث في التقنيات انعكس بشكل مباشر, أو غير مباشر على جميع قطاعات الفن والثقافة ، الأمر الذي سيجعل من العرض المسرحي أنْ يتفاعل مع هذه المتغيرات التقنية من أجل صناعة سينوغرافيا تستطيع أنْ تصنع الدهشة البصرية بما يحتاجه المتلقي في العرض المسرحي الجديد، وأفاد المسرح المعاصر من التقنية الحديثة والمتمثلة بالتكنولوجيا الرقمية بشكل جيد, وذلك عن طريق المزاوجة بالعمل بين برمجيات الكمبيوتر, وسينوغرافيا العرض المسرحي ولا سيَّما على المستوى الحسي والبصري، فأطلق على المسرح الذي يتعامل مع هذه التقنيات وبحسب إستعماله لهذه التكنولوجية الرقمية المتمثلة بالكمبيوتر وبرمجياته بالمسرح الرقمي أو المسرح الافتراضي، ولأجل إخراج عرض مسرحي رقمي أو افتراضي كان لا بد من إنتاج بيئة للواقع الافتراضي، وهذا يحتاج إلى تهيئة برامج (Software) قادرة على إنتاج بيئة للواقع الافتراضي يمكن التحرك داخلها بصرياً إذ تستطيع خلق تعايش وإندماج مع هذه البيئات الافتراضية، وتحويله إلى بيئة تعطيبنا إحساساً بالحقيقة والواقعية, ومُضافاً إلى أنه لا بَّد من توافر الممثلين الافتراضيين أو الرقميين وهم شخصيات وهمية يتم التحكم بهم من خلال برامج يديرها أشخاص ذوو خبرة ودراية ببرمجيات الكمبيوتر, وبعد هذا كان لابّد من التحدث عن الواقع الافتراضي والتعايش مع البيئة الافتراضي)، إذ أنَّ استعمال الكمبيوتر والبرمجيات سيجعل من المعالجات الإخراجية في رسم السينوغرافيا أكثر تعبيراً وتوظيفاً وجمالاً, ولا سيَّما إن العالم اليوم لامس وأفاد من الوجود التكنولوجي في مستويات رفيعة تضع العاملين في مجال المسرح بحاجة إلى استعمال وتوظيف هذه التقنية لتأسيس نظام صوري سينوغرافي يعتمد الكمبيوتر أصلاً في التصميم، وعلى هذا الأساس نرى أنَّ المسرح الحديث مبني على حقيقة إفتراضية عرفها البعض على أنَّها واقع مُصنَّع يصور المستخدم في فضاء ثلاثي الأبعاد, وهي محاكاة (الكمبيوتر)لأشكال حقيقية من الواقع يمكنها التفاعل مع الإنسان)7، إذ أنَّ الواقع الافتراضي صور تخيلية من جانب ، وتتحول بالتفاعل إلى عالم افتراضي يتم فيه خلق أنساق تجريبية تنتهي بالتحقق من الفروض المتجسدة بفعل التقنية الرقمية، ومن ثمَّ فأنَّ حصيلة القيم المتحققة على الرغم من ارتباطها بالعالم الافتراضي الذي أتاحته التقنية الرقمية، إلاّ أنَّها من جانب آخر ستكتسب واقعيتها الطبيعية من كونها مرتبطة بالنسق الفكري الذي صدر عن وعي بشري في محاولة فهم عالمه أو التعبير عن تجربة وعي أو خلق نسق بوح تعبيري للذات، وهو مرتبط بكليته بالذات البشرية والإنسان الواعي وعيا قصدياً في خلق الأثر في عالمه، وتحقيق غايته الإنسانية، وهي مقاصد واقعية طبيعية. فالكومبيوتر عندما يقدم صوراً لأشكال لم تزل هي الأخرى في خيال المصمم ، فأنَّها تبدو واقعية بمقدار ما تجيزه مهارة المستخدم لها في هذا البرنامج)، وهي تلك المهارة البرمجية في إدارة وتشغيل البرنامج المحاكاتي، مثلما هي مهارة التخييل في العملية التفاعلية مع مخرجات البرنامج المحاكاتي..يتبع