بادرت الجزائر بالدعوة لتنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية لاتحاد المغرب العربي في أقرب الآجال, لتؤكد مرة أخرى تمسكها بهذا الصرح و قناعتها بأهمية التكامل المغاربي بكل أبعاده. وأعربت الجزائر دوما عن ثقتها الكاملة في الثقل الذي يمكن أن يمثله اتحاد المغرب العربي في ميزان القوى, سواء على المستوى الإقليمي أو حتى الدولي, و هو ما يعكسه مصادقتها على 29 اتفاقية قطاعية من مجموع 36 اتفاقية تم إبرامها منذ إنشاء هذه الهيئة سنة 1989, إلى جانب المغرب (8 اتفاقيات) و تونس و موريتانيا (28 اتفاقية) و ليبيا (35 اتفاقية), حسب ما أفاد به مصدر مقرب من الملف. و من هذا المنطلق, و في خطوة نابعة من إيمان راسخ عبرت عنه أكثر من مرة و في أزيد من مناسبة, بضرورة السعي للنهوض بهذه المنظمة المغاربية و تنشيط هياكلها و إعطاء دفع للعمل المشترك بين أقطابه الخمس, قامت الجزائر, رسميا, بمراسلة الأمين العام لاتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد في أقرب الآجال. و تأتي هذه المبادرة العملية امتدادا لنتائج القمة الاستثنائية الاخيرة للاتحاد الافريقي المنعقدة في 17 و 18 نوفمبر 2018 حول الاصلاحات المؤسساتية للمنظمة القارية و التي أولت اهتماما خاصا لدور المجمعات الاقتصادية الاقليمية في مسارات اندماج البلدان الافريقية, مثلما كانت قد أكدته وزارة الشؤون الخارجية في بيانها. و قد كانت المقاربة الجزائرية لإعادة تفعيل الاتحاد المغاربي و لا تزال, تطبع العديد من المشاريع الضخمة التي أنجزتها الجزائر أو تلك التي توجد حاليا قيد التجسيد, خاصة منها المتعلقة بالمنشآت الكبرى التي تحمل بعدا مغاربيا يمتد في الكثير من الأحيان ليشمل القارة الإفريقية أيضا. فإدراكا منها بمدى قدرة هذه المشاريع في المساهمة في تحقيق التكامل و الاندماج بين دول المنطقة, خاصة في جانبه الاقتصادي, قامت الجزائر بإدراج البعد المغاربي في مشاريعها التنموية الوطنية وعلى رأسها الطريق السيار (شرق-غرب) الذي يشكل حلقة وصل بين الجارتين تونس و المغرب تمر عبر التراب الجزائري و كذا الطريق العابر للصحراء وشبكة الربط بالألياف البصرية و غيرها. و من جهة أخرى, و بالنظر إلى الرهانات المشتركة, خاصة منها ذات الطابع الأمني, بادرت الجزائر شهر يوليو من سنة 2012 إلى عقد دورة استثنائية لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد خصص لبحث إشكالية الأمن بالمنطقة المغاربية و وضع الأسس لسياسة أمنية مشتركة. و في ذات الإطار, كانت الإرادة السياسية لإعادة بعث العمل المغاربي المشترك قوية بالجزائر و على أعلى مستوى, حيث كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أكد حرص الجزائر على إعادة بناء القوة المغاربية في مناسبات عدة, آخرها, الذكرى ال 29 لتأسيس الاتحاد المغاربي والتي أكد فيها لكل من العاهل المغربي محمد السادس و الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي و نظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز و رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لدولة ليبيا فائز السراج *تمسك الجزائر الثابت باتحاد المغرب العربي باعتباره خيارا استراتيجيا ومطلبا شعبيا*. كما سجل أيضا تشبث الجزائر بالنهوض بمؤسسات اتحاد المغرب العربي وتنشيط هياكله, بما يّمكن الدول المغاربية من *الذود عن مصالحها المشتركة ومغالبة الرهانات المتنامية, والاستجابة لطموحات وآمال كل الشعوب المغاربية إلى المزيد من الوحدة والتكامل و الاندماج*, يقول رئيس الجمهورية. و اعتبر الرئيس بوتفليقة هذه الذكرى التاريخية سانحة لاستحضار ما يجمع الشعوب المغاربية من *أواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار*, و مناسبة *تستدعي التمعن في مسيرة الاتحاد وتقييمها بغية مراجعة منظومة العمل القائمة وتطويرها حتى يصبح الاتحاد المغاربي تجمعا وازنا وفاعلا في محيطه الاقليمي والدولي*. للتذكير, كانت آخر قمة لاتحاد المغرب العربي قد انعقدت عام 1994 بتونس.