وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة, أمس الاثنين, رسالة الى الفلاحين بمناسبة إحياء الذكرى ال 44 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين هذا نصها الكامل : *بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين السيد الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين السيدات والسادة أعضاء الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين وجميع الفلاحين والعاملين في قطاع الفلاحة إنها مناسبة سعيدة يطيب لي فيها أن أتوجه إليكم و أنتم ملتئمون في هذا الحفل البهيج لإحياء الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين ولا أبدأ دون أن أعرب لكم عن عمق مشاعر الود والإخاء والتقدير ومن خلالكم إلى كافة الفلاحين عبر ربوع الوطن. ولما كنا ما زلنا في شهر نوفمبر الأمجاد أترحم بكل خشوع وإكبار على أرواح شهدائنا الأبرار مستذكرا بطولات الفلاحين الجزائريين البواسل في أريافنا ومداشرنا وجبالنا أولئك الذين أذاقوا المستعمر الغاشم الأمريني مبرهنين على ارتباطهم بالأرض ودفاعهم عنها إلى حد التضحية بالنفس من أجلها و من أجل استرجاع السيادة الوطنية ثم من أجل الإسهام في بناء صرح الجزائر الحديثة الحرة المزدهرة. السيّدات الفضليات السادة الأفاضل إيمانا منّا بأن الجزائر حباها الله بخيرات ومؤهلات فلاحية كبيرة, تبنينا سنة 2000 المخطط الوطني للتنمية الفلاحية الذي كان المرام منه أن يؤطر النهوض بالقطاع الفلاحي ويشجع الفلاحين والمربين ويقحم المبادرات الخاصة عن طريق الاستصلاح و الاستثمار. وقد تم توسيعه في 2002 ليشمل إعادة تنشيط الفضاءات والأقاليم الريفية وساكنتها قصد تعزيز الأمن الغذائي بتثمين الموارد المتاحة وترسيخ مبادئ حماية البيئة. كان لقائي بالفلاحين ومختلف العاملين ببسكرة في فبراير 2009 محطة أخرى لتصويب المسار باللجوء إلى وسائل مبدعة تتضمن خاصة إعادة ترتيب سلم الأولويات وتبني مقاربة أكثر فعالية ورصد وسائل تنفيذها ومتابعتها وتقييمها. هذا الأمر تبلور في جوهر سياسة التجدد الفلاحي والريفي التي تم اعتمادها بناء على قانون التوجيه الفلاحي لسنة 2008 والتي أمدت القطاع بسياسة واضحة المعالم وأهداف دقيقة وخارطة طريق ترمي إلى تحويل الفلاحة إلى محرك هام وحقيقي للنمو الاقتصادي للبلاد. وقد انصب اهتمامي خلال سنوات متتالية على الحفاظ على القدرة الشرائية لمواطنينا وتأمين المداخيل لفلاحينا وتوفير المحيط الملائم للنشاط الفلاحي وإضفاء فعالية أكبر على التسيير اعتمادا على الإطار التشريع والتنظيم الذي تم تكييفه مع التغيرات المستجدة. كما رصدت الدولة الموارد المالية ووسائل الدعم الضرورية والمراقبة الفعّالة إضافة إلى تطبيق إجراءات مسح الديون الأساسية والإعفاء من أداء عدد من الحقوق والرسوم. تنفيذ هذه السياسة سجل قطاع الفلاحة تطورات ملحوظة في مجال حماية العقار الفلاحي وتحرير المبادرات الخاصة وتشجيع الاستثمار والحثّ على إيجاد أسواق خارجية جديدة للمنتجات الفلاحية مع تثمين الدور السيادي لمصالح الدولة في الضبط والحرص على إحترام معايير الصحة والسلامة والجودة. وقد سمحت هذه التدابير من الإرتقاء بالمؤشرات الكلية لقطاع الفلاحة حيث أصبح يمثل اليوم 12.3 % من الناتج الداخلي الوطني الخام بنسبة نمو تربو عن 3.25 % و قيمة إنتاج تفوق 216 3 مليار دج. كما أصبحت الفلاحة في الجزائر تشغل قرابة ربع تعداد اليد العاملة، أضف إلى ذلك إدماج الشباب خريجي معاهد التكوين وإنشاء المؤسسات المصغرة في إطار دعم المستثمرات الفلاحية. إن هذا التحسن الذي يشهده قطاع الفلاحة مع ما يمثله من أهمية في الاقتصاد الوطني يبقى غير كاف في ظل بروز تحديات أخرى لا بد لبلادنا من التعامل معها بإيجابية لا سيما منها التغيرات المناخية والأزمات الغذائية والمالية العالمية وعدم استقرار الأسواق الفلاحية الدولية التي تتميز بالارتفاع في الأسعار وتذبذبها فضلا عن مواجهة فلاحتنا لتنافسية متصاعدة لا بد أن ترقى لمجابهتها. السيدات الفضليات السادة الأفاضل إن الدولة ستظل دوما إلى جنب الفلاح، وقد وجهت بهذا الخصوص الحكومة بمناسبة انعقاد الجلسات الوطنية للفلاحة في أفريل 2018 إلى الاستمرار في تنفيذ آليات دعم ومرافقة الفلاحين رغم الصعوبات المالية التي تعرفها البلاد. وفي ذات السياق إنني حرصت وأحرص دوما على أن تجعل الحكومة من العقار الفلاحي إحدى أولوياتها تفعيلا للمادة 19 من الدستور واعتبارا لكونه خطا أحمر لا يجوز تخطيهي لا سيما من خلال تأمين حيازته واسترجاع ما لم يتم استغلاله بشكل عقلاني واقتصادي. أناشد مختلف هيئات الدولة على إيلاء أقصى الاهتمام لتشبيب قطاع الفلاحة ودعم المبادرات الشبانية وتقوية التنظيمات المهنية ومساعدة المرأة الريفية والنهوض أكثر بقطاع الفلاحة وعصرنته وتنميته. وأدعو الحكومة لتركيز جهودها على المحاور الاساسية للتنمية الفلاحية لا سيما منها تطوير الري الفلاحي عبر تعميم استعمال الوسائل المساعدة على اقتصاد المياه والتحسيس بأهمية التأمين الفلاحي والحماية الاجتماعية والإقناع باعتمادهما في أوساط الفلاحين والمربين وترقية الصناعة الزراعية الغذائية ومكننة النشاط الفلاحي وتشجيع تصدير المنتجات الفلاحية. كما أهيب بمختلف المؤسسات والهيئات أن تضاعف الاهتمام بالتكوين في المجالات الفلاحية لا سيما لدى شريحة الشباب وفي الأرياف وتتبع آخر التطورات التكنولوجية على المستويين الجهوي والعالمي، بالإضافة إلى تثمين نتائج البحوث العلمية وتقريب المخابر والمراكز البحثية من محيطها الاقتصادي والاستثماري. السيّدات الفضليات السادة الأفاضل أرى من الواجب أن أنوه مرة أخرى بالدور الفعال الذي يقوم به الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين مساهمة منه في ترقية قطاع الفلاحة وفي ازدهار الاقتصاد الوطني ومرافقة الفلاحين والموّالين ومربي الماشية والإصغاء إليهم وتمكينهم من أداء نشاطاتهم في جو من الاستقرار والطمأنينة. وثقتي كبيرة في أنكم جميعا ستكونون دوما حاضرين في الميدان وستظلون في مستوى تطلعات العالم الفلاحي والريفي. إن السيادة الوطنية التي تنعم بها بلادنا اليومي هي ثمرة من ثمار التضحيات الجسام التي بذلها جيل نوفمبر المجيد وحفاظا على عهد الشهداء الأبرار من الواجب علينا جميعا أن نعمل جاهدين في سبيل تكريس هذه السيادة في معاشنا وفي الحياة اليومية لمواطنينا من خلال الرفع من الإنتاج الفلاحي وتحسين نوعيته وجودته والسعي الحثيث من أجل تحقيق أمننا الغذائي. لذا أدعوكم إلى الانخراط في هذا المسعى والتجند لمغالبة هذا التحدي بما فيه خير البلاد. ولا أختم رسالتي هذه دون أن أجدد لكم كل مشاعر التقدير والإكبار، راجيا من المولى عز وجل أن يَكْلأَكُمْ بحفظه وينعم عليكم بواسع عطفه ودوام عونه في كنف جزائر الرغد والخير والنماء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته* .