يصر حراك 22 فبراير على التمسك بمطلب «يتنحاو قاع»، وهو الشعار الأكثر تداولا بين المتظاهرين في كل المسيرات التي يخرج فيها ملايين الجزائريين إلى الشارع، عبر كامل التراب الوطني، وفي مواقع التواصل الإجتماعي، بل وأصبحت عبارة يتداولها الناس يوميا وفي مختلف المناسبات، كما وظفت في الكثير من الأغاني التي يرددها الشباب ويتفاعلون معها في كل مكان. لم يكن صاحب هذه العبارة الشهيرة الشاب سفيان بكير تركي، البالغ من العمر 33 سنة وأب لطفلين، الذي انتفض بمنتهى العفوية وتدخل فجأة على المباشر في قناة تلفزيونية عربية، كانت بصدد رصد الأجواء في قلب الجزائر العاصمة، عقب إعلان الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة عن عدم ترشحه لعهدة خامسة، وتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، وهي القرارات التي رفضها الشعب وثار ضدها في الجمعة الموالية، حيث قال سفيان قولته الشهيرة «لا لا يتنحاو قاع»، التي أفرغ فيها جام غضبه وامتعاضه ممن خرجوا للاحتفال، بمن فيهم المراسلة التي كانت تنقل تلك الصور في بث مباشر، حسب ما جاء في تصريحاته لوسائل الإعلام، لأنه رأى في هذه القرارات، استخفافا بالملايين التي خرجت إلى الشارع، وتحطيما لأحلامه وأحلام كل أقرانه من الشباب ... يتوقع يوما أنه بمجرد لفظ هذه العبارة، التي كانت صرخة قوية ومدوية، اهتز على وقعها الشارع، وانتشر صداها عبر أرجاء الوطن، وصنعت الحدث في المشهد السياسي وعلى مواقع التواصل الإجتماعي لا سيما الفيسبوك، سيصبح منذ ذلك اليوم أيقونة هذا الحراك، وأنه استحدث شعارا عفويا لكنه قويا، سيكون من بين أهم الشعارات التي سيتبناها الشعب ويرفعها، ويتمسك بها في مسيراته الأسبوعية...وأنه سيرسخ من خلاله حضوره فيها قولا وصورة. «يتنحاو قاع» عبارة بسيطة لكنها عميقة في معناها وتحمل أكثر من دلالة، بل وتلخص كل الشعارات والمطالب المرفوعة في الحراك، تدعو إلى رحيل كل رموز النظام السابق، وإحداث القطيعة معهم، لأنهم سبب الأزمة والفساد والدمار الذي تعاني منه بلادنا اليوم ... كما أنها تلخص كل الحلول، التي تراها في تنحي كل هؤلاء، تعدى صداها اليوم حدود الوطن، حيث حرص الجزائريون على رفع هذا الشعار، حتى في أكبر المحافل الدولية، كما حدث منذ أيام في الدورة 72 لمهرجان «كان»، عندما حملت مخرجة فيلم «بابيشا» مونية مدور، المشارك في هذا الحدث السينمائي الكبير ضمن «نظرة ما»، رفقة بطلات الفيلم شارة كتب عليها «يتنحاو قاع»، أمام عدسات و كاميرا كل وسائل الإعلام العالمية، التي غطت هذا المهرجان ، وتناقلت تلك الصورة الرائعة لجميلات الجزائر، التي تفاعل معها رواد مواقع التواصل الإجتماعي، وكان ردهم على هذه الالتفاتة المعبرة عن تضامن واهتمام بنات الجزائر بما يحدث في وطنهن، برفع شعار شكر لهن من خلال عبارة «نحبوكم قاع» !! بالرغم من أن قائل «يتنحاو قاع» من الجزائر العاصمة، إلا أن هذه العبارة المؤلفة من كلمتين «يتنحاو» المتداولة أكثر بالعاصمة، وبناحية الوسط وكذا شرق البلاد، و «قاع» التي تعني «بالكامل» المتداولة بالجهة الغربية للوطن بشكل عام، جاءت بعفويتها موحدة للهجات المحليات على اختلافها، لا شعوريا، وهو ما يكرس عفوية الحراك في كل تفاصيله !! ويجعل هذه العبارة التي تفاعل معها الجميع، متداولة على نطاق واسع فاق كل التوقعات، في الداخل كما في الخارج بين أبناء جاليتنا المقيمة في كل أنحاء العالم، غير أن هذا الشعار، بات مرفوضا وغير مرحب به لدى المؤسسة العسكرية، ممثلة في الفريق أحمد قايد صالح، الذي انتقد في وقت سابق مطلب «يتنحاو قاع»، معتبرا إياه بغير العقلاني، بل ووصفه بمصطلح غير موضوعي بل وخطير، يراد منه تجريد مؤسسات الدولة من إطاراتها وحرمانها منها.