- الدكتور يوسف دمرجي سقط شهيدا بقرية تافرنت بسعيدة
لا يزال سكان منطقة تافرنت التابعة لبلدية سيدي أعمر، على بعد 20 كلم من مقر ولاية سعيدة، يعانون في ظل النقائص العديدة التي تمحورت في الوضعية المزرية للطريق وغياب الماء الشروب و الكهرباء الريفية وغيرها من المشاكل التي نغصت حياة قاطني هذه المنطقة ذات المؤهلات السياحية التي تنتظر الوعود التي تلقاها سكانها من المسؤولين المحليين و خاصة منها تعبيد الطريق المؤدي إلى ذات المنطقة التي تضم عائلات منتشرة هنا وهناك. وهو ما استاء له السكان ، الذين عبروا عن معاناتهم من وراء عزلهم عن العالم الخارجي، و قالوا أن منطقتهم فرضت عليها العزلة و النسيان بالرغم من أنها تاريخية إذ كانت رحم المجاهدين و منبع بطولاتهم لا تزال شاهدة على نضال و كفاح الثوار ، وجبالها شهدت عدة معارك طاحنة مع الجيش الفرنسي ، ومن بين الذين استشهدوا بالمنطقة في ثورة نوفمبر 1954 الدكتور يوسف دمرجي ونصبه التذكاري بذات المنطقة شاهد على عظمة الحادثة . وعبر هؤلاء عن صرختهم الموجهة مرارا و تكرارا للمسؤولين المعنيين بتحسين الإطار المعيشي للسكان مؤكدين أن هذه النقائص دفعت بالعديد إلى هجرة المنطقة نحو ولايات أخرى أو خارج الوطن بحثا عن فرص أفضل للعيش الكريم . تهيئة الطريق، حلم طال انتظاره يعد مشكل تهيئة الطريق المؤدي إليهم من أهم المشاكل التي تطرق إليها السكان مؤكدين أنهم يجدون صعوبة كبيرة في استعمالها لا سيما في فصل الأمطار، حيث تتحول إلى برك من الأوحال نتيجة غياب التهيئة و انتشار الحفر و الأخاديد بالطرقات و المسالع الترابية مؤكدين أن الوضعية تتعقد أكثر في فصل الشتاء، وما تخلفه من أعطاب لمركباتهم مشيرين إلى أنهم راسلوا الجهات المعنية و المسؤولين المتعاقبين عديد المرات من أجل الالتفات إلى واقعهم المرير في ظل العزلة التي يفرضها ذات المسلك على مسافة 7 كلم و الذي لم يستفد من أي عملية تهيئة منذ سنوات طويلة بالرغم من الوعود المقدمة لهم متسائلين عن سبب صمت الجهات المعنية طيلة هذه السنوات رغم الشكاوى المتوالية ، مجددين بذلك مطلبهم للسلطات المحلية وعلى رأسهم والي الولاية بالتدخل و برمجة مشروع لتهيئة الطريق وذلك للقضاء على العزلة التي يعيشونها . جلب الماء من أماكن بعيدة كما تطرق السكان لمعاناتهم مع غياب الماء الصالح للشرب ما يضطرهم إلى الاعتماد على الصهاريج بمبالغ تفوق قدرتهم الشرائية والبعض الآخر يستعمل الدواب لجلب قطرة الماء ،إذ تحولت حياتهم إلى جحيم وما يتجرعونه من معاناة وسعي القاطنين إلى جلب الماء بكل الوسائل الممكنة على مسافات طويلة وما ينتج عن ذلك من مشقة و عناء يتكرر يوميا ، حيث يلزمهم الأمر اقتناء الصهاريج بمبلغ يتراوح بين 800دج و1000 دج و هي مبالغ بعيدة عن قدرة المواطنين و مهما جلبوا من ماء لا يكفي كل الاحتياجات خاصة في فصل الصيف التي تتزايد فيه استعمال هذه المادة الضرورية وذلك بالرغم أن ذات المنطقة تحتوي على منابع للمياه الجوفية بحاجة إلى استغلال
الكهرباء الريفية مطلب الفلاحين من جهة أخرى طرح فلاحو المنطقة مشكل غياب الكهرباء الريفية و التي باتت تشكل أكبر انشغال يؤرقهم في حياتهم اليومية التي و صفوها لنا بالمزرية فغياب هذه المادة الحيوية جعلهم يعتمدون على وسائل تقليدية لسقي أراضيهم باستعمال مادة المازوت وما ينجر عنها من مصاريف أثقلت كاهلهم رغم أن سكان المنطقة يزاولون مهنة الفلاحة واعتبروا أن انعدام الكهرباء الريفية أضر كثيرا بمنتجاتهم و كان بإمكانهم تحقيق إنتاج أوفر مؤكدين أن هذه الوضعية صعبت خدمة الأرض واستقرارهم بها ،بالإضافة إلى غياب الغاز وما يتجرعونه من معاناة لجلب قارورة البوتان وأكد السكان أنهم قاموا بعدة مراسلات و أرسلوا شكاوى للجهات المعنية حتى تضع حدا لمعاناتهم اليومية لكن كل هذه المراسلات لم تجد آذانا صاغية وضُرب بها عرض الحائط لتبقى معاناة سكان تافرنت مستمرة إلى غاية اليوم. و وجه هؤلاء نداء الى المسؤوليين المحليين يطالبونهم بتفقد أوضاعهم و منحهم حقهم من التنمية لا سيما وأن المنطقة سياحية وكثيرا ما قدم لزيارتها فنانون وشخصيات معروفة أبدت انبهارها بجمال الطبيعة الخلاب بالمنطقة .
مناظر خلابة لكنها مهملة وتتميز منطقة تافرنت عن غيرها من المناطق بمناظرها الخلابة من مرتفعات جبلية تطل على غابات شاسعة و مروج خضراء ، تتخللها المنابع المائية العذبة المتواجدة بين الصخور و الأشجار الخضراء ذات الضلال الكثيفة، والحشائش الطبية كالزعتر و الفيجل و العرعار و غيرها، كل هذه العوامل دفعت بالزائرين إلى الإقبال عليها في كل مرة للاستمتاع بهذا التنوع الطبيعي الذي لعب دورا فعالا في تطوير الزراعة و صناعة العسل التي تشتهر بها المنطقة منذ القدم، حيث لا يزال البعض يعتمدون على الطريقة التقليدية في ذلك أي من خلال جذوع الأشجار المعروفة ب»الكلخة»، و كذلك الحلفاء و» الضلف» إلا أنها لم تنل حظها من الاستغلال . وحسب العارفين بمجال السياحة، فإن هذه المنطقة تتوفر على الإمكانات الطبيعية التي تأهلها لتصبح قطبا سياحيا كبيرا ، وذلك بفتح المواقع السياحية أمام المستثمرين، لتبقى الوسيلة المثلى لاستغلال هذا الموقع السياحي وفتحه لاستثمارات الخواص وإنجاز المنشآت ومرافق الاستقبال لتدارك التأخر الكبير الذي يشهده القطاع على مستوى الولاية، خاصة أن المنطقة تتوفر على بيوتا مبنية بالطوب والتراب وشجرة الكاليتوس الأقدم بالمنطقة و التي يتجاوز عمرها القرن ويبلغ علوها أكثر من 20 مترا ،ونظرا لكثافة أغصانها كانت مكانا للمناضلين يعقدون تحتها اجتماعاتهم ويخططون للعمليات الثورية والتي لا تزال شامخة تحكي للأجيال تاريخ المنطقة