يبدو أن الأخبار الكاذبة أصبحت جزءا من حياة الناس بعضهم يختلقها و البعض الآخر يستهلكها و يتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي , و بعضهم يكتفي بالتشكيك فيها , و البعض الآخر يحاول التصدي لها , و في جميع هذه الحالات الكل يتعامل مع الآفة كجزء من سمات عصر الرقمنة و تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي أتاحت للجميع فبركة الأخبار الكاذبة و التنافس على إقناع أكبر عدد من الضحايا بصحتها. و يبقى أخطر هذا النوع من الأخبار , ذلك الذي يرد علينا من "الغرب المتحضر" , و الذي يحاول "مفبركوه" إلباسه لباس "الخبر العلمي" أو ربطه بأوساط علمية , و تزداد خطورة مثل هذه الأخبار , عندما تتعلق بوسائل الوقاية من الفيروس القاتل كوفيد-19. و كنموذج لهذا النوع من الأخبار الكاذبة المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع , ذلك الذي تزعم واضعته , بأن تعريض "القناع الواقي" لبخار الماء لمدة لا تقل عن 15 ثانية يتيح تعقيمه و من ثم إعادة استعماله مجددا بعد التجفيف! و لتمنح لخبرها المشبوه بعض المصداقية , تقدِّم نفسها على أنها زوجة بروفيسور بجامعة علم الأحياء الدقيقة الذي عمل على طرق تدمير الجراثيم و الفيروسات . و يؤكد الخبر"المشبوه" أن هذه الطريقة صالحة لتعقيم جميع أنواع الأقنعة الواقية و بنفس الفعالية التي يتيحها غسيل الكمامات في الغسالة تحت حرارة 60 درجة مئوية و لمدة نصف ساعة ؟ الجهات المختصة في مجال التعقيم شككت في فعالية هذه الطريقة التي تؤدي حسبهم إلى نتائج عكسية كونها تؤدي إلى تثبيت الجراثيم والفيروسات في الأقنعة , فضلا عن أن البخار بهذه الطريقة لن يصل إلى المكروبات , بينما المبدأ في عمليات التعقيم الجيد يفرض تسبيق الغسيل و التطهير للقناع ببخار الماء المضغوط و الساخن عند درجة 60 مئوية . القناع للتعايش مع الفيروس إلى حين هذا عن الأقنعة و الكمامات التي يمكن استعمالها أكثر من مرة ,أما ذات الاستعمال الوحيد فلا مجال لمحاولة تعقيمها و ينبغي التخلص منها مباشرة بعد الاستعمال . و للتخلص من أثار الفيروسات من الكمامات "ذات الاستعمال المتعدد" ( يجب غسلها آليا عند 60 درجة مئوية لمدة نصف ساعة باستخدام مواد التنظيف , ثم تجفيفها ميكانيكيا ثم كيُّها تحت درجة حرارة تتراوح بين 120/130°. الحديث عن الأقنعة و الكمامات , يفرضه الوضع الراهن لتطور وباء كورونا , و توجه معظم الدول إلى التعايش معه في انتظار اكتشاف دواء او لقاح ينقذ البشرية منه , و فترة التعايش التي قد تطول و تحتاج إلى توفر الأقنعة بالكميات الكافية , و توفيرها قد تحتكره لوبيات عابرة للحدود , و من مصلحة هذه اللوبيات استمرار الأزمة الصحية و استمرار الطلب على الكمامات , "و الكمامات ذات الاستعمال الوحيد" على وجه الخصوص و منتجو هذا النوع من الأقنعة , قد يلجأون للحفاظ على تجارتهم إلى إحباط أية محاولة جادة لرسكلة "الكمامات المستعملة" بطريقة سهلة و في متناول المستعملين , تعفيهم من عبء الطرق التقليدية لعمليات التعقيم و ارتفاع كلفتها. غير أن أية مبادرة في هذا الشأن يجب أن تخضع للبروتوكولات العلمية لمعالجة المستلزمات الصحية , بعيدا عن أساليب المشعوذين , و خرجات الشعبويين.