دعا، الأستاذ والمحلل السياسي والعضو الأسبق في المجلس الدستوري، عامر رخيلة، إلى ضرورة إعادة طرح قانون تجريم الاستعمار، معتبرا، أنه بمثابة الامتحان الأوّل للسلطة فى الجزائر فى مسألة النهج الواجب اعتماده في العلاقات الجزائرية الفرنسية، وقال في حوار ل " الجمهورية" ضمّنه تحليله حول الحملة الاعلامية الشرسة التي باشرتها قنوات فرنسية ضد الجزائر حكومة وشعبا ومؤسسات أنه هناك مجموعات ضاغطة في فرنسا لم يرق لها ولم تستسغ أيضا الخطاب السياسي الجديد المعلن من طرف رئيس الجمهورية بخصوص بناء الجزائر الجديدة، هذا الخطاب الذي يرسي دعائم بناء مستقبل جزائري سياسي واقتصادي متحرّرا من أية تبعية للخارج لاسيما باريس، حيث يريد القاضي الأول في البلاد إحداث قطيعة مع كل ما كان ممارسا في العهد البائد... وأكّد أيضا أن المصالح الفرنسية في الجزائر أصبحت مهدّدة تحت تأثير الإصلاحات الاقتصادية في البلاد الرامية إلى بعث صناعة وطنية حقيقية تعيد للجزائر اعتبارها بين الأمم، كما دعا في نفس السياق الإعلام الجزائري إلى تفنيد كل ما تبثه فرنسا من أكاذيب وأباطيل ليكون إعلامنا بمثابة الجبهة المؤيدة للدولة في الدفاع عن صورة الجزائر. - الجمهورية: ما هي قراءتكم الأولية للحملة الفرنسية الشرسة على الجزائر؟ ^ يبدو أن هناك العديد من المؤسسات الرسمية والاقتصادية والثقافية والجماعات الضاغطة في فرنسا لم تستسغ لهجة الخطاب السياسي الجزائري المعبر عنه من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون والذي أكد فيه عزم الجزائر على اعتماد نهج جديد في علاقات الجزائر الخارجية نهجا يقوم على قاعدة احترام المصالح المتبادلة فى العلاقات الثنائية وتنويع للعلاقات التجارية مع دول العالم يبدو أن هذا الخطاب لم يرق للقوى المذكورة فعمدت إلى الرد بوسائل عديدة إعلاميا ودبلوماسيا قبل أن تصعد من رد فعلها بشريط تلفزيوني حول الوضع في الجزائر بثته أكثر من قناة حكومية فرنسية وتولت مختلف وسائل الإعلام والدعاية نشر مضمونه على أوسع نطاق معتقدة أنها بذلك تثني إرادة السلطة فى الجزائر على مواصلة النهج المعلن عنه. - الجمهورية: في رأيكم هل فقدت فرنسا مصالحها الاقتصادية في الجزائر بعد ميلاد الجمهورية الجديدة؟ ^ أكيد أن تنفيذ سياسة جزائرية جديدة في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا من شأنه أن يحرم فرنسا من الكثير من الامتيازات التي كانت تتمتع بها في السوق الجزائرية، فاتجاه الجزائر وانفتاحها على أسواق أوربية وآسيوية بقدر ما يمنحها مجال أوسع للمفاضلة بقدر ما يزعج الطرف الفرنسي الحريص على أن يظل محتكرا للسوق الجزائرية لتصدير منتوجاته. - الجمهورية: ما مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية على خلفية الاستفزازات الإعلامية الفرنسية؟ ^ بالرغم من أن السلطات الفرنسية وتحت ذريعة حرية الإعلام فى فرنسا حاولت التملص من مسؤوليتها كما جاء فى تصريح المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية فإن رد الفعل الرسمي والإعلامي الجزائري المستند للأعراف الدبلوماسية التي تلزم الدول فى علاقاتها الثنائية بالحرص على احترام الشؤون الداخلية للآخر بمنع كل ما من شانه أن يمس للعلاقات الثنائية وهنا تكمن مسؤولية السلطات الفرنسية وتسقط ذريعة حرية الإعلام. - الجمهورية: هل حان الوقت لإعادة بعث قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر خصوصا وأن هذا القانون كان قد قبر خلال العشريتين الماضيتين؟ ^ إن لم يكن هنآك اعادة طرح لملف تجريم الاستعمار فلا يمكننا الحديث عن نهج جديد في علاقة الجزائربفرنسا، فالبرلمان الفرنسي بادر نوابه بمقترح قانون للإشادة بالاستعمار وهو المقترح الذي تمت المصادقة عليه من طرف البرلمان الفرنسي فى 23 فبراير2005، وعليه فإن مقترح القانون الذي تبناه عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني يمثل أوّل امتحان للسلطة فى الجزائر فى مسألة النهج الواجب اعتماده في العلاقات الجزائرية الفرنسية. - الجمهورية: ما هو المطلوب من الإعلام الجزائري في مثل هذه الظروف حتى يكون قوة هجوم مضادة؟ ^ المطلوب من الإعلام الجزائري في هذا الملف ان يؤدي رسالة إعلامية عبر ثلاثة محاور، أولا توعية المواطنين بالتحديات وزيادة وعيهم فى مواجهة الدعاية المضادة سواء التي تقوم بها المؤسسات الفرنسية المختلفة او وكلاءها فى الجزائر، ثانيا دعم الموقف الرسمي الجزائري، ثالثا تسفيه الطروحات والمغالطات التي ستسعى الدوائر الفرنسية إلى نشرها. - الجمهورية: استدعاء وزارتنا للخارجية لسفيرنا بباريس خطوة هامة ولم يسبق وأن شاهدناها في العهد البائد، هل ستكون هناك خطوات مؤثرة في المستقبل؟ ^ استدعاء دولة لسفيرها لدى دولة أخرى للتشاور يفيد أن العلاقة الثنائية بلغت مستوى يتجاوز حدود طلب تفسيرات او توضيح حول واقعة ما وهي الحالة التي يتم الاكتفاء فيها باستدعاء الخارجية سفير الدولة المعنية المعتمد لديها لتبليغه انشغال أو احتجاج ينقل لدولته ... فاستدعاء سفيرنا بفرنسا غايته التشاور ودراسة المعطيات للإعلان عن موقف وهو إجراء يمثل احتجاجا قويا وتأكيدا لأسلوب جديد في العلاقات الجزائرية الفرنسية الذي صار من الثابت أنها تأثرت بفقدان فرنسا لوكلاء لها فى الجزائر ظلوا طيلة عقود من الزمن يرهنون الجزائربفرنسا.