عقب وزير الاتصال, الناطق الرسمي للحكومة, البروفيسور عمار بلحيمر, أمس, بعد المصادقة على مشروع المرسوم التنفيذي المتعلق بكيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني, بقوله «وأخيرا إطار قانوني للإعلام الإلكتروني». وفي مساهمة وجهها لوأج، كتب الوزير أن «نص القانون الحالي هو يأتي امتدادا للمادتين 66 و 113 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام بغية إدراج الصحافة الالكترونية في نطاق القانون». وأوضح وزير الاتصال في هذا الصدد أن الأحكام المقررة في هذا النص الجديد «لا تحدد النظام القانوني والاقتصادي لنشاط الصحافة عبر الانترنت لكنها تعكس الإرادة في وضع قاعدة مرجعية توضيحية لسيرها بالنظر إلى نمط تعبيرها ودعامة نشرها التي هي شبكة الانترنت». واعتبر السيد بلحيمر أن «الصحافة عبر الانترنت مماثلة للصحافة المطبوعة من حيث أنها تبقى نشاطا اقتصاديا خاضعا لقواعد السوق, ولكنها تضطلع في نفس الوقت بمهمة الصالح العام والخدمة العمومية بموجب المادة 2 من القانون المتعلق بالإعلام». وقال الوزير أن «هذه الخصائص الجوهرية المشتركة للصحافة تفرض ضرورة تعدد موارد التمويل والسعي لمزايا تنافسية», مضيفا أن «النص يذكر عن صواب بهذه الضرورة القسرية المرتبط بطبيعة نشاط الصحافة». كما أشار السيد بلحيمر في هذا السياق إلى أن «النص يحدد القواعد المنظمة للإجراء الشكلي المتضمن التصريح بالتأسيس ويشدد بهذا الشأن على أن نشاط الصحافة عبر الانترنت نشاط حر». وأبرز الوزير بهذا الخصوص ضرورة «تحديد ثلاثة مسائل كبرى» ألا وهي «النهاية المعلنة للدعامة الورقية والانتقال إلى الرقمنة, الرهان الاستراتيجي لإنتاج المحتوى وقمع المعلومات المغلوطة والتزييف العميق». ولدى تطرقه للمسألة الأولى, أوضح السيد بلحيمر أن صناعة الصحافة بالجزائر عرفت خلال العشر السنوات الأخيرة «تحولات هيكلية دائمة» تحت تأثير التطور التكنولوجي على الرغم من أن «أساسيات الصحافة بقت على حالها» مشيرا إلى انخفاض مبيعات الجرائد الورقية ب 80%. وفي هذا السياق, يرى وزير الاتصال, الناطق الرسمي للحكومة أن «التكنولوجيات الحديثة وإن كانت تفتح آفاقا إعلامية جديدة فهي تطرح تحديات جديدة من حيث المسؤولية القانونية والمسؤولية الاجتماعية». وبخصوص الرهان الاستراتيجي لإنتاج المحتوى, اعتبر الوزير أن «القانون لم يتبع وتيرة تطور السوق بشكل كاف», مؤكدا أنه «سرعان ما ظهر تفاوت بين المعيار القانوني و الواقع المتمثل في سوق الصحافة عبر الانترنت بتطورها المطرد موازاة بانهيار الصحافة المطبوعة». وذكر السيد بالحيمر استنادا لدراسة الاستقصائية لمكتب إعمار في ابريل 2019, بأن الجزائريين ينقسمون أمام وسائل الاعلام يوميا إلى 18 مليون مشاهد, 17 مليون مستعمل الانترنت, 5ر15 مليون متصفح شبكات التواصل الاجتماعي, 3 ملايين مستمع و 6ر2 مليون قارئ. الحد من أثر المعلومة المغلوطة إن القانون العضوي رقم 12-05 المؤرخ في 12 يناير 2012 المتعلق بالإعلام هو بالنسبة لوزير الاتصال, بمثابة «بناء غير مكتمل» كون سوق الصحافة عبر الانترنت «يتطور بوتيرة أسرع من وسائلنا في التفاعل والتكيف» مشيرا, في هذا الصدد, إلى أن «أغلبية الصحف الالكترونية موطنة في الخارج سيما بفرنسا». وأوضح أن «الأسباب تكمن أساسا في أزمة الثقة في نجاعة الآليات الوطنية للولوج إلى دعامة الانترنت حتى وإن كان التوطين المحلي أقل كلفة». وبالمناسبة أعلن وزير الاتصال أن «استفادة المؤسسات العمومية والإدارات من الاشهار سيكون مرهونا بشرط وجود موقع اعلامي حي». ومن جهة أخرى, اعترف الوزير بصعوبة القضاء على ظاهرة المعلومات المغلوطة والتزييف العميق مؤكدا أن «النص حرص على الحد من أثرها». وأردف أن المرسوم التنفيذي يحدد كيفيات ممارسة حقي التصحيح والرد على النحو المنصوص عليه في المادتين 100 و 101 من قانون الاعلام بحيث يسعى إلى التأكيد بأن حرية التعبير هي مبدأ لا يمكنه أن يكون مطلقا أيا كانت درجة تعقد نمط التسيير المُعتمد. وشدد الوزير في هذا الصدد أن ناشري الصحافة الالكترونية «مطالبين بمنح القراء أدوات الدفاع عن كرامتهم وآرائهم عندما تكون هذه الأخيرة محل تشكيك» مضيفا أنه عليهم كذلك «المساهمة بفعالية وباستمرار في التصدي للمضامين المحرضة على الكراهية أو العنف ومن ثمة المشاركة في الدفاع عن اللحمة الاجتماعية». وفيما يخص آجال ممارسة حقي الرد أو التصحيح, أوضح الوزير أن «الآجال المحددة في المادتين 30 و34 من النص التنظيمي تركز على مصلحة المواطنين وتحبذ مقاربة براغماتية». وأوضح في خذا الشأن أن «أجل 30 يوما المكرس في المادة 30 هو أجل قانوني تضمنته المادة 103 من قانون الاعلام» و «هو يمنح القراء أقصى امكانيات الرد» مشيرا إلى أن الآجال المحددة في المادة 34 هي «آجال تأخذ بعين الاعتبار مشترطات السرعة والقيود الحقيقية التي تفرضها رهانات حق الرد أو حق التصحيح». وأكد هنا بأن «هذه التدابير لا تلغي تطبيق الأحكام الجزائية التي كان آخرها تجريم نشر وترويج أخبار كاذبة تمس بالنظام والأمن العموميين». وذكّر بأن «تعديل المادة 196 مكرر من قانون العقوبات ينص على معاقبة كل من ينشر أو يروج عمدا بأي وسيلة كانت أخبارا أو أنباء كاذبة أو مُغرضة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام، نظرا لما يترتب عن هذه الأفعال من بث الرعب لدى المواطنين وخلق جو من انعدام الأمن في المجتمع». وحسب الوزير فان هذا التعديل ينص على فرض «عقوبة جنحية على هذه الأفعال تتمثل في الحبس من سنة (1) الى ثلاث (3) سنوات وغرامة مالية تتراوح بين 100.000 دج الى 300.000 دج». وأكد الوزير من جهة أخرى أن الصحافة الالكترونية «قادرة على المشاركة بفعالية في الجهد الجماعي الرامي إلى اضفاء الطابع الديمقراطي على الحياة العمومية وأخلقتها». وخلص السيد بلحيمر إلى القول أنه «يمكن لناشري الصحافة الالكترونية المؤطرين اليوم بشكل أفضل من الناحية القانونية المشاركة بفعالية في انجاز الوظائف والأهداف المتضمنة في المادتين 2 و5 من القانون العضوي رقم 12-05 المتعلق بالإعلام. لكن ينبغي بالمقابل, برأيه, «استكمال عمل التأطير القانوني لنشاط الصحافة الالكترونية».