البطالة، من كبرى الإشكاليات التي تواجهها بطبيعة الحال، أي خطة تنموية، مما يجعل التشغيل يعد من الأولويات ضمن أولويات البرامج الإقتصادية، وهذه الأهمية تتطلب بدورها إستراتيجية هادفة تتخللها برامج ومناهج مختلفة منها ما يتعلق بالتشغيل المباشر ومنها ما يخص التشجيع على خلق المؤسسات التي توفر المزيد من الفرص أو تنظيم بعض أنماط التوظيف الخاصة ببعض الفئات من حاملي الشهادات الجامعية والتكوين المهني، وحتى بالنسبة لمن ليس لديهم تأهيل، الأمر الذي يشكل قفزة نوعية في مجال التشغيل. ومن خلال ما تقوم به مديرية التشغيل لولاية تيارت المتضمن لأهم إحصائيات سنة 2011، تبرز القفزة الإيجابية التي عرفها سوق الشغل بالولاية، وهذا بخلق 81244 منصب شغل منها 67728 منصب مؤقت و13516 منصب دائم، إذ تراجعت البطالة إلى نحو 64،9٪ ❊ جهاز المساعدة على الإدماج المهني يسير هذا الجهاز من قبل الوكالة الوطنية للتشغيل وبالتنسيق مع مديرية التشغيل ويهدف إلى تشجيع الإدماج الإجتماعي والمهني للشباب طالبي العمل المبتدئين البالغين من العمر 18 إلى 35 سنة، عبر برامج تكوين التوظيف، ويوجه هذا الجهاز إلى 3 فئات منها فئة عقود الإدماج المهني لحاملي شهادة التعليم العالي والتقنيين السامين وخريجي المؤسسات الوطنية للتكوين المهني وفئة عقود الإدماج المهني للشباب خريجي التعليم العالي والثانوي ومركز التكوين المهني أو الذين تابعوا تربصا مهنيا وفئة عقود إدماج تكوين للشباب بدون تكوين ولا تأهيل. وبولاية تيارت، يشهد هذا الجهاز إقبالا كبيرا من قبل الشباب طالبي العمل بمختلف الأعمار والمستويات، حيث بلغت نسبة 28،32٪ من إجمالي المناصب المنشأة بمجموع 31105 منصب بالإضافة إلى الطلبات المبسطة المقدرة ب 29984 طلب، وحسب آخر الإحصائيات المتعلقة بالطلبات المسجلة فهناك ارتفاع نسبة البطالة في فئة غير المؤهلين ب 12931 طلب وكذا فئة الشباب أقل من 29 سنة بتعداد 19449 طلب عمل من المجموع الإجمالي ب 29984 للبطالين المسجلين وبالمقابل، فإن هذا الجهاز قد ساهم في ارتفاع عدد المناصب بالقطاع الإداري لمختلف العقود مقارنة بالقطاعين الإقتصادي العمومي أو الخاص ليبقى السؤال مطروحا عن عزوف الشباب عن الولوج إلى القطاع الإقتصادي. ومن جهة أخرى، فقد أحصت الوكالة الولائية للتشغيل طيلة سنة كاملة 59869 طلب عمل وتنصيب 35057 شاب في مناصب عمل مقارنة بجهاز الإدماج المهني، ليظهر تباين كبير بين الجهازين، بمقارنة بسيطة والأسباب ربما عديدة ومتباينة خاصة ما يخص رغبات الشباب واختيار الجهاز المناسب لتطلعاته. وقد ساهمت مديرية النشاط الإجتماعي في توفير فرص عمل ولو مؤقتة لإدماج الشباب البطال في سوق العمل وهذا من خلال مختلف البرامج الخاصة بالتشغيل والمتمثلة في برنامج إدماج حاملي الشهادات، وهو برنامج مخصص للشباب المتحصلين على الشهادات، وبرنامج المساعدة على الإدماج الإجتماعي ويهدف إلى إدماج الشباب وبرنامج الجزائرالبيضاء الذي يسمح من خلق مؤسسات مصغّرة (تشغيل 7 أفراد) وقد تمكن الجهاز من توفير 2035 منصب يقابلها 2500 طلب عمل من مجموع 7747 طلب مسجل. ومن جهة ثانية، فإن الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة، والذي يوجه إلى الفئة البطالة للأعمار ما بين 30 و50 سنة وتكون هذه الفئة مسجّلة لدى مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل منذ 6 أشهر، فإن هذا القطاع هو أكثر ميدان قد ساهم في خلق مناصب عمل، فمن بين 31 مشروعا فقط وفّر 123 منصب منها 102 منصب دائم، على عكس القطاعات الأخرى كالزراعة والخدمات، فمن خلال 90 مشروعا تم إستحداث 85 منصب عمل أي أقل من عدد المشاريع وبمقارنة لمختلف الأرقام المسجلة بين 2010 و2011، يتبين القفزة النوعية الإستثنائية، إذ تمكن الصندوق من استحداث 1127 نشاط خلال 2011، وفّر من خلالها 1878 منصب عمل، كما تم تمويل 505 مشروع وهي أرقام مشجّعة تدفع بالجهاز إلى رفع التحدي وتكثيف الجهود. ❊ الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب سجلت أونساج تيارت خلال 2011، حصيلة مشجّعة خاصة السداسي الأول، حيث شهدت الفترة الممتدة من فيفري إلى غاية ماي إيداع 6447 ملف أي بنسبة 80٪ من الملفات المودعة سنة 2011 (7963 ملف)، مما أدى إلى صعوبة معالجتها في الآجال القانونية، إلا أن عدد المشاريع الممولة (607) مشروع يبقى ضئيلا بالنسبة إلى عدد شهادات القبول التي تم إعدادها 2882 شهادة قبول، حيث يعتبر التأخر في التمويل الفعلي للمشاريع هو أهم عائق يواجه الشباب في ميلاد المشروع أو إنشاؤه، ومن العوامل التي تؤثر سلبا على نجاح المشاريع الإستثمارية هو الإقبال الكبير على نفس المشاريع خاصة النقل. كما أن الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر قد أحصت 5712 ملف قيد التمويل، حيث يبقى أيضا عدد المشاريع الممولة في سنة 2011 وصلت إلى 204 مشروع وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم الملفات المودعة وشهادات القبول 5874 شهادة، دون أن ننسى أن الظروف الصعبة التي عرفتها الوكالة من ضغط كبير، هذا مع عدم ملاءمة مقرها في ظل التوافد الكبير للشباب الراغب من الإستفادة لمشاريع إستثمارية وقد موّلت بعض البنوك بتيارت عدد مشاريع، نذكر على سبيل المثال البنك الخارجي الجزائري الذي مول 1139 مشروع منذ الشروع في العملية، على غرار بنك البدر الذي مول 1969 مشروع والقرض الشعبي الجزائري ب 12 مشروع أو نجام و220 مشروع بالأونساج و485 مشروع بالكناك وبنك التنمية الريفية (فرع السوڤر)، مول هو الآخر 462 مشروع في إطار مختلف الأليات، لكن مرحلة التمويل الفعلي تعرف العديد من العراقيل والتي يواجهها المستفيد مما يؤخر عملية تمويل مشروعه وهذا بالرغم من تحديد الإتفاقيات المبرمة بين البنوك ومختلف الوكالات. وتلعب مديرية الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الإستثمار دورا هاما، حيث أحصت 386 ملف تم تجديد 36 ملفا منها واستقبال 107 طلب جديد ليصل العدد الإجمالي إلى 143 ملف، حيث يرتقب خلق 4274 منصب كمرحلة أولى، وقد أنشأت خلال الثلاثي الثالث من العام الماضي، 10122 مؤسسة متوسطة ومصغّرة، وفرت لوحدها 287 منصب عمل وبالملاحظة والتدقيق في إحصائيات الثلاثي الثالث فهناك محدودية بعض القطاعات في استقطاب المشاريع والإستثمار فيها كالفندقة وقطاع المحاجر والمناجم على عكس قطاعات أخرى مثل الخدمات والتجارة، وفي مجال الإستثمار، فهناك أولوية الإستثمار الصناعي الإنتاجي، حيث استفادت الولاية، من منطقتين صناعيتين جديدتين الأولى بمساحة 300 هكتار ببلدية عين بوشقيف والثانية بعين ڤاسمة (تيارت) وخصصت مبالغ مالية لإعادة الإعتبار لمنطقتي النشاطات ببلديتي مهدية وقصر الشلالة. فالإستثمار الفلاحي ساهم بدوره في إمتصاص البطالة وخلق مناصب الشغل، إذ يوفّر القطاع بتيارت 60 ألف منصب عمل، من خلال مختلف البرامج والمشاريع منها 13 ألف مستثمرة فلاحية و32 وحدة لتجميع الحليب و35 وحدة استفادت من العتاد الفلاحي ووحدة خاصة لتحضير الأغذية الحيوانية ومن بين الأهداف المسطرة من مشاريع فلاحية كزراعة الزيتون والفواكه هو خلق صناعات تحويلية ومن المرتقب خلق عدد هام من المناصب من خلال إستحداث المستثمرات الفلاحية في إطار المنشور الوزاري رقم 108 المؤرخ في 23 فيفري 2011 المتضمن إنشاء محيطات فلاحية جديدة، سيمنح للمستفيد حق إمتياز 40 سنة قابلة للتجديد، ويعفى صاحبها من دفع الضرائب مدة 10 سنوات، والإستفادة من القروض البنكية. وغير بعيد عن عالم الشغل فإن الوكالة الوطنية لترقية الإستثمار، قد أعطت تسهيلات ما تعلق الأمر بالإجراءات الإدارية والإعفاءات الجبائية وشبه الجبائية، وفي هذا الإطار، فقد سجلت الوكالة 74 مشروعا في سنة 2011، إستحدث من خلالها 1170 منصب عمل وبالرغم من التحفيزات المهمة المقدمة في إطار الوكالة الوطنية لترقية الإستثمار إلا أن عدد المشاريع المسجلة يبقى جد ضئيل خاصة في مجالات الفلاحة والمحروقات والصحة والسياحة. ❊ تجربة جديدة:شركة رأس المال المخاطر هي شركة رأس مال مخاطر تختص في تمويل إنشاء وتأهيل المؤسسات ودعمها لفتح رأسمالها والبحث عن شركاء وتؤدي هذه الشركة مهامها ووظائفها بهدف تدعيم وإنعاش الإقتصاد الوطني وذلك ببعث إنطلاقة جديدة فيما يتعلق بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وترقيتها من خلال المساهمة في رأس مالها وإمتلاك حصص في شركات محلية أو أجنبية باختلاف أماكن نشاطها وتساهم شركة رأس المال المخاطر في التخفيف من حدة المشاكل الخاصة بالتمويل المطروح وبشروط ملائمة إلا أن تجربة رأس المال المخاطر تبقى جديدة من حيث النتائج ونسبة المساهمة في تمويل المشاريع وهي متخصصة في تمويل بعض القطاعات دون غيرها والتي تتميز بالمخاطر الضعيفة الصناعات التحويلية للمنتجات الغذائية وتخزين المنتجات الغذائية ومواد التغليف وصناعة الألبسة وتمويل الخشب. على كل فإن قطاع التشغيل عرف قفزة نوعية خلال سنة واحدة، وهذا بفضل المجهودات المبذولة من طرف مختلف الوكالات والهيئات والبنوك، بالرغم من الضغط الكبير، إذ تم تجنيد كل الوسائل البشرية والمادية لاستقبال الكم الهائل من الشباب بالنسبة لمختلف آليات التشغيل، خاصة بعد إقرار مجموعة من التدابير التشجيعية والتحفيزية، وتعديلات خلال الإجتماع الوزاري المنعقد في فيفري 2011 الذي حمل تحفيزات جد مغرية، وغير مسبوقة، في قطاع الشغل.