حقق منتخب لبنان لكرة القدم في تصفيات كأس العالم 2014 ما عجز عنه لسنوات طويلة، وذلك بالتأهل لاول مرة الى الدور النهائي من التصفيات الاسيوية، لكن هذا الانجاز يتزامن مع فضيحة تلاعب بنتائج المباريات تعصف بالشارع الكروي. القضية اخذت حيزا على المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، لكنها بقيت ضمن دائرة الاشاعات، الى ان اصدر نادي العهد قبل 10 ايام بيانا أكد فيه إيقاف ثلاثة من لاعبيه الدوليين إضافة الى إداري في النادي (مترجم مدرب المنتخب اللبناني). اللاعبون الثلاثة هم المهاجم محمود العلي، الذي لعب دورا فاعلا في تأهل لبنان الى الدور النهائي من التصفيات المونديالية، والمدافع حسن مزهر والحارس محمد حمود حتى اشعار اخر، وتوقيف الموظف الاداري في النادي فادي فنيش، كما اتخذت الإدارة عقوبات ادارية ومسلكية داخلية بحق مجموعة اخرى من اللاعبين. وجاء في البيان ايضا "تحتفظ الهيئة الادارية لنادي العهد بحقها بإتخاذ الاجراءات القضائية والقانونية اللازمة تجاه كل من الحق الاذى المادي والمعنوي بالنادي امام الجهات المختصة"، من دون ان يوضح أسباب هذه الاجراءات. محمد عاصي امين عام نادي العهد حامل لقب الدوري اعوام 2008 و2010 و2011 قال لوكالة فرانس برس: "اصبحت الامور بيد الاتحاد بعدما اصدرنا بياننا الرسمي. كان البيان مبهما ولم نأت على سيرة التلاعب ولو ان الشارع الكروي بأكمله يعلم حقيقة الامور. طلبنا توقيف اللاعبين دوليا والاتحاد هو صاحب المبادرة. فليعلن انه اوقفهم بسبب المراهنات. سنعقد لاحقا مؤتمرا صحافيا ونكشف جميع الامور". رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم هاشم حيدر صرح لوكالة فرانس برس: "اجرينا تحقيقا هادئا وجمعنا كل المعطيات. شكلنا امس الاربعاء لجنة تحقيق اخرى برئاسة امين عام اتحاد غرب اسيا الاردني فادي زريقات. اعطينا اللجنة طابعا رياضيا، اقليميا وحياديا، وزريقات له خبرته بعدما سبق ان حقق بقضايا مشابهة في بعض الدول العربية". وتابع حيدر: "سيأتي زريقات قريبا ونضع المعطيات بين يديه، بعد ان يختار من يريده من المساعدين. لن يستغرق التحقيق وقتا طويلا وستمكث اللجنة في لبنان ما يقارب الاسبوع. لن اضيف اي شيء لان الاشاعات المتداولة كثيرة للاسف". وعن رمي الاندية الكرة في ملعب الاتحاد، اضاف حيدر: "90% من التلاعب حدث مع الاندية وليس مع المنتخب. وفي حال ايقاف اي لاعب دوليا سنقوم بابلاغ الاتحاد الدولي". وتوقع حيدر ان تحصل "بعض الايقافات مدى الحياة لاصحاب الرؤوس الكبيرة. زعماء التلاعب سيتأثرون بالقرارات اكثر من غيرهم...". وختم حيدر: "نادي العهد لم يقدم الادلة لنا وطلب منا اخذ الاجراءات. العهد يحاول ان يكون شفافا وخطوته كانت جريئة". وكان حيدر اعتبر في تشرين الاول/اكتوبر الماضي ان الشائعات التي أطلقت حول وجود "لاعبين خونة في صفوف المنتخب له أساس من الصحة" وان "اي خلل في المنتخب سيقابله ردة فعل قاسية وسيتهم المتلاعب بالخيانة الوطنية". اما محمود العلي الذي يعتبره الكثيرون رأس الحربة في هذه القضية فقال لفرانس برس مستنكرا: "بدأت مشكلتي مع نادي العهد عندما عرضت الاحتراف في الخارج وتحديدا مع ناد قطري مقابل 2ر1 مليون دولار اميركي، لكنهم وضعوا العصي في العجلات، لدرجة ان بعض الاداريين في النادي عرض علي الحصول على مبتغاي مقابل مبلغ مالي من الصفقة، لكنني رفضت ذلك ما دفع النادي الى تحريض لاعبي الفريق على اتهامي بالتلاعب بنتائج المباريات. تم السماح لهم بخوض التداريب على الرغم من اعترافاتهم بالتلاعب بالمباريات، فيما اوفقت لانني رفضت اتهام احد من اللاعبين، واعتبر ان لا دليل ملموسا لديهم لاتهامي". وتابع العلي "اقتربت من الانضمام الى ناد شرق اسيوي وكل الاشاعات التي تتحدث عن امتلاكي للملايين هو كذب وافتراءات لان عائلتي تقطن في منطقة فقيرة وخطيرة امنيا في طرابلس ولو كنت املك الملايين لابعدتها عن تلك المنطقة". وختم العلي "كيف اتلاعب بنتائج المباريات وانا من سجل هدف الفوز للبنان في الكويت ومن حصل على ركلة الجزاء الشهيرة في مباراة كوريا الجنوبية". محمد حمود الحارس الاحتياطي في منتخب لبنان في الدور الثالث والذي طاله الايقاف كشف: "انا موقوف سلوكيا داخل نادي العهد ولا دخل لي ببيع او شراء المباريات. لم تعرض علي الاموال في يوم من الايام... هناك بعض اللاعبين ظهرت عليهم الاموال فجأة، وعلى رغم ان مكافآت التأهل الى الدور النهائي من التصفيات بلغت 35 الف دولار اميركي، الا ان الثراء الفاحش ظهر على بعضهم. تردد في الوسط الكروي ان بعض الوسطاء كانوا يدفعون 3 او 4 الاف دولار اميركي للاعب فيما تبلغ ارباحهم (الوسطاء) مئات الاف". من جهته اعتبر سيمون الدويهي عضو الاتحاد اللبناني انه "على الدولة مساعدتنا في التحقيقات. لسنا قادرين بالحصول على داتا الاتصالات. انه موضوع شائك ويجب الدخول في الحسابات المصرفية لمعرفة مصادر اموالهم وسؤالهم من اين لك هذا... والبعض منهم تم كشفه بالصوت والصورة يتلاعب بنتائج المباريات". من المباريات التي اثارت الشبهات لدى القاعدة الجماهيرية، مواجهات بعض الاندية اللبنانية في كأس الاتحاد الاسيوي وتصفيات كأس العالم 2014 التي خسر فيها لبنان امام على ارض بنغلادش 2-صفر بعد فوزه ذهابا 4-صفر في الدور الثاني من التصفيات، ومواجهة قطر في بيروت ضمن الدور النهائي (صفر-1). بهيج ابو حمزة رئيس مجلس امناء نادي الصفاء حامل لقب الدوري اللبناني اعتبر ان اجواء التلاعب "خارج اسوار نادي الصفاء. لكن اذا هناك لجنة ارادت الدخول لاجراء تحقيق ما، يجب ان نعرف وفق اي معطيات ويجب ان يكون سريا". وتابع ابو حمزة: "اذا تأكد ان هناك تلاعب ومكاتب مراهنات فهي تخالف القانون. يجب ان تتدخل الاجهزة لان هذه المكاتب ممنوعة في لبنان. يقال ان المكاتب تتصل باللاعبين للتأثير على نتائج المباريات، وهذه الاتهامات تؤدي الى تدمير اللعبة". اما سعد الدين عيتاني امين عام نادي النجمة فقال: "لا معطيات ملموسة لدينا. هذه الافة موجودة في جميع البلدان لكنها ظاهرة جديدة علينا في لبنان، ولو ان البعض يتحدث عن تعليب النتائج محليا انما بدون دليل". وعن تخوفه من ضلوع بعض لاعبي الفريق النبيذي في الموضوع: "نحن مع الذهاب في الملف الى النهاية. مسيرتنا الكروية في كاس الاتحاد الاسيوي كانت لافتة وكنا نخرج باداء مشرف. نادي العهد يمتلك الوثائق اما نحن فلا. لم نجر اي تحقيق مع لاعبينا لاننا لم نشكك بهم". واضاف: "لا يمكن لاي ناد القول ان هناك بعض المرتكبين في اندية اخرى الا اذا لم يكن يملك الدليل. اهلا وسهلا بلجنة التحقيق اذا كانت تملك المعطيات، وبحال ثبوت اي ارتكاب من لاعبي النجمة، نطالب الاتحاد باتخاذ اشد العقوبات". وكان منتخب لبنان تأهل لاول مرة في تاريخه الى الدور النهائي من تصفيات كأس العالم، البرازيل 2014، بعد مسيرة رائعة في الدور الثالث تغلب خلالها على كوريا الجنوبية والكويت والامارات العربية المتحدة، قبل ان يهزم ايران في الدور النهائي بهدف من قائده رضا عنتر المحترف في الصين راهنا بعد فترة طويلة امضاها في الدوري الالماني "بوندسليغا". يذكر ان فضائح التلاعب بنتائح مباريات كرة القدم تهز العالم الكروي، وهناك عدة جهات دولية تقوم بمحاربته. وتتمركز اخطر شبكات التلاعب التي يسعى الاتحاد الدولي لمكافحتها في شرق القارة الاسيوي