كشف مدير مخبر المخطوطات بكلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية التابعة لجامعة وهران عن إصداره مجلدات تعود إلى 5 قرون خلت، ستتدعم بها الحظيرة التاريخية خلال الأيام القليلة المقبلة. العملية هذه من شأنها أن تعزز البحث العلمي والدراسات المنجزة في هذا الشأن، خاصة فيما يتعلق بحقبات زمنية مرت تحمل في طياتها بيانات رسمية تروي تراث المجتمعات السابقة وهو ما دفع الدارسون في هذا الإختصاص لخوض التجربة والإهتمام بالنماذج الخطية القديمة. المجلدات الثلاث التي ستصدر قريبا تعكس المهام والعمل المنجز من قبل الطاقم المؤطر طيلة فترة زمنية وجيزة، قام من خلالها الباحثون بفهرسة وثائق 10 خزانات تضم مخطوطات قديمة متفاوتة العدد، كل واحدة تحوي ما بين 10 و200 مخطوط تعود إلى العهد العثماني ومنها ما تجاوزت هذه الفترة بكثير، تعكس حضارة سبقت العثمانيين في مجالات عديدة. جمع المخطوطات وإعدادها في 3 مجلدات إقتصرت على طريقة الفهرسة والتي هي بدورها ترتكز على عدة محاور وتنقسم إلى مراحل مختلفة، حيث يقوم الباحث بإعداد بطاقة خاصة بالوثيقة يحدد فيها كل المعلومات الخاصة للتعريف بها وتحديد مصدرها والغوص في هذا العالم عن طريق دراسة المخطوط المعروض عليه من حيث الموضوع الذي يتطرّق إليه، السنة التي نسخ فيها، المسار الذي يسعى إليه إلى جانب نوعية الورق المستعمل لتجميع كل هذه المعلومات في بطاقة التعريف الخاصة بكل مخطوط. وفي إطار إعادة الإعتبار لهذه الكنوز التاريخية والثقافية فقد أعد المخبر على عاتقه مهمة صيانة وحماية هذه المخطوطات التي أتلفها الزمن وجعل منها أطلال تبقي ماضيها وهذا عن طريق تهيئتها من جديد وأحسن وسيلة يعتمد عليها المخبر عملية الرقمنة التي تعتبر الطريقة الناجعة للحفاظ على تراث الحضارات السابقة. وفي ذات السياق أكد مدير المخبر أن هيئته قد باشرت في رقمنة 1000 مخطوط تختزنها الزوايا بمختلف ولايات الوطن لا سيما بولايات الجنوب المعروفة باكتنازها لماضي الأسلاف، حيث تكفل الطاقم بالتصوير الرقمي لهذه المخطوطات باستعمال أحدث التقنيات والوسائل المستعملة وفي ظرف 3 سنوات تقريبا استطاعت الفرقة المتكونة من 15 أستاذ عرض انجازات في أحسن الظروف. والمشكل المطروح حاليا المهمة الشاقة الملقاة على عاتق الباحث خاصة أن العملية تتطلب توفير وسائل الوقاية لحمايته من الأمراض الخطيرة جراء استعماله المستمر لأوراق وكتب كانت عرضة للتلف مما قد يعرض حياته للخطر. بالمقابل سيشرع المخبر قريبا في فهرسة مخطوطات ولاية تيارت تحت إشراف 18 أستاذا تجسيدا لبرنامجها الرامي إلى إعادة الاعتبار للمجلدات القديمة وحمايتها من الإندثار بفعل عاملي الزمن والإهمال. وفي إطار العمليات المدرجة في هذا الشأن أجرى المخبر مشاريع مماثلة مع عدة مؤسسات إلى جانب إتفاقيات تعاون مع معهد الجزائر العاصمة والمكتبة الوطنية التي تحوي قرابة 4000 مخطوط. أما من حيث الدراسات التي تسجلها ذات الجهة فمن المرتقب أن تحتضن كلية العلوم الإسلامية والإنسانية لجامعة وهران ديسمبر المقبل ملتقى وطني حول الأعمال التي قام بها الباحثون فيما يخص المخطوطات الجزائرية وتعتبر هذه المحطة تكملة للملتقى الذي نظمته الكلية مؤخرا والذي انصب حول المستشرقين وتحقيق التراث العربي لإبراز إنجازات هذه الفئة وما حققته بالنسبة للمخطوطات العربية المرتبطة بميادين عديدة كالعلوم، الفقه، التاريخ، الأدب وغيرها.