تحديات صعبة ستواجه أعضاء الحكومة الجدد والتي تم تعينهم أول أمس، من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خاصة فيما يتعلق بقطاع الثقافة الذي عانى الكثير في السنوات الأخيرة، رغم تداول عدد من الوزراء عليه دون تقديم أي جديد به. وزيرة الثقافة الجديدة مليكة بن دودة ينتظرها تحد كبير في تسير قطاع شهد أمراض مستعصية يتطلب منها الكثير من الحكمة والجهد في تسيره وإخراجه من النفاق المظلم الذي عاش فيه على امتداد سنوات، عث فيه البعض وحاول البعض الأخر. إن قطاع الثقافة الذي يعد رافدا مها من روافد الاقتصاد أي دولة، يعني في الجزائر من شلل واسع يشمل جميع المجالات السينما والمسرح والنشر، ..وغيرها، وهي مجالات حية تظهر مدى تقدم وتطور الشعوب، ومدى تحضرها. وزيرة الثقافة الجديد والتي عينت أول أمس، هي أستاذة الفلسفة السياسية بجامعة تيبازة، ومقدمة البرنامج الفلسفي “Philo Talk” الذي يبث بقناة “جزائرية” خاصة، يعدّ الأول من نوعه باللّغة العربية الذي يحلّل التساؤلات الراهنة في عمق مشاكلنا، تستضيف فيه شخصيات جزائرية مثققة، كما لها مؤلفات في الفلسفة والتنظير السياسي، ستكون في مواجهة يومية للقضاء على ما تفشى في القطاع بدأ بتغير الأعضاء المنتسبين للقطاع وصولا إلى وضع إستراتجية سياسية ثقافية واضحة المعالم تكرس مبدأ العدالة بين الفنانين والمبدعين الحقيقيين الذين تم تغيبهم بقصد أو من غير قصد من طرف من سبقها في الإشراف على القطاع، فهي مطالبة بأن تبحث عن ذوي الخبرة والكفاءات لإسناد لهم مهمة التسيير كما هي مطالبة أيضا بعقد جلسات تشاورية مع المختصين للخروج بخطة عمل يمكن من خلالها تبنى أساس جديدة للثقافة. كما شمل التعين الحكومي إسناد منصب كاتب الدولة المكلف بالصناعة السينماتوغرافية والذي كان يشغله من قبل بلقاسم ساحلي، إلى الممثل الواعد وبطل المسلسل الرمضاني للموسم الفارط”أولاد الحلال” يوسف سحيري، أما منصب كاتب الدولة المكلف بالإنتاج الثقافي فقد اسند للموسيقار سليم بن دادة، هذه المناصب تشكل محطة للتغير في حال تم استغلال بشكلها الصحيح، والمهمة ليست بسهلة بالنسبة للمكلفين بها خاصة بالنسبة للممثل يوسف سحيري الذي مازال في بداية مشواره الفني، والمهمة تبدوا أثقل بالنسبة له، لان طموح الممثل هو الإبداع وما يحققه في تجسيده لشخصيات سينمائية وفنية وما يقدمه في تعزيز مشواره وليس في إدارة عمومية تخص القطاع، ويخضع لقوانين الدولة، لذلك سيكون موافقته على اعتلاء هذا المنصب عقبة في تحقيق أحلامه الفنية، لأن أي مشاركة له مستقبلا في أي عمل فني كان سيضعه في خانة “استغلال المنصب” وسيطيح به مثلما حدث مع الوزيرة السابقة “نادية لعبيدي”. مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهذه التعيينات فور الإعلان الرسمي للتشكيلة الحكومة الجديدة ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بآراء منها ما هي مؤيدة لهذه التعيينات وترى فيها الخلاص والحل للأزمات التي تعاني منها الجزائر، خاصة وان التشكيلة تضم أسماء شبابية ووجوه جديدة تشغل مثل هذه المناصب للمرة أولى، ومنهم من يرى فيها أنها مجرد ذر الرماد في العيون، باعتبار أنها وجوه مؤلوفة بالنسبة لهم، حيث كانت تطل عليهم من حين لأخر في برامج تلفزيونية ولقاءات صحفية، ونحن في مجالنا نتحدث عن قطاع الثقافة، الذي لقي الكثير من اللغط خاصة فيما يتعلق بمنصب كاتب الدولة المكلف بالصناعة السنماتوغرافية والذي اسند للمثل “يوسف سحيري” الذي كان من الرافضين للانتخابات الرئاسية، والذي يعرف عنه بان قناعاته السياسية تختلف على ما يقدمه النظام، فقد اعتبر البعض قبول سحيري لهذا المنصب يلزمه بالضرورة وضع حد لمشواره الفني، ما عدا ذلك سيضع نفسه في خانة الانتهازيين، وفي فئة “استغلال المنصب”، وهو مطالب حسبهم أيضا يأتي بالجديد فيما يخص الأطر القانونية الخاصة بالسينما وصناعها كإعادة صياغة قانون الفنان ونقابة الفنانين، وضع نظام تسيير جديد يخص المؤسسات السينمائية، كما أنه مطالب بفتح المجال الاستثمار في مجال السينما مع إشراك البنوك والمتعاملين الاقتصاديين من الداخل والخارج، وفتح قاعات السينما المغلق منذ سنوات، فيما اعتبر البعض الأخر أن الممثل يوسف سحايري ليس أهل لهذا المنصب الذي يتطلب على الأقل منتج سينمائي الملم أكثر بالصناعة السينمائية، لان الممثل علاقته الوحيدة بالسيناريو والمخرج، ولا علاقة له بالتسيير الإداري. أما فيما يتعلق بالوزيرة مليكة بن دودة، فالكثير من يرى أنها ستضيف الكثير للشأن الثقافي شرط أن يعطى لها كامل الصلاحيات في تجسيد أفكارها، ومنهم من يرى بان للوزيرة لديها أفق واسع للعطاء، وصورة مكتملة عما يجب أن يكونه مشهدنا الثقافي، منوهين إلى أن أهم خطوة في الإصلاحات تبدأ بها هو إبعاد موظفين الوزراء السابقين لها، وكل العناصر المتسلقة التي شوهت المشهد. لكن رغم ذلك الكثير من المثقفين طالبوا بعدم الاستعجال في تقديم انتقادات للمكلفين الجدد، أو إبداء أي رأي آخر لا مدحا و لا نقدا، داعين إلى التريث وذلك للاطلاع على مشاريع وبرامج هؤلاء وما سيقدمونه لإنعاش الثقافة، فما يرى البعض إن قطاع الثقافة بحاجة إلى جميع المثقفين للمساهمة في مساعدة هؤلاء المعينين الجدد في إنعاش القطاع إن ابدوا النية الخالصة في ذلك دون سقوط في فخاخ التسيير التي ميزت إدارة هذه الوزارة منذ سنوات طويلة.