أكد خبراء في الاقتصاد أن الاجراءات المتخذة في اطار المشروع التمهيدي لقانون المالية التكميلي لسنة 2020 الذي صادقت عليه الحكومة الاحد الماضي تفرضها الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في ظل استمرار الآثار المترتبة عن انتشار جائحة كورونا في البلاد و عبر معظم دول العالم. و أوضح الخبراء أنه لا بد من تقديم توضيحات أكثر حول تفاصيل وكيفيات تنفيذ القرارات المتخذة لغرض إثرائها, في انتظار عرض نص المشروع للمناقشة في البرلمان. وفي تصريح لواج أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر أن القرارات المتخذة في اطار المشروع التمهيدي لقانون المالية التكميلي 2020 “عادية” وتفرضها الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد, حيث رحب بقرار إلغاء النظام التفضيلي لاستيراد مجموعات SKD/CKD لتركيب السيارات، والترخيص لوكلاء السيارات باستيراد المركبات السياحية الجديدة, باعتباره استجابة للاحتياجات الوطنية. أما بالنسبة لقرار رفع معدل الاقتطاع من المصدر للشركات الأجنبية العاملة بعقود تأدية خدمات في الجزائر من 24 بالمئة إلى 30 بالمئة, بهدف تشجيعها على فتح مكاتب بالجزائر, أكد الدكتور ناصر أنه قرار “جد شجاع” و يحفز المستثمرين الاجانب للتواجد والاستثمار بصفة دائمة في الجزائر والخوض في استثمارات أكبر . وانتقد الدكتور من جهة اخرى عدم الاستقرار في التشريع الامر الذي يؤدي الى نفور المستثمر الأجنبي, رغم ما تضمنته الاجراءات التنظيمية الاخيرة من تفاصيل قد تكون أكثر تشجيعا للاستثمار الاجنبي على غرار إلغاء حق الشفعة واستبداله بالترخيص المسبق للاستثمارات الأجنبية وإلغاء إلزامية تمويلها باللجوء إلى التمويلات المحلية, إلى جانب قرار إعادة النظر في قاعدة 49/51 باستثناء القطاعات الاستراتيجية وأنشطة شراء وبيع المنتجات. واوضح الدكتور في هذا الجانب ان “الاستقرار التشريعي عامل مهم في استقطاب الاستثمارات الخارجية و يحفز المتعامل الاجنبي على القدوم و اطلاق استثماراته ” . أما فيما يتعلق بإلغاء الضريبة على الدخل الاجمالي التي جاءت في برنامج رئيس الجمهورية, أكد السيد سليمان ناصر ضرورة تحديد آلياتها بحيث لا يتم تحسين وضعية فئة على حساب أخرى او يكون القرار اجحافا لفئات معينة من العمال تكون تتقاضى أعلى بقليل من 30 الف دج, وتتساوى فيما بعد مع فئات العمال الأقل منها في التصنيف او الرتب, مبرزا ان الخبراء بحاجة الى توضيحات في هذا الجانب من طرف الجهات المختصة التي تكون قد درست الموضوع بدقة. أما الدكتور في الاقتصاد القياسي والعضو السابق بلجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني بن يحي بودالي, فيرى أنه ” لا بد في مثل هذا الظرف من وضع نموذج اقتصادي يأخذ في الاعتبار الخصوصيات والإمكانيات الوطنية المادية والبشرية مع وضع خطط اقتصادية طويلة المدى توفر الاستقرار التشريعي الملائم لإنجاح المشاريع” . وحسب السيد بودالي فإنه لا بد من تطبيق “عزلة اقتصادية” مدروسة تعتمد على نموذج جزائري بحت ومتفتحة على الاستثمارات الاجنبية في نفس الوقت, سيما في ظل تراجع اسعار النفط بسبب ازمة كورونا. وبالعودة الى قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالمشروع التمهيدي لقانون المالية التكميلي 2020, أكد السيد بودالي أنها “تتماشى مع الواقع ومرتبطة بالوضعية الصحية الحالية” التي أثرت على النمو الاقتصادي العالمي عموما. والاهم, حسب بودالي “الحفاظ على العنصر البشري وتقليص انعكاسات الازمة الصحية على الاقتصاد الوطني, والمصالح المرتبطة بالحلول المقترحة للوباء (..) الآن لابد من تركيز الجهود حول قضية الخروج من الازمة الصحية وأزمة تراجع اسعار النفط “. وبخصوص تحسين القدرة الشرائية للمواطنين قال السيد بودالي ان “المسألة مرتبطة أساسا يتراجع قيمة الدينار, مقابل اليورو والدولار”, مبرزا أن الاجراءات المتخذة بالنسبة للأجور “لن تحسن مباشرة القدرة الشرائية”. ولفت المتحدث الى ضرورة منح الاهمية لفتح المجال الصناعات المتوسطة والتي لا تتطلب استثمارات كبيرة ورؤوس اموال ضخمة الى جانب تشجيع الاستثمار الاجنبي , حيث اضاف قائلا : “نطالب باخراج الجزائر من التبعية سيما فيما يخص الغذاء والدواء لتفادي المساومات الأجنبية”.