عبدالله عبد السلام أفق جديد لم يكن العلم يوما أداة بأيدي السياسيين كما هو الآن. دخلت السياسة المختبرات العلمية وحددت للعلماء ماذا يفعلون؟، وأقنعتهم بأن مقولة: العلم لا وطن ولا دين له، عفي عليها الزمن. مثله مثل الأخلاق والمبادئ ، أصبح العلم في خدمة السياسة تحت شعارات الوطنية وسمعة البلد ومكانتها. كورونا أكد أن نجاة البشر بأيدي العلماء، لكنه أيضا جزم بأن هذه الأيدي تحركها أهواء السياسيين ومصالحهم. قبل أيام، أعلن بوتين تسجيل بلاده أول لقاح ضد الفيروس بالعالم. بدا الأمر رسميا وشخصيا . لقاح تم تسميته سبوتنيك 5 في تذكير بأول إنجاز فضائي روسي عندما جري إطلاق المركبة سبوتنيك عام 1957. لقاح لا يعلن عنه الباحثون الذين توصلوا إليه، بل الرئيس الذي قال إن إحدي بناته تم تطعيمها به. تصدر المسئولون المشهد، لم يظهر العلماء إلا قليلا. الأسئلة العلمية تاهت..هل مر اللقاح بكل التجارب المطلوبة، أم أن هناك اختصارا للمراحل، وماذا عن الآثار الجانبية؟. للأسف، الإجابات ليست مقنعة. ليس أسوأ من البروباجندا الروسية سوي رد الفعل الغربي.. حملات تشكيك واتهامات لموسكو باستخدام اللقاح المزعوم سلاحا لاستعادة مكانتها الدولية، لدرجة ربطه بغزو أوكرانيا والتدخل في سوريا والتلاعب بالانتخابات الأمريكية. فاجأ اللقاح الحكومات والمعاهد العلمية وشركات الدواء الغربية. بعد الخسائر الهائلة نتيجة الوباء، كانت لندن وواشنطن تحديدا، تأملان بأن تؤدي التعاقدات علي مليارات الجرعات من لقاحاتهما إلي ضخ أموال هائلة بجسد الاقتصاد، لتدخل روسيا علي الخط راغبة في تقاسم الكعكة. الغرب يغلف المسألة بالموضوعية والفصل بين السياسي والعلمي وترك العلم لأهله، لكن خلف القناع تبدو الأمور مختلفة. صراعات حول من يصل أولا للقاح، ومن يؤمم اللقاح المنتظر لصالح مواطنيه علي حساب الآخرين، ومن يعقد أكبر كم من الاتفاقات لبيعه للعالم؟ في روسيا الأمر مختلف، لا قناع ولا كمامة. السياسة تظهر، وكأنها تمتطي ظهر العلم. تغري السياسة بعض العلماء، فيتركون أبحاثهم ويتحدثون في السياسة وباستديوهات التليفزيون، ويغري بريق العلم السياسيين، فيتدخلون لحرفه عن مساره معتقدين أنه مهمة أكبر من انفراد العلماء بها.