"قرأت لافتة مكتوب عليها: تمهل عائلتك في انتظارك.. وأنا أرد: لا أحد ينتظرني" .. هي إحدى العبارات التي أضافها أحد مجانين الدراجات الهوائية الجزائريين، على فيديو له وهو يقود بسُرعة جنونية على الطَّريق السيار. عبارة تكون قد حركت الحماس لدى سائقين آخرين وهم يُشاهدونها على "تيك توك"، ولكنها أيضا حركت مصالح الأمن لفتح تحقيق حول مضمون صفحات تُشجع على المناورات الخطيرة وارتكاب المخالفات. في الجزائر، ارتفع خلال السنوات الأخيرة مستخدمو الدراجات النارية، وهذا لأسباب اقتصادية، اجتماعية وحتى مناخية، ومنه ارتفع عدد محبي هذا النوع من المركبات. وفيما يستخدمها البعض كوسيلة نقل فقط، فإنّ آخرين جعلوا منها هواية، ومن تصويرها مادّة لصفحات مختلف منصات التواصل الاجتماعي. وبقدر حجم الجنون، بقدر ارتفاع عدد المشاهدات، حيث صارت المناورات الخطيرة، وفيديوهات التمرّد على مصالح الأمن الأكثر جلبا للتفاعل، ما شَجَعَ الصفحات للتنافس على تصوير هذا النوع من المحتوى ونشره لتحقيق "الترند".
الأمن يتدخل مقاطع الفيديو تلك، والعبارات و"الهاشتاغات" المستخدمة، دفعت مصالح الدرك الجزائري إلى التحرك عبر إطلاق حملات ضد أصحاب تلك الصفحات. وفي هذا الصَّدد، أوضح رئيس مكتب الاتصال بمركز الإعلام والتنسيق المروري للدرك الوطني، الرائد سمير بوشحيط، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن العملية جاءت "بعد رصد أنشطة مخالفة لقواعد الأمن المروري من طرف خلية اليقظة المرورية للمركز عند تصفح بعض المصادر بالفضاء الإلكتروني". وحسب المسؤول فإن "غالبية مشاركي مقاطع الفيديو يلهثون وراء الشهرة وجلب المزيد من المتابعين من خلال نشر محتوى يؤثر سلبا على أفكار الشباب نتيجة مخالفته لقواعد السياقة السليمة بسبب نقص الوعي المروري". وبغية وضع حد لهذه التجاوزات، "تم التنسيق مع الوحدات الإقليمية من أجل توقيف المشتبه فيهم وتقديمهم إلى الجهات القضائية واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة". يشار إلى أن أرقام ذات المصالح تؤكد أن الحملة الردعية شملت ولايات الجزائر العاصمة، الشلف، وهران، الوادي، بجاية، جيجل، قسنطينة، وتبسة، ومكنت خلال شهر فبراير الماضي من "معالجة 28 قضية".
مؤثرون وصانعو المحتوى تحت الرقابة رغم أن القانون الجزائري لا يُفصل في كيفية التعامل مع صناع المحتوى والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المحاكم الجزائرية شهدت عدة قضايا ضد المعنيين، لعل أشهرها تلك التي رفعت ضد مؤثرين معروفين على غرار نوميديا لزول، ستانلي وريفكا، الذين أودعوا الحبس المؤقت وصدرت في حقهم أحكام قضائية متفاوتة، في قضية إشهار تضليلي واحتيال.