الجزائر حريصة على إقامة علاقات متينة مع بلدان إفريقيا    الجزائر تتضامن مع ميانمار    عيد الفطر المبارك: رئيس مجلس الأمة يهنئ الشعب الجزائري والأمة الاسلامية    طوارئ بالموانئ لاستقبال مليون أضحية    الجزائر توقّع اتفاقيات بقيمة مليار دولار    الفلسطينيون يتشبّثون بأرضهم    فرنسا: بدء مسيرة من أجل اطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية    الشباب يتأهّل    الدرك يُسطّر مخططا أمنياً وقائياً    فيغولي.. وداعاً    66 عاماً على استشهاد العقيدين    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره التركي بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    المسابقة الوطنية للأطفال لكتابة الرسائل: تمديد آجال المشاركة إلى غاية 8 أبريل القادم    المرصد الوطني للمجتمع المدني يخصص يومي الخميس والسبت لاستقبال الجمعيات    تجارة: تحديد شروط سير المداومات والعطل والتوقف التقني للصيانة واستئناف النشاط بعد الأعياد الرسمية    منظمة حقوقية تدين منع الاحتلال المغربي مجددا لوفد دولي من زيارة الصحراء الغربية    فلسطين: أكثر من 9500 أسير في سجون الاحتلال الصهيوني يواجهون جرائم منظمة وممنهجة    تندوف : إطلاق أشغال إنجاز أكبر محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بغارا جبيلات    تجارة : تحديد شروط عرض الفواكه والخضر الطازجة بموجب قرار وزاري مشترك    موبيليس تتوج الفائزين في الطبعة ال 14 للمسابقة الوطنية الكبرى لحفظ القرآن    شهر التراث: إطلاق الطبعة ال1 لمسابقة "ماراتون التصوير الفوتوغرافي لولاية الجزائر"    حوادث الطرقات تخلف 6 قتلى و442 جريحاً    هطول أمطار رعدية في 10 ولايات    سوق اهراس : وزير الشباب والرياضة يعاين عدة مشاريع ويتفقد قطاعه    القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    الجزائر تستحضر ذكرى العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التاريخية    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة    مدرب هيرتا برلين ينفي معاناة مازة من الإرهاق    عروض مواقع التواصل بديل لاستحضار "بنّة" العيد    تطور كبير في العمل التضامني خلال رمضان    الأمن المائي.. الجزائر تربح المعركة    المخزن واليمين المتطرّف الفرنسي.. تحالف الشيطان    تحويل صندوق التعاون الفلاحي ل"شباك موحّد" هدفنا    ارتفاع قيمة عمورة بعد تألقه مع فولفسبورغ و"الخضر"    صايفي: كنت قريبا من الانتقال إلى نيوكاستل سنة 2004    أنشطة تنموية ودينية في ختام الشهر الفضيل    بين البحث عن المشاهدات وتهميش النقد الفني المتخصّص    نحو تنظيم ملتقى "المسرح والذاكرة" وإنشاء شبكة توزيع العروض    تقييم مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    بوغالي وقوجيل يعزّيان في وفاة الفنان حمزة فيغولي    مولودية الجزائر : بن يحيى يجهز خطة الإطاحة بأورلاندو بيراتس    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لانتاج الحليب المجفف    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اجتماع تنسيقي حول بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    الجزائر تُكرّم حفظة القرآن    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هل هذه ديمقراطيّتكم؟"
نشر في الحياة العربية يوم 04 - 08 - 2024

في الأوقات الصعبة التي يمرّ بها الإنسان العربي الحسّاس لقضاياه العابرة للحدود الوطنية، كقضية فلسطين مثلاً وأساساً، والتي يشاركه في الإحساس بها والانتماء إليها جميع من يؤمن بالعدالة ومن لديه حدٌّ أدنى من الإنسانية ومن الأخلاق، يستسهل بعض، يستغرّب ويُندّد بالدعم الرسمي الغربي غير المحدود لدولة إسرائيل وللسكوت الفاضح عن جرائمها، أن يسخر من الديمقراطيات الغربية ومدى جدّية "ديمقراطيتها".
ينتشر هذا الموقف خصوصاً أمام أول أزمة داخلية في إحدى تلكم "الديمقراطيات"، والتي يمكن له من خلالها أن يلحظ بعض التجاوزات الأمنية، أو ما يخال له أنها كذلك. كما يستبيح قواعد علم الاجتماع السياسي ليفتي في قدرة تطبيق هذه الدول للديمقراطية حسب معايير الحكم الرشيد وفصل السلطات والتعدّدية الحزبية وصيانة حرية التعبير وتنظيم الانتخابات على أنواعها. وهنا، من الضروري الحذر في التمييز بين دولة ديمقراطية قولاً وممارسة، وأخرى تكتفي بنشر المظاهر الديمقراطية. وقد شهدت العقود الأخيرة بروز أنظمةٍ عديدةٍ تدّعي الديمقراطية من دون أن تمتلكها فعلاً. واغتنى علم الاجتماع السياسي بتسميات مركّبة لتوصيف بعض أنظمة الدول التي تسعى إلى تبنّي مظاهر الديمقراطية دوناً عن فحواها. وعلى سبيل المثال، لدينا "النظام الهجين"، "شبه الديمقراطي"، "الديمقراطية الانتخابية"، الديمقراطية غير الليبرالية" (…). وقد جرى تصميم هذه الأنظمة بدايةً ديمقراطياتٍ حقيقيةً، ولكنها خضعت لتحوّلاتٍ عديدة، لكي تتموضع بين الديمقراطية والديكتاتورية مع امتلاك خصائصهما.
في فرنسا مثلاً، وإثر اعمال الاحتجاج سنة 2018 التي قام بها أصحاب السترات الصفراء من محدودي الدخل احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، كما الأحداث التي تلت المصادقة على تعديل قانون إصلاح نظام التقاعد سنة 2023، وقعت بعض حوادث يمكن أن تشير إلى ضعفٍ في الممارسة الديمقراطية. حيث جرت تجاوزات من رجال الشرطة بحق المحتجين جرى رصدها وتوثيقها. كما مُنع تنظيم بعض التجمّعات الاحتجاجية. وظهرت مخاوف مشروعة تتعلق بحرية التعبير وممارسة العمل العام. واضطر مجلس الدولة للتدخل مراراً لنقض قرارات تنفيذية اتخذتها الحكومة سعياً منها إلى عودة الاستقرار. وسرعان ما جرى حديث عن انحرافات بنيوية تدّقّ ناقوس الخطر مشيرة إلى إمكان وقوع انحراف استبدادي في الممارسة إن لم يكن في القوانين نفسها.
من الضروري هنا الحذر من الوقوع في الاستعجال الذي يؤدّي إلى إصدار أحكام غير صحيحة، ففي الأنظمة التي تتزيّن خارجياً بالديمقراطية، تقلص السلطة استخدامها الانتخابات وحدها، فلا أثر للمجتمع وللأفراد في سير العمل العام وفي ممارسة الرقابة على سلوك الدولة. وبالتالي، تغيب المؤسسات وتضمحل الثقافة المدنية وتتراجع المسؤولية الاجتماعية. وفي هذه الأنظمة التي تستغل الديمقراطية، تُقلص الديمقراطية إلى يوم الانتخابات. ونتيجة ذلك، تتوقّف المجتمعات عن التأثير بشكل كبير على عمل الدولة وسلكها. بعبارة أخرى، لا توجد منصّات ليبرالية حقيقية يمكن أن تعزّز احترام المؤسّسات وتعزّز ثقافة مدنية تتجاوز اللحظة الرمزية للتصويت. ومن ثم، تحتل الانتخابات مكانة بارزة لترسيخ شرعية الحكام، ويصل القادة المستبدون إلى السلطة وفقًا للقواعد الديمقراطية. ومع ذلك، بمجرد وصولهم إلى هذا المنصب، ينحصر هدفهم بدايةً بالعمل على تحييد فصل السلطات بلعتبارها إحدى القواعد الرئيسية للحياة الديمقراطية. كما يجهدون في تقليص فعالية الأدوات الرقابية لما يعتقدون أنها تساهم في إثقال كاهلهم وتعقّد من حريتهم في ممارسة السلطة كما يرتؤون. ومع اعتماد هذه الأنظمة الانتخابات، إلا أن المعارضين لها يستمرّون بمواجهة كمّ هائلٍ من العقبات حين سعيهم إلى الدخول في معترك العمل السياسي وخوض الانتخابات "الحرّة".
في الديمقراطية الليبرالية كفرنسا، يجرى تشجيع التنافس السياسي والتمثيل من المنتخبين، بينما في الديمقراطية غير الليبرالية، أو الشكلية كما رأينا، يجرى تجاهل هذه العمليات لصالح ادعاء حصرية تمثيل الشعب والحق في التحدث باسمه للسلطة ذاتها. وعلى الرغم من إمكانية استمرار تبنّي المجالس التشريعية القوانين، تصدر المزيد من القواعد الناظمة لتطبيقها من السلطة التنفيذية وحدها التي يجسّدها شخص واحد. تشكل هذه القواعد، في كثير من الأحيان، تنافساً مع القوانين نفسها، بل وتحييدها. وأخيراً، سمة أخرى معروفة جيداً لهذه الأنظمة تكمن في نمط الحكم الاستبدادي المنظّم حول عبادة الرجل القوي، الفعّال، غير المتهاون، ولكنه أيضاً قريب من الشعب وبعيد عن النخبة. في ضوء هذه الملاحظات، يعتبر علماء السياسة أن الدول مثل تركيا والمجر وروسيا وإسرائيل تندرج ضمن هذا الوصف. وتسعى الديمقراطيات غير الليبرالية إلى تبرير أفعالها من خلال المعايير والإجراءات القانونية. وهكذا، يُشكل الحفاظ على المظاهر الركيزة الأساسية للديمقراطيات غير الليبرالية. وبعض الإجراءات يمكن أن تكون موجودة في الأنظمة الديمقراطية التي لا تُعتبر في أي حال تهديداً نحو الانحدار إلى الاستبداد. وبينما تكون آثارها السلبية محدودة في ديمقراطية صحية، فإن آثارها المضادّة للديمقراطية تتعزز في إطار ديمقراطية غير ليبرالية. إن الأمر يشبه الفيروس الذي لن يسبب مرضاً خطيراً في جسم سليم عموماً، ولكنه يمكن أن يكون قاتلًا في جسم مريض.
العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.