كانت وستبقى أسطورة حية يمتزج فيها الفن بالمبدأ، وستجد من يبكي عليها كلما فتح صندوق الذكريات وانبعثت منه رائحة الفن الأصيل نظرات قوية تختزل بداخلها جميع الكلمات، ونبرات واضحة لا تخلو من جزائرية صحيحة، حيوية شديدة تجوب بها خشبة المسرح، فتكون جميعها عناصر تضافرت معاً لتمهد لها طريقاً استحقت في نهايتهن جدارة، لقب زهرة المسرح الجزائري. إنها الفنانة التي رحلت عنا أول أمس فتيحة بربار، اسم حفرت صاحبته حروفه بنقاط مضيئة في التاريخ الذهبي للمسرح والسينما والتلفزيون، فتميزت بأدائها للأدوار الصعبة والمعقدة وقدرتها على التعبير من خلال عينيها وقسمات وجهها، فبدأت الموهبة في الظهور في 1959 بالغناء حيث انضمت إلى اوركسترا المطربة مريم فكاي قبل أن تلتحق بالمعهد الوطني للموسيقى فرع التمثيل في نفس السنة وقد اختارها المخرج الراحل مصطفى قريبي لتقمص دور في مسرحية إحدى مسرحيات موليير. وقدمت طيلة مشوارها الفني الطويل عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية وسينمائية كما كونت ثنائيا ناجحا مع الممثل الراحل رويشد في فيلمي البوابون وحسان الطاكسي. وشاركت مع عريوات في فيلم "عايلة كي الناس" واشتهرت في التلفزيون الجزائري عبر مسلسلات رمضانية مثل "المصير" و"البذرة "1 و2 وغيرها. ورغم بعض المشاكل الصحية الراجعة لعوامل السن لم تتوقف المرحومة عن العمل فقد ظهرت في الفترة الأخيرة في أعمال تلفزيونية منها فيلم "الهجرة "لياسين بوجملين وأعمال أخرى مع الفنانة صونيا ومصطفى عياد في شهر رمضان. شكل رحيل زهرة الشاشة الجزائرية فتيحة بربار أول أمس، صدمة لزملائها في الوسط الفني إذ لم يستوعب عدد منهم الخبر المفجع بالنسبة لهم. إبراهيم فتح النور: "كم كنت فخورا بصداقتها" "كانت بل ستبقى زهرة من حديقة الزمن الجميل. فتحت الطريق رغم الصعاب والأحكام المسبقة والتقاليد البالية وداعا اندفعت إلى الفن والإبداع بدون خوف ويكل عزيمة وإصرار فكسرت الطبوهات وكانت مع شلة من الفنانات القنديل الذي أضاء طريق أخريات. فتيحة بربار عشقها كان للمسرح أما السينما والتلفزيون فكان إكسسوارا بالنسبة لها . ثارت فأبدعت وفنها كان محفزا لها لخوض غمار النضال خلال الثورة التحريرية. فتيحة رمز المرأة المكافحة لم تكون تحب الأضواء ماعدا أضواء الخشبة التي كانت تبدع عليها. كانت أنيقة وجميلة صورة وقلبا كم كانت تحبني وتسعد بلقائي وكم كنت فخورا بصداقتها". بهية راشدي: "بربار ترفض أن تكون صورة على الحائط بعد موتها" "في مرة من المرات كنت معها في وزارة الثقافة ونظرت إلى صور الفنانين المعلقة على الحائط وقالت أنها تخال نفسها في غرفت الأموات وبعدها التفتت إلي وقالت لا أريد أن أكون صورة على الحائط بعد موتي ما أعرفه عن بربار أنها لا تحب التحدث عن نفسها كثيرا ولا تحب أن يتحدث احد عن نفسه كثيرا". .. الممثلة ريم تاكوشت: "الراحلة عملة نادرة في عالم الفن" صدمت بالخبر وكانت فاجعة بالنسبة لي، صحيح أني لم أتعامل مع الفنانة عمليا ولكن احتكت بها وتحدثت معها، السيدة بربار إنسانية المشاعر ومتواضعة الشخصية، أجدها فنانة متكاملة لها هيبتها في الساحة الفنية وهي عملة ناذرة في عالم الفن مهتمة كثيرا بفنها وبمظهرها تحرص دائما على أن تكون متألقة في أدوارها. المخرج عقباوي الشيخ: "خسرنا عملاقة وقامة إبداعية يعز تعويضها" بربار تنتمي إلى الجيل الذهبي للمسرح والسينما والتلفزيون الجزائري، فنانة قديرة أدت أدوارها باحتراف ودخلت إلى قلوب الجمهور الجزائري بكل شرائحه ومستوياته الفكرية، شكلت ثنائيا رائعا واستثنائيا مع عثمان عريوات في فيلم عائلة كي الناس وكانت تحب التواجد والحضور في جميع الفعاليات المسرحية والفنية التي ينظمها الشباب وتدعمها، كانت تقول أنا أحبكم جدا لأنكم تقدمون للشعب وللبلد كل قوتكم وحماسكم من خلال إبداعكم وفنكم، رحم الله الفقيدة لقد خسرنا أحد رموز التمثيل في الجزائر وعملاقة وقامة إبداعية يعز تعويضها. . . إلتقيتها في عديد المهرجانات رحمها الله.