لا تزال المقابر الأثرية لوادي ميزاب التي ترمز لكبار مشايخ ورموز الإباضية في غرداية ويعود تاريخ لما بين القرنين ال 11 و16 ميلادي تنتظر الترميم بعد تخريبها المتفاوت بداية فيفري 2014 خلال أحداث العنف التي شهدتها بعض أحياء المنطقة. وكانت مديرية الثقافة قد أطلقت دراسة لترميم هذه المعالم المتضررة -التي تدخل ضمن القطاع المحفوظ لقصر غرداية- وأخرى تم تخريبها في إطار برنامج استعجالي لولاية غرداية لسنة 2014، حيث تم اختيار مكتبي دراسات هما الآن "في طور العمل"، وفقا للمديرية. الزائر لهذه المقابر القديمة التابعة لقصر غرداية -أو"ماما نغرمان" (أم القرى) كما يسميه أهله- سيتعجب لبشاعة وحجم هذه التعديات التي مست أماكن عبادة وتراثا إنسانيا مسجلا في التراث العالمي لليونسكو منذ 1982، حيث تنوعت أفعالها بين التخريب والتحطيم. مقبرة بابا والجمة -وهومن مؤسسي قصر غرداية في القرن ال 11- تعد أبرز هذه المقابر المخربة فرغم تواجدها فوق تلة مرتفعة إلا أنه تم المساس بعدة معالم بها، على غرار مسجديها (المصلى ومرفقه) وأضرحتها التي تم تخريبها وحولهما الكثير من القبور التي لم تسلم من الدهس. الشيخ عمي سعيد -الذي يعود في أصوله إلى جزيرة جربة التونسية التي يتواجد بها أيضا المذهب الإباضي- لم تسلم مقبرته أيضا من التدنيس وخصوصا معالمها الرئيسية التي تعود للقرن ال 16 ممثلة في مسجد عمي سعيد (مجلس العزابة سابقا لعمي سعيد) وقبة أمي موسى التي دمرت تماما. وغير بعيد عن الموقعين السابقين تبرز أيضا مقبرة باعيسى أوعلوان –وهو أيضا من مؤسسي قصر غرداية- حيث عرفت تخريبا جزئيا مثلها مثل مقبرة بابا صالح التي تضم مكان صلاة مفتوح (محضرة)، بالإضافة لساحة الرحبة وهي السوق الأولى لقصر غرداية قبل توسعاته العمرانية. وجاء تخريب هذه المواقع التابعة لأكبر قصور وادي ميزاب كصفعة جديدة لقطاع السياحة بالولاية التي تشهد أصلا عزوفا كبيرا للسياح منذ تسعينيات القرن الماضي فقصر بني يزقن مثلا -الذي كان يستقبل 26 ألف زائر في 1989 أغلبهم أجانب- لم يزره في 2014 إلا حوالي 1400 سائح أغلبهم جزائريين وفقا لرئيس جمعية السياحة والتنمية ببني يزقن حجوط إبراهيم. وعرف بدوره قصر بونورة عزوفا كبيرا للزوار في 2014 إذا انخفضت أعدادهم بحوالي 80 بالمائة مقارنة بالأعوام السابقة وأغلبهم جزائريين من طلاب وباحثين وعائلات، حسبما صرح به الحاج داود ميوريغ مسير المكتب السياحي بالقصر. وقد أثر عزوف السياح على النشاط الاقتصادي بقصر غرداية وبقية القصور وخصوصا على الصناعات التقليدية كالزربية الميزابية التي ماعادت تجد من يشتريها بالإضافة للفخار والجلود والنحاس التي صار حرفيوها يعدون على الأصابع.