ها هي أيام شهر الخير والمحبة توشك أن ترحل وتمضي كضيف خفيف، وزائر لطيف، بل كسحابة جميلة كانت تقينا حر الشمس ثم لم تلبث أن تزول بعد أن تعلقت بها القلوب وأنست بها الدروب.. وكأني والمقصرين من أمثالي قد وقفنا حيارى لا ندري أنبكي على ما مضى وما أحسنا فيه أم نحزن على ما بقي وأنفسنا كسيرة حسيرة.. وإن بقي عليه من الليالي سبع أو حتى ليلة واحدة، فما يدرينا لعلنا بإصلاح تلك الليلة نكون من عتقاء الله من النار! فلا يلقي الشيطان في قلبك اليأس ولا يزرع في نفسك القنوت.. هيا يا من أسرفت على نفسك، وسوّفت، وضيّعت ليالٍ مضت.. دع عنك اللوم والعتاب، وانظر إلى سويعاته المقبلة، نظرة أمل وتفاؤل وإحسانْ ظن بالله. سئل أحد السلف عن السبيل إلى النجاة بعد أن أسرف على نفسه أعواما، فقال: "تحسّن فيما بقي، يغفر لك ما قد مضى". كيف لا وقد قال الله عز وجل: "إن الحسنات يذهبن السيئات"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالخواتيم". فيا من أسأت استقبال رمضان، لا تعجز عن إحسان توديعه.. فلعل عتقك من النار يكون في آخر لياليه المباركة.. لعلك بتلاوة آية أو استغفار أو ذكر أو صدقة وما أكثر سبل الخير.. تدركها في هذه الدقائق الغاليات.. فسارع وأحسن واعمل وتذكر أن الله يضاعف لمن يشاء.. رزقني الله وإياك الإخلاص والقبول في القول والعمل وجعلنا جميعا من عتقاء الله من النار.. وتقبل الله منا القليل وغفر لنا كل تقصير.