يبدو نادي باريس سان جيرمان قريبا من عصر جديد من فرض هيمنته على مسابقة الدوري الفرنسي لكرة القدم، ولكن مئات الملايين التي استثمرتها قطر في النادي الفرنسي كانت ترمي إلى جائزة أكبر بكثير من مجرد لقب محلي. لطالما زخر تاريخ الكرة الفرنسية بالعديد من الأندية العريقة، ولكن حتى الآن لم يندرج اسم باريس سان جيرمان مع هذه الأندية في قائمة واحدة. فقد أحرز ليون لقب الدوري الفرنسي سبع سنوات متتالية من عام 2002 وحتى عام 2008 ، وأحرز مرسيليا أربعة ألقاب متتالية، من عام 1989 وحتى عام 1992 ، إلى جانب إحرازه كأسا أوروبية. أما في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، فقد كان فريق سانت اتيان هو القوة الفرنسية المهيمنة على الساحة. أما باريس سان جيرمان، فكان لقب الدوري الفرنسي الذي أحرزه الموسم الماضي الثالث فقط في تاريخه بالبطولة، مما يجعله في منزلة واحدة مع فريق لو هافر ومتخلفا عن أندية أخرى ذهبت أسماؤها طي النسيان مثل روبيه وستاندار أتليتيك كلوب ، اللذين أحرز كل منهما لقب الدوري الفرنسي أربع مرات في ماضي المسابقة السحيق. ولكن هذا الأمر سيختلف بنهاية الموسم الجاري ، حيث يتصدر سان جيرمان حاليا ترتيب الدوري الفرنسي بفارق 13 نقطة أمام أقرب منافسيه، موناكو. ومع تبقي سبع مراحل فقط على نهاية الموسم ، يبدو إحراز اللقب بالنسبة لنادي العاصمة "مجرد شكليات" حاليا. ولكن مواجهة نادي تشيلسي الإنجليزي في دور الثمانية من بطولة دوري أبطال أوروبا، حيث يستضيف سان جيرمان مباراة الذهاب غدا الأربعاء ، تبدو فرصة مثالية لكي يثبت النادي الفرنسي أنه أصبح منافسا جادا على ساحة كبرى البطولات الأوروبية. فقد قال لوران بلان، مدرب سان جيرمان، قبل إجراء قرعة دور الثمانية بدوري الابطال : "لا أعتبر كرة القدم نوعا من العلوم. فطموحات النادي هي أن يحرز لقب البطولة يوما ما". وأضاف : "لقد منحنا أصحاب النادي السبل لتحقيق ذلك بشراء لاعبين رائعين. هدفنا هو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا". ويعج فريق سان جيرمان الحالي بالكفاءات، فالمدافعان أليكس وماكسويل، إلى جانب لاعبي الوسط تياجو موتا وخافيير باستوري وجيريمي مينيز، هم فقط عينات من العديد من الأسماء التي يمكنها أن تتألق بسهولة مع أي ناد أوروبي كبير آخر. ويكمن سر قوة سان جيرمان في خط الهجوم، فمن المستبعد أن يلعب ثنائي أوروجواي المتألق إدينسون كافاني وإزيكييل لافيتسي أدوارا مساعدة في أي فريق أوروبي مهما كان كبيرا، كما هو الحال بالنسبة لهما في سان جيرمان. أما وجود هذين اللاعبين المتميزين في مراكز داعمة فقط بباريس سان جيرمان فهذا الأمر لا يرجع إلى ارتقاء مستواهم الاحترافي وحسب ، وإنما يرجع أيضا إلى المستوى الرائع الذي يلعب به حاليا المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش في باريس. فقد وصل إبراهيموفيتش إلى مستوى من الأداء ربما لا يشاركه فيه حاليا سوى البرتغالي كريستيانو رونالدو في ريال مدريد، والأرجنتيني ليونيل ميسي في برشلونة. وصرح ماركو فيراتي لاعب خط وسط باريس سان جيرمان لصحيفة "الجارديان" البريطانية قائلا : "عندما يكون لدى المرء لاعب بهذا المستوى في فريقه، فسيجد نفسه معتمدا عليه .. إنه مثل ليونيل ميسي في برشلونة. يمكن أن يكون لديك نجوم آخرين في الفريق، ولكنه حبة الفاكهة التي تزين بها الكعكة". وأضاف : "عندما أمرر له الكرة، أعرف أنه سيفعل بها شيئا متميزا من شأنه أن يغير سير المباراة. لاشك في أن اللعب معه متعة كبيرة". ويتمتع إبراهيموفيتش بسجل رائع من الأهداف والتمريرات الحاسمة في الدوري الفرنسي كما كان متوقعا. ولكن أهدافه العشر أيضا في سبع مباريات بدوري الأبطال هذا العام تؤكد أنه ليس لاعبا يعتمد على بنيته القوية وحسب. وبما أن إحراز الألقاب الدولية أمر غير وارد مع منتخب بلاده، السويد، فقد أصبح باريس سان جيرمان الطريق الأقرب والأكثر منطقية بالنسبة لإبراهيموفيتش للتتويج بالألقاب الكبرى. وسيكون تشيلسي العقبة التالية أمام النجم السويدي لتحقيق هذا الحلم، كما سيكون اختبارا حقيقيا لما يمكن لجهاز قطر للاستثمار أن يجنيه من وراء استثماره الرياضي في باريس سان جيرمان.