بلدة خزاعة في خان يونس تحولت إلى كومة ركام احتفل أطفال غزة بعيد الفطر على وقع القصف العنيف للاحتلال الإسرائيلي، فقد سقط خلال الساعات الماضية عشرات الشهداء والجرحى في عمليات قصف عنيفة استهدفت منازل ومقرات حكومية ووزارات ومحطة توليد الكهرباء. ففي مدينة خان يونس شارك المئات من الفلسطينيين في تشييع جثامين نحو خمسين فلسطينياً استشهدوا منذ بداية عيد الفطر المبارك في المدينة بعد استهداف عدة منازل وانتشال عدد من جثث الشهداء من تحت ركام المنازل المدمرة. حوّل الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لروايات الفارين من لهيب القصف بلدة خزاعة الواقعة إلى الشرق من مدينة خان يونس إلى كومة من الركام بعد أن حاصرها وأمطرها بالقذائف والصواريخ مما تسبب في سقوط المئات من الشهداء والجرحى، وذلك في ظل الاحتفال بعيد الفطر الذي غابت مشاهده وحل مكانه الدم والقتل والركام والدمار والتشريد والعويل.
أطفال يشيعون عائلاتهم بدل الاحتفال بالعيد وتواصلت -حسب مراسلي وسائل الإعلام الدولية- مشاهد تشييع الجنازات للشهداء بالجملة، فتلك المشاهد منتشرة في كل مكان في شوارع قطاع غزة وسط الحزن والألم من الاحتلال، فمن يرى تلك المشاهد لعوائل الشهداء الذين يعيشون هول الصدمة مما حدث ويحدث من مجازر على يد الاحتلال الغاشم لا يمكن أن يتمالك نفسه من البكاء؛ فتارة ترى طفلة تركض خلف والدها الشهيد باكية وصارخة في وجه العالم: أين العروبة، أين العال،م قتل أبي بدم بارد، وتارة تشاهد أما تقبل أطفالها مودعة ودموع الحسرة والألم عليها، ومشاهد لعائلات كاملة لم تجد من يشيعها غير الجيران قد أبيدت عن بكرة أبيها، وكان آخر تلك المآسي ما حدث في مخيم البريج حين استهدف منزلا يعود لعائلة أبو شمالة فاستشهد الأب والأبناء.
إسرائيل تصاب بالجنون وتقصف بيوت العزاء وعلى الرغم من هول ما يحدث من نكبات وجرائم بشعة فقد حرم الاحتلال حتى المعزين لعوائل الشهداء من المشاركة في بيوت العزاء من خلال استهدافها بالقصف أو حتى المشاركة في تشييع جثامين الشهداء؛ لأن الاحتلال وفق ما يقول الفلسطينيون فقد صوابه وتخطى كل الخطوط الحمراء، وقد قصف قبل عدة أيام بيت عزاء أقيم في مخيم المغازي وسط قطاع غزة. في سياق متصل، لازال عشرات الشهداء تحت ركام المنازل المدمرة في خزاعة بمدينة خان يونس وفي بيت حانون وحي الشجاعية ومخيم البريج مع استمرار منع الاحتلال للطواقم الطبية وللدفاع المدني من الدخول إلى تلك المناطق والتمكن من انتشال جثامينهم من تحت الركام. ولازالت ثلاجات الموتى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة تستقبل العشرات من الشهداء منهم من عرفت هويته ومنهم لازال مجهول الهوية لعدم القدرة على التعرف عليه فشيعت جثامينهم اليوم إلى مقبرة الشهداء بمنطقة الشيخ رضوان في مدينة غزة وسط تنديد فلسطيني واسع لجرائم الاحتلال التي فاقت كل تصور وعقل.
الفلسطينيون هذا العام "عيد شهيد" بدل "عيد سعيد" ويؤكد الفلسطينيون بأن عيد الفطر هذا العام ليس "عيدا سعيدا" بل "عيدا شهيدا" نظراً لهول ما ارتكب من مجازر ودمار في غزة من قبل الاحتلال الذي لازال يقصف المنازل على رؤوس ساكنيها. فمشاهد الجنازات والجثث المحترقة والأطراف المقطعة والجراح الغائرة هي التي غلبت على المشهد في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة للبشر والحجر والشجر، فحتى حرمة العيد لم تمنع الاحتلال من أن يرتكب المجازر، فحول عيد غزة إلى لون أحمر لن تنسى الأجيال المتعاقبة تلك المشاهد المروعة أبد الدهر ولن تمحى من الذاكرة والتاريخ.
القسام: "لا وقف لإطلاق النار قبل وقف العدوان ورفع الحصار" وقال القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار مع إسرائيل إلا بوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه. وقال الضيف في تسجيل صوتي بثته قناة الأقصى أول أمس الثلاثاء، إن موازين المعركة باتت مختلفة، وإن الاحتلال يرسل جنوده إلى محرقة محققة. وقال الضيف في ذلك التسجيل الذي بثته الجزيرة أيضا "إن موازين المعركة باتت مختلفة، فجنودنا يتسابقون إلى الشهادة كما تفرون أنتم من القتل والموت"، مؤكدا الجاهزية التامة لكتائب القسام لخوض المعركة ضد العدو. كما أكد استمرارَ عمليات الإنزال التي تقوم بها كتائب القسام خلف خطوط العدو، وآخرها عملية حي الشجاعية يوم الاثنين، مشيرا إلى أن العدو يرسل جنوده إلى محرقة محققة. وأضاف "لقد آثرنا مهاجمة جنود العدو خلافا للعدو الذي يستهدف المدنيين كلما استعر القتل بجنوده، ولن ينعم هذا العدو بالأمن ما لم يأمن شعبنا، ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار إلا بوقف العدوان ورفع الحصار كاملا".
الأونروا تتهم إسرائيل وشلال الدم يتواصل الغزاويون يتوضأون بدمائهم للعيد ارتكبت قوات الاحتلال فجر أمس مجزرة جديدة في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد خمسة عشر فلسطينا وإصابة تسعين آخرين. الجريمة الجديدة التي تأتي على خطى الإبادة الجماعية، دفعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأوونروا" إلى الخروج عن صمتها الدبلوماسي واتهمت جيش الاحتلال الاسرائيلي بشكل مباشر، وقالت في بيان صحفي وصلت "الشروق" نسخة عنه "أطفال يقتلون أثناء نومهم.. انها صفعة وإهانة لنا جميعاً، ووصمة عار على جبين العالم واليوم يقف هذا العالم مخزياً". وتابع البيان الأممي الذي بدت صياغته منفعلة، "لقد قامت الأونروا بزيارة الموقع وجمعنا الأدلة وقمنا بتحليل الشظايا ومعاينة أدلة الحفر التي خلفها القصف وغيرها من الأضرار، ويشير تقييمنا الأولي إلى أن المدفعية الإسرائيلية هي من ضربت مدرستنا التي تأوي 3300 نازح جاءوا يطلبون الأمن والأمان". هنا لا مكان آمن في قطاع غزة، على وقع الإبادة الجماعية التي طالت النازحين في مدارس الأممالمتحدة للمرة الثانية رغم التنسيق المسبق مع قوات الاحتلال التي تمتلك إحداثيات جغرافية لأماكن مدارس الأونروا. وفي دلالة على تعمد قوات الاحتلال استهداف الفارين من المناطق الحدودية إلى مدارس الأونروا، أضافت المنظمة الدولية التي تكفلت بقرابة مليون لاجئ فلسطيني في قطاع غزة: "لقد تم إخطار الجيش الاسرائيلي بالموقع الدقيق لمدرسة اناث جباليا الإعدادية وبإحداثيتها وتم اخطارهم كذلك بأن المدرسة المذكورة تأوي الآلاف من النازحين ولضمان حصانة وحماية المدرسة، فقد تم اعلام الجيش الاسرائيلي بموقع المدرسة 17 مرة متتالية كان آخرها ساعات قليلة قبل القصف المميت على المدرسة". تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال استهدفت خلال الأيام الماضية مدرسة بيت حانون واستشهد 16 مواطنا وأصيب ما يزيد عن 200 آخرين. حكومة نتنياهو بفعل تكرار المجازر التي تستهدف الأبرياء والعزل تجد نفسها جراء هذا العدوان الأعمى والدموي في قفص الاتهام الدولي وبشهادة المؤسسات الأممية، كما يتضح من تصريحات مفوض الأونروا بيير كرينبول الذي قال: "بعد هذا الحادث، لقد انتقلنا خارج نطاق العمل الإنساني، حيث اننا الآن في حيز نطاق المساءلة والمحاسبة"، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سياسية دولية مدروسة ومقصودة لوضع حد لهذا الدمار المستمر. وأكد المفوض الأممي أن "هذه هي المرة السادسة التي تتعرض فيها واحدة من مدارسنا لضربة مباشرة وان موظفينا، والذين يقودون الاستجابة الدولية، يقتلون وملاجئنا تفيض بالنازحين وعشرات الآلاف سيكونون قريبا في شوارع غزة، من دون طعام ولا ماء أومأوى في حال استمر هذا الاعتداء". موقف المنظمة الدولية التي رافقت العذابات الفلسطينية وتكرارالنكبات بعلمها الأزرق منذ 66 عاما، استندت في موقفها على هول الجريمة التي بدأت أثناء قيام عشرات النازحين بالضوء لصلاة الفجر، فيما فاجأتهم طائرات الأف 16 بتحليق قريب ومدو كسر حاجز الصوت، ثم تلا ذلك قصف مدفعي أدى الى تناثر أشلاء النائمين في الفصول المدرسية. أم رائد، إحدى الفارات من شمال بيت حانون، قالت أنها جاءت إلى هذه المدرسة وسط بلدة جباليا من مدرسة بيت حانون الجدودية بناء على تعليمات من الصليب الأحمر وتطمينات الأونروا. وأفاضت بالحديث مع مراسل الشروق "منذ نكبة عام 48 والمستهدف هم الأطفال، والنساء والشيوخ، وارجع لذاكرة الأبيض والأسود حتى الصورة الملونة التي لم تعد خافية على العالم الأبكم". فيما قال أبو عماد في العقد الخامس وهو يتفقد آثار القصف في أحد فصول المدرسة المستهدفة: لا يوجد مكان آمن في غزة، أسرة كاملة كانت في هذا الفصل وهي مطمئنة أنها لم تعد هدفا للاحتلال في هذه المدرسة الدولية المغلقة، لكنها استيقظت على شهداء وجرحى. لا يمكن تحديد مكان آمن في قطاع غزة ونحن على موعد مع تغريبة فلسطينية جديدة دموية في تفاصيلها أجبرت مئات الآلاف على النزوح القسري عدة مرات خلال الأسبوع الواحد. الناجون من المجزرة تكررت في كلماتهم مفردات النكبة الفلسطينية التي بدأت في منتصف القرن الماضي بمجازر مروعة طردت آلاف الفلسطينيين بقوة العصابات الصهيونية وعلى مدار 66 عاما تتكرر المجازر ولكن العصابات أصبحت جيشا والمشاهد أصبحت أكثر وضوحا، فيما يبقى الصمت المتواطئ لغة العالم حيال المحارق الاسرائيلية ضد الفلسطينيين.
17 شهيدا وعشرات الجرحى في مجزرة جديدة بسوق الشجاعية استشهد 17 مواطنا من بينهم أطفال وصحفين ومسعفين، مساء الأربعاء، إضافة لأكثر من 200 مصابا إثر استهداف طائرات الاحتلال مساء أمس سوق الشجاعية في غزة. واطلقت مدفعية الاحتلال عدة قذائف باتجاه المدنيين في سوق الشجاعية واستهدفت شققا سكنية في الجندي المجهول بمدينة غزة، وواصلت سيارات الإسعاف والسيارات المدنية نقل الجرحى والشهداء إلى مجمع الشفاء. وذكر شاهد عيان أن حريقا اندلع في المنطقة بعد استهدافها، ما أدى لتوافد سيارات الإسعاف والصحفيين، وبعد ذلك قامت طائرات الاحتلال بقصف المواطنين والوافدين للمنطقة بشكل مباشر، ما أدى لاستشهاد الصحفي "رامي ريان" الذي يعمل في وكالة محلية، وإصابة صحفيين آخرين، كما استشهد أحد المسعفين. من جانبه، قال أحد أطباء مشفى الشفاء، أن معظم الشهداء وصلوا المشفى برؤوس مقطوعة وجماجم متفجرة، ما يشير لاستخدام الاحتلال أسلحة محرمة دوليا. وبينت وزارة الصحة، أن ثلاثة شهداء وصلوا مشفى ناصر بعد قصف طيران الاحتلال تجمع للمواطنين،كما استشهد سبعة مواطنين، بعد تعرضهم للقصف من طيران الاحتلال.
ظلّ الجنين حيا في بطن شيماء تحت الركام أم غزاوية حامل تضع ابنتها بعد استشهادها تتواصل حكايات الموت والحياة في قطاع غزة.. أرواح تزهق وأخرى تبصر النور في مكان ما تحت أنقاض الركام أو في المستشفيات، وشيماء إحدى القادمين الجدد، تمسّكت بالحياة ليكتب لها أن تعيش وأن تخرج من رحم أمّ استشهدت لتتركها تصارع الأقدار بمفردها. استشهدت شيماء الأمّ، البالغة من العمر 23 عاما، والحامل في بداية شهرها التاسع في غارة استهدفت منزلها في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وأصيب زوجها إبراهيم، 27 سنة بجروح، وقد تمكّن المسعفون من انتشال جثّتها بعد أكثر من ساعة من بقائها تحت ركام منزلها الذي دمر بالكامل. وبوصول الجثّة إلى المستشفى تفطّن الأطبّاء إلى أنّ الجنين ما زال يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، وقد أثارت حركته في بطنها انتباههم، عندها تقرر إجراء عملية قيصرية لإخراجه. وأطلقت العائلة على المولودة اسم شيماء تيمّنا باسم والدتها، ورغم أنّها ما زالت تصارع للبقاء حية في حضانة صغيرة في مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع وتتنفّس عبر جهاز خاص للأوكسجين ويتم تزويدها بالغذاء عبر المحاليل الطبية، إلّا أنّها كتبت قصّة طفلة انتصرت بجسدها الصغير على آلة القتل الإسرائيلية وحملت رسالة أن شعبها سيظل يحيا على أرضه رغم أنف الاحتلال.